توشك الحرب الدائرة في أوكرانيا على إتمام عامها الأول، وسط غياب أي أفق للحل السياسي بين كييف وموسكو، فيما يقول خبراء أميركيون إن على واشنطن أن تتعامل مع الأزمة، وفق “مقاربة حذرة”، حتى لا ينزلق النزاع إلى مواجهة أوسع نطاقا بين الروس والناتو.
وتدفقت المساعدات العسكرية بسخاء على أوكرانيا خلال العام الماضي، فحصلت كييف على صواريخ “جافلين” و”هاوتزر” وطائرات مسيرة وعربات هجومية وأنظمة مضادة للطيران و”هايمرس”، فيما وافقت برلين وواشنطن، مؤخرا، على الإمداد بدبابات “ليوبارد 2″ و”أبرامز إم وان”.
يرى الكاتب إيشان ثارور، في مقال بصحيفة “نيويورك تايمز”، أن كييف ظلت تطلب المزيد في كل مرحلة من مراحل الأزمة، فيما ظل الغرب يستجيب، مرة تلو الأخرى، حتى وإن لم يفعل بالسرعة التي أرادها الأوكرانيون.
يخلص التحليل إلى فكرة مفادها “لقد أضعفتم روسيا بما فيه الكفاية، وفي حال مضيتم قدما نحو مزيد من الإضعاف، فإن الأمر قد يؤدي نتيجة عكسية، فينزلق لمواجهة بين موسكو والناتو”.
ويعتمد الكاتب على تقرير صدر عن مركز دراسات مرموق في واشنطن نبه إلى أمور لافتة في الأزمة الحالية، كما حذر من مغبة أخطاء قد تقع فيها واشنطن.
وصدر التقرير عن مركز الدراسات “راند كوب” الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1948، ويضم في صفوفه أكاديميين يُوصفون بصفوة الباحثين، وممن تحظى آراؤهم بالكثير من الإصغاء.
نصائح خبراء أميركيين لمسؤوليهم: لا ترتكبوا هذه الأخطاء!
- استمرار الدعم العسكري الحالي لأوكرانيا ينذر بالانزلاق نحو وضع خطير، لا سيما في حال طالت الحرب، فعندئذ قد يقع اصطدام مباشر بين موسكو والناتو.
- ربما يدفع طول أمد النزاع بالكرملين إلى نشر واستخدام أسلحة نووية، وهذا الأمر يؤكد ضرورة أن تشجع الأطراف الغربية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
- الحرب في أوكرانيا لا تخلو من منفعة بالنسبة لواشنطن، فهي فرصة حتى تكرس ريادتها في العالم، وسط تحجيم الدور الروسي الذي تعاظم قبل سنوات.
- ليس هناك طرف في هذه الحرب يستطيع أن ينتصر ويفوز بها، أي لا الأوكرانيون، ولا الروس أنفسهم.
- لا تستطيع موسكو، ولا كييف، إحراز نصر مطلق على النحو الذي تريدانه وتسعيان إليه.
- البلدان متفائلان إزاء احتمال كسب الحرب على المدى البعيد، لكنهما متشائمان أيضا بشأن ما سيأتي بعد وقف إطلاق النار أو إبرام سلام هش.
- بغض النظر عن الوعود، يبدو أفق المساعدات العسكرية الغربية غير واضح، لأن الرأي العام في الكثير من البلدان يبدو غير راض على تقديم معونات سخية وباهظة من ماله العام.
- استطلاع رأي أجرته مؤسسة “بيو”، مثلا، كشف أن عددا متزايدا من الأميركيين يرون أن بلادهم تقدم دعما أكثر مما ينبغي لأوكرانيا.
- طول الحرب يعني زيادة معاناة الأوكرانيين أيضا ممن يدفعون الفاتورة من حياتهم واستقرارهم.
- يحاول المسؤولون الأوكرانيون تصوير تلويح روسيا بالنووي بمثابة تهديد غير جدي، لكن التقرير يرى أن موسكو قد تقدم بالفعل على الأمر في حال استشعرت ما تراه خطرا وجوديا.
يكفي!
- يرى التقرير أن ما ألحقه الغرب بروسيا من خسائر حتى الآن قد يكون كافيا، وبالتالي، من الأفضل أن تتوقف مساعي إضعاف موسكو عند المستوى الحالي.
- في حال اندحرت روسيا إلى مستويات ضعف أكبر، بحسب التقرير، فإن ذلك قد لا يظل في صالح الولايات المتحدة، لأن الأمور حاليا مختلفة عما كانت عليه في بداية الحرب.
- ربما تحتاج روسيا إلى سنوات حتى تستعيد العافية العسكرية والاقتصادية، بعد كل ما لحقها بها من أضرار بعد اندلاع أزمة أوكرانيا.
- على واشنطن أن تقدم خارطة طريق إلى روسيا بشأن جدول زمني محتمل لتخفيف العقوبات في حال الإقدام على مبادرات نحو التسوية والعدول عن النهج الحالي.
ثمن باهظ مقابل مكاسب محدودة
يقدم الباحث كريستوفر، مدير مؤسسة كارينغي للسلام الدولي، رؤيته للحرب في صحيفة “ذا إيكونوميست”، قائلا:
- في حال جرى تجميد الحرب عند خطوط الجبهات الحالية، سيكون الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد دفع ثمنا باهظا للغاية مقابل مكاسب محدودة.
- القوات الروسية أظهرت عدم كفاءتها أمام أنظار العالم، كما أن موسكو صارت “منبوذة”، وعلاقاتها مع أوروبا جرى تدميرها، وربما يمتد التأثير عدة قرون.
- العقوبات التي جرى فرضها ستبطئ اقتصاد روسيا، خلال الأعوام القادمة، حتى وإن قدم الكرملين تنازلات معتدلة في خضم الحرب الحالية.
مصالح أوكرانيا ومصالح واشنطن
يقر التقرير بضرورة دعم الغرب لأوكرانيا، لكنه ينبه إلى عدم التطابق التام بين مصالح واشنطن ومصالح كييف.
وهذا الرأي معناه أن الأوكرانيين يسعون وراء ما يخدم مصالحهم، في حين يتعين على الأميركيين أن يراعوا أمورا أخرى ليست في حسبان كييف بالضرورة، مثل عدم انزلاق الحرب إلى مواجهة أشمل بين روسيا والناتو.
المصدر : سكاى نيوز