وسط الأجواء السائدة داخلياً في لبنان، بتناقضاتها العميقة ورؤاها المتصادمة، والتي لا تشجع على افتراض إيجابيات أو اختراقات في الجدار الحواري أو الرئاسي، يصل إلى بيروت، غداً، الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، ليبدأ «الفصل 3» من مهمّته الاستثنائيّة التي أوكلها إليه الرئيس إيمانويل ماكرون، ولو أن شكوكاً واسعة تحوم حول نجاح لودريان في اختراق الأزمة الرئاسية اللبنانية.
ومع ارتفاع التوقعات أن الشهر الجاري سيكون شهر الحراك الرئاسي، فإن الوسط السياسي ينتظر وصول لودريان، غداً، والمرة الثالثة، موفداً رئاسياً معنياً بمتابعة الأزمة الرئاسية، فيما تتفاعل بقوّة تردّدات المواقف الداخلية المتصادمة حيال رسالته إلى النوّاب أولاً، ومن ثم دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إلى حوار يسبق جلسات متتالية، وذلك من دون أن يتضح أي أفق حيال الاحتمالات التي قد تسلكها الأزمة، لا في مسألة بتّ الحوار، ولا في بلورة إمكان الخروج من دوّامة الشغور الرئاسي الممتدّ منذ 31 أكتوبر الماضي.
محطة الحسم
ويشكّل الأسبوع المقبل محطة الحسم التي ستتحدّد فيها الوجهة النهائية لمسار الأزمة الرئاسية، إذ تدوم زيارة الموفد الرئاسي 3 أيام، وليس واضحاً حتى الآن ما ستحمله من طروح جديدة، بعدما باءت كلّ المحاولات الفرنسية السابقة، بالفشل.
وتجدر الإشارة إلى أن الحوار الذي سيديره لودريان في مقرّ السفارة الفرنسية في بيروت،بعد غدٍ، سيشارك فيه الجميع، حتى المعارضة بحسب مصادرها، التي أكدت لـ«البيان» أنها أبلغت الفرنسيين مشاركتها، شرط أن يكون الحوار ثنائياً فقط، أي يضمّها إلى لودريان وفريقه، مع إصرارها على خطّيْن أسمتهما أحمريْن: رفضها لأيّ رئيس يكون جزءاً من مشروع الممانعة، مع قبولها بتسوية عمادها رئيس وسطي، ورفضها مأسسة الحوار وجعله بديلاً عن مؤسسات الدولة. علماً أن قوى المعارضة ثبّتت موقفها الجماعي من التحفظ عن أيّ حوار مع حزب الله وحلفائه، لعدم جدواه.
مبادرة بري
أما مبادرة نبيه برّي، التي كان اقتحم عبرها الاستحقاق الرئاسي باقتراح مثير للجدل، وقضى بدعوته رؤساء الكتل النيابية وممثليها إلى حوار في المجلس النيابي، مدة أقصاها 7 أيام، على أن يليه الذهاب إلى جلسات مفتوحة ومتتالية، وفق تعبيره، فيلفّها الغموض حتى الساعة، وذلك في انتظار الخطوة التالية التي سيُقدم عليها في الأيام المقبلة، ربطاً بتعاطي المكوّنات السياسية مع مبادرته، الذي سيحدّد ماهية هذه الخطوة، أكان في اتجاه استكمالها أو فرملتها على ما جرى في مبادرته الحواريّة السابقة.
وفي المحصلة، فإن حوارين مفصليّين سيطغيان على حراك سبتمبر الرئاسي، فإما أن ينجحا في التمهيد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو أمر مستبعد، وإما يثبتا أن لا حلّ محلياً للأزمة الرئاسية، فتنطلق ربّما بعدها مرحلة خارجية تأتي للبنان برئيس وفق معادلة دولية، يقول بعضهم إنها لم تنضج بعد.
المصدر: جريدة البيان الاماراتية