وسط «تضعضع» داخلي حيال قضية النزوح السوري، شارك لبنان الرسمي في أعمال «مؤتمر جنيف»، الذي انعقد أمس، وتمحور حول قضية النزوح وفقاً لـ4 أهداف رئيسة: تخفيف الضغوط عن البلدان المضيفة، تعزيز اعتماد اللاجئين على أنفسهم، توسيع نطاق الوصول إلى حلول البلدان الثالثة ودعم الظروف في بلدان الأصل من أجل العودة بأمان وكرامة.
في الوقت الرئاسي الضائع، ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وفد لبنان في المنتدى العالمي للاجئين، الذي انعقد أمس في جنيف، وكانت له كلمة من وحي المناسبة، طالب من خلالها المجتمع الدولي بـ«حل قضية النازحين، وعدم الضغط على لبنان لإبقائهم على أرضه».
ومن العموميات إلى الخصوصيات، لفت ميقاتي إلى أن كلفة النزوح السوري على لبنان، منذ بداية الأزمة السورية، تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وتساءل: «هل من المقبول أن يبقى العالم متفرجاً على وطن ينوء تحت أعباء فرضت عليه فرضاً ولا قدرة له على تحملها؟».
وإذ شدد على ضرورة «عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وتوقف المنظمات الدولية عن إغرائهم للبقاء في وطننا»، جدد ميقاتي مطالبته بأن «يتوجه الاهتمام الدولي بالنازحين نحو إعادتهم إلى المناطق المستقرة في سوريا، ولتقدم لهم المساعدات في وطنهم».
من أجل إسماع صوت لبنان كما يجب، وفرض تغيير في الموقف الدولي من عودة النازحين السوريين في لبنان إلى ديارهم، أكد ميقاتي «لن نبقى مكتوفي الأيدي ونتلقى الأزمات المتتالية، وأن يعتبرنا البعض مشاريع أوطان بديلة»، وخاتماً بالقول: «قدرنا أن نتشارك وإياكم تحدي معالجة النزوح، وندائي لكم أن تضعوا هذا الأمر في سلم الأولويات»، إذ «بتنا على شفير الانهيار الكلي».
لا تزال قضية النزوح السوري إلى لبنان في واجهة الانشغالات، إلى حد الإجماع على توصيفها بـ«القنبلة الموقوتة». أما لدى المسؤولين عن الملف ومتابعيه، فمؤشرات تؤكد وجود نيات غربية لإبقائهم في لبنان، مع تقديم إغراءات للبلد المضيف، ونصائح بأن يحسن لبنان التأقلم معهم ما دام وجودهم أمراً واقعاً لن يستطيع تجاوزه.
ووفق تأكيد أوساط وزارية لبنانية لـ«البيان»، جديد هذه القضية تمثل بالجدول الإحصائي الذي يبيّن توزّع النازحين السوريين في المناطق والأقضية اللبنانية الـ26، الذي أظهر أن الرقم الإجمالي الصادم للنازحين بات يقارب نصف عدد اللبنانيين الباقين في البلاد.
وفي انتظار ميقاتي أن تلقى مطالبة لبنان بالمعالجة السريعة لهذه الملف صداها من جنيف، وهو مدرك أنه يتحدث في زمن غير زمانه، وبملف لم يعد موضع اهتمام الدول، فإن مشاهد موجات النزوح السوري المتجدد، والمنظمة عبر المعابر غير الشرعية، باتت موثقة، وتثير الريبة والتساؤلات الصعبة لجهة الأجندة التي تتحكم بها، وفق تأكيد مصادر سياسية متابعة، فيما ثمة إجماع على أنه، ومع كل مسعى، يعود لبنان خائباً، نتيجة الضغوط التي تمارس وتعرقل أي مسعى لعودة النازحين إلى ديارهم، ذلك من بوابة كونها جزءاً من خطة إعمار سوريا، التي لم يتفق في شأنها بعد، عربياً ودولياً.
أما التحدي الأساس، فيبقى ماثلاً، ومفاده: أين هو ملف لبنان المتماسك، دبلوماسياً، لطرح خيارات التعاطي مع عودة النازحين إلى ديارهم، لجهة المسارات والآليات، كما المعوقات؟
المصدر: جريدة البيان الاماراتية