قال المتدبر السورى فى آيات الله عزيز احمد، أن الكثير من الناس يظن أن التعدد والتنوع بين المسلمين يثير التفرق والتنافر والاقتتال بينهم وأنه مضاد لتعاليم الإسلام الداعية للوحدة وعدم التفرق، ولا يتصورون وجود التعدد والتنوع في إطار الوحدة التي يدعو إليها الله في القرآن، ويريدون أن ينصهر الجميع في بوتقة واحدة، وأن يجعلوا من المسلمين نسخا مكررة عن بعضهم البعض طبقا لما يريده السلطان الحاكم، وهذا في الحقيقة هو المخالف تماما لتعاليم القرآن الكريم الذي أمر الله باتباعه ونهى عن اتباع السلاطين الذين يحكمون بغير ما أنزل الله فيه، والله تعالى يعلن في القرآن الكريم أنه هو الذي خلق الناس متنوعين مختلفين في لغاتهم وألوانهم الجسدية والفكرية، وأن هذا التنوع والاختلاف سُنة كونية غير قابلة للتبديل والإلغاء وأصل من أصول خلق الله لهم:{ ومِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ واخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ }[الروم,22].
وتابع ” يبين أن الغاية من خلقهم مختلفين في الذكورة والأنوثة وفي الانتماء إلى شعب من الشعوب وإلى قبيلة من القبائل هي أن يتعارفوا على بعضهم ويتعاونوا ويتراحموا ويتكاملوا في كافة الميادين وعلى كل المستويات؛ على مستوى العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، وعلى مستوى العلاقات بين أسر العشيرة، وبطون القبيلة، وعلى مستوى العلاقات في كل حي وقرية ووطن، وعلى مستوى العلاقات بين شعوب وأمم الأرض جميعا، فتقوم كل مجموعة بشرية بالتعرف على واقع المجموعات المختلفة عنها في الثقافة ونمط الحياة والتفكير، وتتبادل معها المعارف والخبرات التي تزيد كلا منها ثراء في المعلومات، وليتعاون الجميع في مختلف ميادين الحياة بطريقة تثري أفكار الجميع وتوسع مداركهم من أجل عمارة الأرض والنهوض والتقدم سوية، على أساس أنهم متساوون وأكفاء لبعضهم البعض، ليس لأحد منهم ولمجموعة منهم ميزة ولا فضيلة إلا بالعمل من أجل الخير والصلاح لأنفسهم وللبشرية:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }[الحجرات,13] وأنه لم يفرض عليهم شيئا بالإكراه بل وهبهم العقول وترك لهم حرية التفكير وجعل لهم وجهات نظر مختلفة ليختاروا ما يريدون، ويتسابقوا على فعل الخيرات :{ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[البقرة,148] ” .
أضاف المتدبر السوري عزيز احمد أن الله لم يفرض عليهم شرعة معينة ولا منهج محدد، بل ترك لهم الحرية في اختيار الشرعة والمنهج التي يريدون ليبلوهم ويتحملوا المسؤولية أمام الله يوم القيامة، ويثبتوا أنهم سبقوا غيرهم في فعل الخيرات واستحقوا نيل الدرجات العليا بالعمل والممارسة لا بالقول والادعاء :{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهَاجاً ولَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[المائدة,48]، وبيّن أن الاختلاف بين الناس دائم وأن إدارتهم لاختلافاتهم بالطريقة التي أمر الله بها، هو السبيل لنيل الرحمة،:{ وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمّةً واحدةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفينَ إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ }[هود،118].
واوضح أن من لطف الله ورحمته بهم أنه لم يشأ أن يجبرهم على أي شيء بشأن ما هم فيه يختلفون بقوله:{ ولَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ والظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصِيرٍ}[الشورى،8] وبيّن للناس كيفية إدارة الاختلافات بينهم بقبول الآخر المختلف والتعرف عليه والتعايش والتحاور معه للوصول إلى حل لما هم فيه مختلفون، وأنه لا يأتي منه إلا الخير، وأن ما يصيبهم من شر فهو من عند أنفسهم، وأن ما يصيبهم من نقمة وعذاب بسبب تنوعهم واختلافهم هو من عند أنفسهم وناتج عن سوء إدارتهم لاختلافاتهم وتنوعهم وعن مخالفتهم لما أمرهم الله به بهذا الخصوص، وعن تعصبهم وأمرهم أن يؤجلوا الحكم فيما لا يتفقون عليه إلى الله تعالى يوم القيامة:{ ومَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإِلَيْهِ أُنِيبُ [الشورى,10] وقوله:{ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }[آل عمران,55] وقوله:{ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }[المائدة,48] وأمرهم أن يتبادلوا المعارف والخبرات يتعاملوا مع بعضهم على أساس أنهم متساوون وأكفاء لبعضهم البعض، وأنه ليس لأحد منهم ميزة ولا فضيلة على غيره إلا بالعمل من أجل الخير والصلاح للنفس وللبشرية، ويقول:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }[الحجرات,13] وأن يتسابقوا على فعل الخيرات:{ ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[البقرة,148].