قال عزيز احمد، المتدبر السوري فى كتاب الله، أن كل من يقرأ القرآن يجد أن القول بقتل المرتد يتعارض مع الآيات التي تقر مبدأ الحرية الدينية وعدم الإكراه في الدين بقوله :{ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ }[البقرة،256] وقوله الذي لم يسمح فيه لأحد بأن يجبر أحدا على الإيمان بأي شيء وبين فيه الله لو شاء أن يجعل الناس مؤمنين به بالإكراه والجبر لفعل دون حاجة إلى أحد:{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَن مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس،99].
وأشار إلى قول الله تعالى الذي أمر الله فيه رسوله وخاتم أنبيائه أن يعلن أن الله ترك لهم الحرية في أن يؤمنوا وفي أن يكفروا:{ وقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }[الكهف،29] وقوله الذي طلب فيه من الذين آمنوا الإعراض عن الذين يستهزئون بالدين وعدم القعود معهم حتى يخوضوا في حديث غيره بقوله:{ وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا ويُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ والْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }[النساء,140].
وتابع المتدبر السوري ” يقول الله فى كتابه الكريم:{ وإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }[الأنعام,68] وأخبر رسوله والناس كافة أن يتركوهم حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون في قوله:{ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاَقُوا يَوْمَهُمُ الذِي يُوعَدُونَ }[الزخرف:83] و[المعارج,42] وقوله:{ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ }[الطور,45]”
أضاف أن الله لم يأمر بأي عقاب دنيوي على الذين يرتدون وينتقلون من الإيمان إلى الكفر، ويأمر رسوله بعدم الحزن على من يترك الإيمان ويختار الكفر وبيّن أنهم لا يضرون إلا أنفسهم:{ ولا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ ولَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً ولَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[آل عمران176-177] وأخبر أن الارتداد على الأدبار، إنما هو تسويل من الشيطان وتزيين وإملاء منه:{ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وأَمْلَى لَهُمْ }[محمد,25] وأن من يتبدل الكفر بالإيمان يخرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والضلال:{ ومَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } [البقرة,108] وبين أن الله لا يوفق للهدى الذين يكفرون بعد إيمانهم وجاءتهم البينات :{ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ واللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }[آل عمران 86].
وأكد عزيز احمد أن الله هدد الذين آمنوا، وُحذرهم من الارتداد وأمرهم أن يثبتوا على الإيمان، وحذرهم من العقاب الأليم للمرتد الذي يموت وهو كافر، في قوله: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون }[البقرة217] وقوله:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ و أُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ [آل عمران,90].
وقال أن الله توعد الذين يقيمون على كفرهم حتى يأتيهم الموت بالخسران في الدنيا وبالنار الخالدة في الآخرة:{ ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ وأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة,217].وأخبر الذين آمنوا أنهم إن تولوا عما أمرهم الله به أن يستبدل بهم مَن هو خيرٌ منهم، وأقوم سبيلًا، كما بين في قوله:”{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38] وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة54 ]
ومما يؤكد على عدم مشروعية قتل المرتد أن الله ترك لهم باب التوبة مفتوحا لأنه لو كان الحكم فيهم القتل لما ترك لهم ذلك بقوله:{ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا ولَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ومَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ومَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصِيرٍ }[التوبة,74] وما كان ليعفو عن الذين يتوبون منهم , ويعذب الذين لا يتوبون :{ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } [التوبة,66].