قال عزيز احمد، المتدبر فى كتاب الله، أن الله تعالى يبين في القرآن أنه أنزل على رسوله وخاتم أنبيائه كتابا مبينا ليهدي به من اتبع رضوانه إلى سبل السلام وليخرجهم من ظلمات العنف والعدوان إلى سبل السلام بقوله :{ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ويُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ }[المائدة15-16] وقوله:{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }[إبراهيم,1]وقوله :{ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }[الحديد7-9] وقوله:{ رَسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }[الطلاق,11] وليدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن كما أمره الله بقوله:{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل,125].
واشار المتدبر السورى إلى قوله الله تعالى:{ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي وسُبْحَانَ اللَّهِ ومَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }[يوسف108] وقوله:{ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }[الأنعام, 57]، وقوله:{ فَادْعُ واسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ولا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللَّهُ رَبُّنَا ورَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا ولَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا و بَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا و إِلَيْهِ الْمَصِيرُ [الشورى,15]، دون إي إكراه.
وتابع احمد ” كما بيًن الله في قوله:{ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ [البقرة,256].وقوله:{ وقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }[الكهف،29] ذلك لفعل :{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }[يونس،99] ويبين في آيات أخرى أن الله ينهى عن قتل أي نفس بشرية إلا بالحق:{ ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }[الأنعام151] ويتوعد كل من يقتل النفس بغير الحق بالخلود في النار:{ ولا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وكَانَ لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً }[النساء,29 -30] ويعتبر قتل النفس البشرية أي نفس كانت بصرف النظر عن جنسها ولونها ولغتها بغير حق بمنزلة من قتل الناس جميعا، ويجعل حفظها من القتل حفظا للبشرية كلها:{ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً }[المائدة,32] ”
أضاف أن الله سبحانه وتعالى يدعو إلى ضمان سلامة الفرد البشري من القتل بغير الحق ومن التعرض له بأي شكل من أشكال الاعتداء، ولا يأمر بالقتال إلا في الحالات التي أجمعت عليها شرائع الإنسان على وجوب القتال كدفع العدوان عن النفس وعن المظلومين الذي لا سبيل إلى دفعه إلا بالقتال:{ وقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }[البقرة ,190]، وينهى عن العدوان بكل أشكاله بقوله:{ ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}[المائدة,2]قتال يقوم على إيثار السلم والجنوح إليه :{ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ }[الأنفال61]و على مسالمة الذين يكفون عن قتالهم:{فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا }[النساء90] وعلى معاملة الذين يقاتلونهم بعد انتهاء القتال بالبر والقسط والعدل وبالمودة والرحمة:{ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً واللَّهُ قَدِيرٌ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }[الممتحنة7-8] وعلى إعطائهم سهما من صدقاتهم لتأليف قلوبهم وليبينوا لهم أن الإسلام دين السلام والرحمة والإحسان:{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِينِ والْعَامِلِينَ عَلَيْهَا الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفِي الرِّقَابِ والْغَارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللَّهِ وابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }[التوبة,60].