قال المتدبر المغربى فى كتاب الله القرآن الكريم رشيد اليوسفى، أن هناك فرق بين فرض عليكم وكتب عليكم، موضحا معنى الفرض والفريضة.
وتساءل اليوسفى، هل الفرض أو الفريضة لهما مفهوم الإكراه؟ مع العلم أن الله تعالى يقول (لا إكراه في الدين)، فالدين لايملك أدوات الإكراه .
وأوضح اليوسفى أن الفريضة هي ميثاق به بنود و شروط عند الإنخراط في شراكة مصداقا لقوله تعالى :
(وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) ٢٤ النساء، وهل الفرض أمر مع العلم أن أمر الله( كن فيكون )؟
فلو كان الصوم والحج والزكاة أمر لركع وسجد جميع أهل الأرض عند كل آذان.
وتابع ” وقد تكون الفريضة عبارة عن نصيحة كما جاء في سياق الآية:
(آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ آلله إن الله كان عليما حكيما) ١١ سورة النساء .صدق الله العظيم.
أضاف المتدبر المغربى، أما فعل كتب ومشتقاته هي كاتب وكتاب ومكتب، ولن يفهم معنى الكتاب إذا لم تكتمل عناصره، فعندما تكتمل عناصر الصوم على جميع من حضر وعاين تلك العناصر أن يقوم بعمليات الصوم، كذلك عندما تكتمل عناصر الموت فإن النفس تغادر الجسد.
أما الدين كما يقول اليوسفى، فهو مسار وسلوك وقيم، فالمسلم هو من يبتعد عن الإجرام وذلك باتباع (الصراط المستقيم) فالإنسان مبرمج بالفطرة على معرفة الخير والشر .
أكد اليوسفى أن (الأمر) في الدنيا قطعا لا يكون إلا لمن له سلطة مادية أو معنوية .
وأشار اليوسفى الى أن الإسلام جاء كمدرسة ليخرج الناس من الجهل والظلمات إلى المعرفة والنور، وذلك بالتدريج والتدرج، وليقضي على اقتصاد الريع من خلال القضاء على العبودية وعلى عبادة الأشخاص وعلى البغاء وما ملكت الأيمان وعلى البغي والظلم، كما جاء الإسلام كمدرسة لتطبيق الحياة المدنية حيث قبول الأختلاف والتغيير والتطور ونبذ اقتصاد الريع الذي يمثله الأسياد والمترفون.
قال المتدبر المغربى أن قيم العدل والحرية والمساواة والوفاء بالعهود والمواثيق والإحسان لليتامى والمساكين (من السكون) والفقراء والصلاح في الأرض هي الصراط المستقيم والهدى، وهذا ما لقنته هذه المدرسة للإنسانية عبر الأنبياء والرسل، بالإضافة إلى معارف أخرى كتدجين الحيوان وركوب الخيل، صناعة الخشب والعربات والسفن، والخياطة والحياكة، والصيد، والرعي، وغيرها .
أضاف أن انطلاقا من هذا التحليل البسيط فإن الإسلام جاء لخدمة الناس وليس العكس (كأن يخدم الإنسان الله وهو تعالى الغني الحميد ) فالكثير من الناس يظنون أنهم يقدمون مهمة للإله من خلال الصلاة والزكاة والصوم والصيام، متجاهلين أنهم يتجهون إلى الغني الحميد خالق هذا الكون الفسيح، ففي قيام الصلاة وفي الحج يتوجهون لمناجاته تعالى ولطلب المغفرة إن هم يتبعون صراطه المستقيم، أما الزكاة والإحسان فمقاصدهما الأمن والسلم الإجتماعي فهما في صالح الإنسان وليس الخالق، والصوم هو (خير لكم) فهو يقوم بإزالة شوائب الجسد ويساعد في المحافظة على الصحة العامة ويعلم الصبر والتحمل .
وتابع اليوسفى، لقد ختم الله هذه المدرسة بالوحي الأخير بعد أن أصبح الإنسان قادرا على خلق مدارس متعددة في المعرفة وفي التشريع بالشورى ، والتشريع لنفسه في الحلال لكونه يتغير حسب الظروف والبيئة والذوق وحسب تغير المعرفة، أما الحرام فهو إلاهي أبدي محكم ومفصل ويحتاج إلى دلائل وبيان، وبذلك فإن العبادة تكون خارج المساجد بالعمل الصالح والبر والإحسان والعدل، أما العبادة التشخيصية فهي أوقات مخصصة لمناجاة الخالق ولطلب المغفرة لكون الله تعالى لا يوجد فقط في دور العبادات بل في كل ميقات وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، من هنا سمح لكل أمة مناجاته في مناسك مختلفة مصداقا لقوله تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الحج.