الاعتراف بالحق فضيلة فكلنا نخطئ ونصيب ولا عيب أبدا فى ذلك. انما العيب الحقيقي يكمن في مكابرتنا وإنكارنا للخطأ وعدم الاعتذار عنه
ومهما أوتي الإنسان من العلم، او من القدرة على الفهم، فإنه مفطور على الخطأ لاننا في البداية والنهاية بشر نجتهد علي قدر ما تتيحه لنا عقولنا من إدراك لمعطيات الواقع والظروف التي نتعامل معها. ولهذا اكره كثيرا الي حد الرفض من يتعاملون بغرور و استعلاء وتكبر على من حولهم
وتحضرني هنا واقعة ارددها دائما في كل لقاءاتي لأشجع على الاجتهاد وعلى الاختلاف معي حول بعض ما اقوله بلا خوف او تهيب او تردد….اما الواقعة فهي اني عندما تعرفت على المفكر العربي على محمد الشرفاء تلك الشخصية النبيلة الراقية الوطنية ذات البعد الفكري المتسم بالعمق والتوازن والامانة فضلا على ما يتمتع به من مهابة وعزة فى تواضع ورحمة كان ذلك أول درس تعلمته منه وهو احترام الاختلاف بكل بساطة وتواضع وقبول الحوار بكل ود وتفهم وصبر رغم انتصار رؤيته فى كثير من الأحيان فى نهاية الأمر.
تذكرت هنا لقاء جمعنى بالراحل الدكتور مصطفى محمود وكيف كان بسيطا بشوشا متواضعا قابلا للاختلاف رافضا للخلاف.
وبدأ فى محاضرته التى تطوف من خلالها على كثير من الايدولوجيات المختلفة.
كان يحاضرنا بشعره الأشيب وبوجهه المتغضن وبهيبته ووقاره الذي ينطق بحكمة السنين، وكان هادئا و متدفقا بأفكاره … و طلب منه أحد الحضور الرد على ما قاله فأعطاه الاذن ووقف الطالب ليسجل وبكل شجاعة اختلافه مع ما طرحه الدكتور مصطفى محمود حول بعض ما جاء في محاضرته وقارعه الحجة بالحجة ولم يقاطعه وفوجئنا بالأستاذ الكبير، وهو من هو، يشكره علي تعقيبه ويسلم له بكل ما قاله ويعترف انه اضاف له كثيرا قائلا لقد نبهتني الي بعض ما فات علي فى المحاضرة..
ومن هنا احييك علي تعقيبك الذي استفدت منه… وعندها صفق الجميع لأدب وتواضع وهدوء المفكر الكبير الذي تعامل به مع هذا الصغير لتحفيزه ولدعم ثقته بنفسه..
هذه كانت الواقعة واترك التعقيب لحضراتكم لتقارنوا بين هذه النوعية من التنويرين المخلصين قدوة وقيادة وبين غيرهم ممن يطفحون بالغرور والاستعلاء رغم ما فيهم من عيوب تكاد تنطق…
وهكذا لاقى المفكر العربي على محمد الشرفاء قبول دعوته التى كتب الله لها التوفيق لأنه ممن يشجعون الحق في الاختلاف والاجتهاد ، وينبذون ولا يقبلون التربية العلمية القائمة على التبعية والانسحاق والانقياد.. ولهذا تفوق وتميز وابدع لان معيار الجدارة فوق رءوس الجميع.