أكد الشيخ محمد بن حميد القاسمي، رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في الشارقة، أن اقتصاد المستقبل الذي سيشكل قاعدة التنمية هو الاقتصاد القائم على المعرفة والبيانات التي تعد من أهم عناصره.
وقال إن استخدام البيانات يساعد في وضع إستراتيجيات قائمة على الأدلة لتوفير الاستجابة الدقيقة لاحتياجات المجتمعات، لافتا إلى أهمية دور البيانات في عملية التنمية، إذ تسهم في قطاع التعليم، على سبيل المثال، في رصد النمو السكاني وتحديد تفضيلات الطلبة من التخصصات، وبالتالي تطوير المرافق التعليمية، والتوفيق بين المناهج والتخصصات من ناحية ومتطلبات السوق الوطنية من ناحية ثانية، بينما تساعد في القطاع الصحي في إدارة الموارد الصحية وتحسين توزيعها وتعزيز البحوث الطبية وهو ما يسهم بدوره في تسريع وتيرة الابتكار الطبي وتطوير علاجات جديدة بناءً على بيانات دقيقة، وهو ما ينطبق كذلك على صعيد الاستدامة والوقاية من الأزمات والكوارث وتحسين أداء الهيئات الحكومية والشركات والمؤسسات بشكل عام.
وأضاف الشيخ محمد بن حميد القاسمي، في حوار خاص مع وكالة أنباء الإمارات “وام” قبيل انطلاق فعاليات النسخة الأولى من المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية، الذي تنظمه دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية يومي 9 و10 أكتوبر الجاري في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات بالشارقة تحت شعار “معايير تصنع التغيير”، أن قضية البيانات بوصفها ثروة حيوية هي قضية متطورة باستمرار لكنها وصلت منذ سنوات إلى مرحلة باتت تشكل فيها شرطاً أساسياً في التخطيط الناجح والإدارة السليمة وفي تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية والمجتمعية.
وأوضح: “نهدف في المرحلة الأولى من المنتدى الذي يعتبر الأول من نوعه على مستوى المنطقة، إلى تحقيق عدة نتائج هي، إطلاق حوار واسع حول البيانات وكيفية استثمارها وتعزيز بنيتها التحتية بهدف دعم جهود الحكومات والمؤسسات نحو تحقيق التنمية المجتمعية لشعوب وبلدان المنطقة وتطوير خدمات الصحة والتعليم والارتقاء بآليات اتخاذ القرارات الخاصة بالنمو السكاني والتجمعات الحضرية وتوزيع الموارد، وغيرها من سياسات، كما نحرص على تعزيز ثقافة البيانات ودمجها في الحياة والممارسات الاجتماعية سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات والمنظمات ذات التخصصات التنموية”.
وردا على سؤال حول صور توظيف إمارة الشارقة للبيانات، قال الشيخ محمد بن حميد القاسمي، إن الإمارة حققت بفضل رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، منجزات نوعية قائمة على توظيف البيانات، من أبرزها ما تحقق في مجال تعزيز الابتكار في الزراعة والإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي والذي تعد مزرعة مليحة نموذجاً له؛ إذ عمل القائمون عليها على الاستثمار في البيانات من أجل توفير محاصيل زراعية ومنتجات حيوانية تستند إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، واستعانوا ببيانات الأقمار الصناعية والطقس وبيانات السكان واحتياجاتهم المستقبلية وحجم التوسع الجغرافي.
وأردف: “عندما نقول إن إنتاج المزرعة يغطي 100% من احتياجات الإمارة فهذه حقيقة مبينة على البيانات ونتائج تحليلها، وعندما يفوز مشروع المزرعة بعلامة الجاهزية للمستقبل، فهذا يعني أن هناك استثماراً للبيانات في التنبؤ والتوقعات المستقبلية الدقيقة سواء على مستوى النمو السكاني أو على مستوى حجم حاجة السكان المستقبلية، وهذا التوظيف للبيانات في الإمارة يدخل أيضا في التخطيط للتوسع العمراني وعمليات توزيع الأراضي على المواطنين وسندات ملكية المحلات التجارية، وما يتطلبه ذلك كله من خدمات صحية وتعليمية وتجارية وغيرها، وكذلك في رسم خارطة المستفيدين من الرعاية الاجتماعية وغيرها من الخطط والإستراتيجيات”.
وفيما يتعلق برؤيته لمستقبل البيانات في إمارة الشارقة، قال الشيخ محمد بن حميد القاسمي، إن مستقبل البيانات منفتح على خيارات متعددة، وإن الشارقة تنظر إليه باعتبار البيانات ركيزة من ركائز التنمية المجتمعية والاستدامة والازدهار والتقدم، وهي رؤية تتجسد في مسمى المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية؛ إذ حرص القائمون عليه على أن تكون التنمية عنصراً رئيسياً في المعادلة وفي السياسات والمساعي، وفي محاوره التي تتوزع على مساحات تنموية هامة وحيوية.
واستطرد بالقول إن البيانات مثل غيرها من الثروات والاختراعات والأدوات، محايدة بالمطلق، لكن الإرادة الإنسانية هي التي تقرر مستقبل استثمارها، وإن للشارقة منطقها التنموي الخاص وهو أن يكون كل تقدم علمي وكل ثروة في خدمة الإنسان وطموحاته.
وفيما يتعلق بأهم المحاور التي سيتناولها الحدث وأبرز المتحدثين فيه، أوضح الشيخ محمد بن حميد القاسمي، أن المنتدى يربط بين البيانات ومجالات التنمية مثل الصحة والتعليم والاستدامة والتنبؤ بالأزمات والاستجابة لها ونجاح الأعمال والتخطيط الحضري للتجمعات السكنية، إلى جانب العديد من المحاور التقنية التي تغطيها جلساته وكلمات المتحدثين فيه من قادة الفكر ورواد القطاعات والمسؤولين في القطاعين العام والخاص؛ إذ يتضمن جدول أعماله أكثر من 60 فعالية متنوعة تبحث وتستعرض إستراتيجيات توظيف البيانات في خدمة الأفراد والمجتمعات، تشمل 18 خطاباً ملهماً و20 جلسة حوارية و24 ورشة عمل متخصصة، إلى جانب معرض متخصص.
ونوه إلى أن المنتدى يشهد مشاركة أكثر من 100 متحدث ما بين مسؤولين حكوميين وشخصيات قياديّة وسياسيّة وخبراء في مجال البيانات والإحصاء وقطاع الأعمال، من أكثر من 30 دولة عربية وأجنبية من بينها الإمارات وسلوفاكيا والمملكة المتحدة والأردن وسويسرا وإيطاليا وكينيا والسعودية ونيوزيلندا وكندا وإستونيا والسويد وكينيا وسلوفاكيا وألمانيا والهند وسييراليون وغيرها من الدول.
وتضم قائمة المتحدثين في النسخة الأولى من المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية؛ فخامة كيرستي كالجوليد، رئيسة جمهورية إستونيا السابقة، وفخامة آندريه كيسكا، الرئيس السابق لجمهورية سلوفاكيا، ومعالي الدكتورة هالة السعيد، مستشارة رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية في جمهورية مصر العربية، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية سابقاً، وآنا كونيج جيرلمير، عمدة ستوكهولم السابقة، وماموسو باتريشيا كومي ماساكوا، نائبة وزيرة التعليم الأساسي والثانوي في سيراليون، والدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي بمصر، إلى جانب الدكتور ماجد إبراهيم عثمان، مدير المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) ووزير سابق للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومدير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، والشيخ فاهم بن سلطان بن خالد القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية بالشارقة، والبروفيسور جير كراوس، أحد الشخصيات الرائدة في مجال التعليم، وهو أول مدير عالمي للتعليم في “كيدزانيا” وغيرهم.
وحول خطط الدائرة عقب استضافة المنتدى، قال الشيخ محمد بن حميد القاسمي، إنها تندرج في سياق البحث والتطوير والارتقاء بالمحتوى والمخرجات مردفا: “نحن نسعى لأن يكون المنتدى منصة إقليمية للبحث والنقاش والتحليل في عالم البيانات وأن يسهم في تطوير سياسات وخطط وإستراتيجيات الحكومات المستقبلية، وهو ما يعني أننا سنحرص على أن يواكب مسيرة التنمية في المنطقة ويستجيب للتحديات ويقترح الحلول المناسبة، كما نستهدف أيضا الخروج بتوصيات فعالة وعملية تدعم جهود دول المنطقة التنموية وتعزز التعاون الإقليمي في مجال توظيف وتبادل البيانات.
نقلاً عن وكالة أنباء الإمارات