بينما وانا ابحث عن مقعدى داخل الطائرة المتجهة الى برلين واذا برجل المانى عمره فى منتصف الخمسينات ياخذ مقعده بجوارى ونظرت اليه بابتسامة وتعارفنا سويا وقال لى انها المرة الخامسة له والتى قام بها بزيارة مصر، وتبادلنا الحديث عن اهم المعالم السياحيه التى زارها فى مصر، ثم فوجئت اننى امام عالم متخصص فى علم الاثار المصريه ، وقال لى يجب ان تفخروا ببلادكم و بانكم مصريين فهى البلد الوحيد الذى خصص له علم فريد لاكتشاف اسراره التاريخيه وهو علم المصريات التى لم تحظى به دولة اخرى بمثل هذه الاهمية على وجه المعمورة، وقام بسرد اهم المعالم الاثرية التى زارها مثل عازف الناى التى يعزف بالناى على ضفاف النيل يحكى بانبهار عظمة الاثار المصريه والتى تحكى تاريخ طويل من البطولة والعزة والكرامة لشعب مصر العظبم، وحكى لى انه زار اهرامات الجيزة الشامخة امام تحديات الماضى والمستقبل منذ عصر بناة الاهرامات للاسرة الفرعونية الثالثة والرابعة للملك خوفو وخفرع ومنقرع وامامهم الوزير والقائد ابو الهول الذى له عقل انسان يدل على الحكمة وجسم اسد يدل على القوة والشجاعة ، ثم انتقل بمعزوفته الى الهرم المدرج فى سقارة والذى يحكى اول بناء هرمى فى التاريخ هرم سقارة او هرم زوسر الذى تم بناءه فى القرن 27 قبل الميلاد لدفن الفرعون زوسر وقام ببناءه وزيره امحوتب الثالث وهو المهندس الرئيسى للمجموعه الجنائزيه فى فناء الهرم وما يحيطه ، به ثم بعد ذلك بدأ يتحدث عن المتحف المصرى بانه يعتبر من اكبر المتاحف فى العالم والذى تم افتتاحه فى عهد الخديوى عباس حلمى سنه1902 والذى اصبح معلما تاريخيا فى وسط القاهرة يضم مجموعة لامثيل لها مثل المجموعه الجنائزية ولوحة الملك نارمر التى تخلد توحيد مصر العليا والسفلى تحت اْمرة ملك واحد وهى تعتبر من القطع الاثرية التى لاتقدر بثمن لتماثيل رائعه للملوك العظماء خوفو وخفرع ومنقرع بناة الاهرامات ومجموعة الاثار الذهبيه للملك الشاب توت عنخ امون ، وانتقلنا بحديثنا الشيق الذى يغوص فى اعماق التاريخ وعظمة الاثار المصريه الخالدة فى صعيد مصر وهى بالطبع حلم لكل سائح يزور ارض المحروسه وهى ان تكون رحلته على النايل كروز كما يسمونها وهو فندق عائم يبحر فى النيل العظيم يحكى اسطورته عن مدينة الاقصر والتى تضم ثلثى اثار العالم ومنها معابد الكرنك والاقصر وهى تعتبر مجمع الاديان الذى شارك فى بناءه ثلاثون ملك من ملوك الفراعنة وهو بمثابة مدينه صغيرة اتخذا المصريون القدماء مكانا للعبادة لمئات السنين ويضم اهم مجمع دينى وصفته منظمة اليونسكو 1979 بانه اعظم تراث بشرى ثم بعد ذلك من خلال ابحار الفندق العائم النايل كروز يتم زيارة مدينة ادفو وكومبو بمتحفيها ثم فى نهاية الرحله يتم زياره مدينه اسوان عروس الجنوب والتى يوجد بها معبد فيله والذى تم بناءه فى القرن الثالث لعبادة الأله ازيس والتى توالت عليه الكثير من العصور مثل اليونانيه والرومانيه والبزنطيه حيث ترك كل عصر طابعه الخاص على جدران هذا المعبد ليصبح شاهد على تخليد روعة التاريخ المصرى العريق .
انه بالفعل كان حديثا شيقا كما لو اننى اشاهد لوحة رسام يعزف بريشته اهم ملاحم تاريخ مصر الفرعونى، وفى نهاية الرحله تطرق الى تفكيرى انه اذا كان غير المصريين من جميع جنسيات العالم ينبهرون بحضارتنا فانه يجب ابراز جميع المقاصد السياحيه المصريه المتنوعه بشكل احترافى مثل السياحة الثقافية والسياحة الشاطئية فى مدينة شرم الشيخ والغردقه ومرسى علم وما يتبعها من الانشطة المتنوعة من الغوص فى اعماق البحر الاحمر ومشاهدة الشعاب المرجانية التى ليس لها مثيل فى العالم وكذلك سياحة السفارى والسياحة الدينية لزيارة دير سانت كاترين، وانبرى الى تفكيرى فى التو والحال ان مصر يمكنها اجتذاب 100 مليون سائح سنويا وفتح افاق واسعة لفرص العمل وتشغيل الشباب من خلال التوسع فى بناء الفنادق بجميع مستوياتها بحيث تستوعب القوه الشرائية المختلفة لمجموعات السائحين والقضاء على جميع سبل التعرض للسائحين من الباعة المتجولين فى المناطق الاثرية، وقد قامت مصر بالفعل باولى خطواتها نحو تميهد الطرق والكبارى والتى تربط الدولة الحديثة بشكل مترابط لكى تكون اول نواة لدعم المشروعات السياحية فى مصر .
محمد عبد السلام – خبير سياحى .