تقع الأسر السورية اللاجئة في الأردن بين فكي الواقع المرير والخوف من المستقبل، فالواقع يفرض بأن تتخذ الأسر قرارات صعبة لا ترغب بها، ولكن ليس أمامها رفاهية الخيارات، ومن هنا فإن العديد من هذه الأسر باتت تفكر أنه لا جدوى من تعليم الأبناء، وأن إلحاقهم في سوق العمل قد يساعدهم في الإنفاق الشهري على توفير متطلباتهم الأساسية.
ووفقاً للإحصائيات، فإن وزارة التربية والتعليم في الأردن تستقبل في مدارسها أكثر من 150 ألف طالب سوري، وهذه الأعداد تعتبر هائلة وتؤثر سلباً على منظومة العملية التعليمية ومخرجاتها بحسب المختصين، ونتيجة لتراجع الدعم الدولي المقدم لهم بشكل كبير، فإن هناك مخاوف بأن تلجأ هذه الأسر إلى قرار ترك الدراسة للأبناء، والتوجه نحو خيارات قاسية وهي غير محمودة على المدى البعيد نتيجة ارتداداتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
يقول عضو مجلس النواب الأردني السابق، محمد ارسلان، إن التعليم في البداية هو حق، ويجب النظر له بهذا الشكل، ولكن الأردن في ظل تراجع المساندة الدولية فإنه بات يتحمل فاتورة عالية نتيجة اللجوء، الذي من المفترض أن يسهم المجتمع الدولي في تكاليفه، ففي قطاع التعليم فإن المدارس الأردنية تتحمل عبئاً وحملاً زائداً أدى إلى التأثير على طبيعة ونوعية الخدمات التعليمية المقدمة للطلبة.
وبين ارسلان أن هناك محاولات دبلوماسية حثيثة من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وتطبيق مبادرة «خطوة بخطوة»، التي تتضمن في تفاصيلها تهيئة الظروف من أجل تشجيع العودة إلى سوريا، ومن المتوقع أنه خلال السنتين المقبلتين سيكون هناك تحرك لعملية العودة بعد أن كانت تعيش عملية جمود.
وأوضح النائب الأردني أن تراجع الدعم سيكون له مخاطر اجتماعية وأمنية واقتصادية، فترك مقاعد الدراسة والولوج إلى سوق العمل من قبل الأحداث لا يصب في مصلحة أحد، واستمرار تعليمهم أفضل من هذه الخيارات الأخرى والتي تعد خطيرة.
وبحسب وزارة التربية والتعليم الأردنية فإن الحكومة الأردنية تتكبد تكاليف مرتفعة على قطاع التعليم لاستمرار الخدمة التعليمية للاجئين جراء تقديم الخدمات القصوى من قبل الوزارة، حيث يبلغ متوسط الإنفاق على كل طالب 720 ديناراً أردنياً في المدارس الحكومية التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم.
وقبل سنتين، أظهرت إحصائية أن جيلاً كاملاً من الأطفال السوريين في الأردن سيواجهون مستقبلاً مظلماً، بعد أن كشفت إحصاءات صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن نحو 83 ألف طفل سوري في المملكة «خارج أسوار المدارس»، أي ما يشكل نحو ثلث الأطفال السوريين الموجودين في الأردن.
مخاطر مستقبلية
ويبين رئيس قسم الاقتصاد في جامعة اليرموك، د. قاسم الحموري، أنه من المتوقع أن يشهد هذا العام زيادة ملحوظة في ظواهر غير محمودة نتيجة تراجع الدعم الدولي للاجئين، حيث ستزداد عمالة الأطفال بين اللاجئين، وسيكون هناك تسرب ملحوظ من المدارس فضلاً عن الزواج المبكر للفتيات، وغيرها من الظواهر الخطيرة المرفوضة، وفي ذات الوقت فإن وجود أكثر من 150 ألف طالب سوري في ظل عجز الموازنة في الأردن ومحدودية الموارد وتردي البنية التحتية في المدارس فهذا يفرض ضغوطاً إضافية على المملكة.
وبين أن المجتمع الدولي يجب أن يقوم بالإيفاء بالتزاماته تجاه اللاجئين، فإهمال مساندتهم سيكون له مخاطر متعددة، ومن أهمها التأثير على تعليمهم بمختلف مستوياته، وفي المحصلة فإن هذه الظروف سيكون لها انعكاس على مستقبلهم كأجيال نشأت دون تعليم.
المصدر: جريدة البيان الاماراتية