قال الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نعتصم جميعا به ولا نتفرق، مؤكدا أن دين الاسلام يجتمع المسلمون جميعا على نبي واحد ومن هنا أتى حكمة ختم النبوة، ففي هذا الدين يجتمع المسلمون في الشرق والغرب في جميع بقاع الأرض على قبلة واحدة وعلى كتاب واحد ورب واحد سبحانه وتعالى.
أضاف أن الإسلام يعطينا دائما عناصر الوحدة وليس عناصر الفرقة، فقال تعالى ” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”
واكد مفتى الديار المصرية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الفرقة تؤدي بنا إلى نار جهنم، وهى ضياع في الدنيا والآخرة، والاعتماد يؤدي إلى الوحدة حتى لو اختلفنا.
وتابع ” عندما يضيق بنا الأمر وتضيق بنا الأرض بما رحبت ويتغير علينا الزمان ونقع فريسة للأمم, أمرنا سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم أن نلتمس الهداية من كتاب الله، فقد قال النبي من التمس الهداية في غيره أضله الله، ومن الهداية التي تركها لنا سيدنا رسول الله نكررها وكثيراً لا نفعلها, ونأمر بها وكثيراً ما نتغاضى عنها هى الوحدة، وحدة القلوب, ووحدة الصفوف, ووحدة الأمة, وعدم الفرقة فيما بيننا حتى نكون يداً واحدة أمام الناس أجمعين”.
واشار مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء الى أن الناس ليسوا كلهم أعداء ولا كلهم أصدقاء ، ولا كلهم حلفاء، ولا كلهم خصماء, الفرقة أصابت الأمة وأصابت الناس ، وأصبح المسلمون يتنازعون فيما بينهم أكثر مما يتفقون, ويختلفون أكثر مما يتوحدون, والله تعالى ورسوله يأبا ذلك, متابعا، تركنا سيدنا رسول الله بعد أن وحد قبلتنا ووحد صلاتنا ووحد كلمتنا على كلمة سواء “لا إله إلا الله محمد رسول الله” كلمة تجمع ولا تفرق ،وتوحد ولا تشتت ، فإذ بنا تركنا كل ذلك ورائنا ولم نستمع لكلام الله تعالى ولا لكلام رسوله حتى أصبحنا في هذا البلاء الذي نحن فيه, والذي ندعو الله أن يزيله.
أضاف، قال تعالى ﴿ واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَاناً وكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فجعل خلاف الاعتصام بحبل الله على سبيل الوحدة طريقاً للضلال والهلاك وجعله على شفا حفرة من النار .
أضاف جمعة، علمنا الله ورسوله الاتحاد, وكثير من الناس ما يسأل لما تقولوا هذا ؟ وهل يتأثر الناس به؟ الكلمة ولو كانت بسيطة متى خرجت لله وبأمر الله فإن الله يسمّع بها العالمين إلى يوم الدين؛ وعندكم مثالكم الأعظم ونبيكم الأكرم صل الله عليه وسلم وقد أتى وحده فتكلم بالكلام الصدق فإذ به أكثر الناس تبعاً إلى يوم الدين ، وإذ به قد رفع الله له ذكره وأعلى شأنه وجعل أتباعه أكثر أتباع دين على وجه الأرض وعلى مر العصور .
وقال، ادعوا إلى الوحدة وإلى تأليف الصفوف لينتهي النزاع والخصام بين الناس فيما بينهم, ويقل الخصام والنزاع بين الدول التي تنتمي إلى دين واحد, وها هو عدونا يرتع من كثرة فرقتنا وقلة حيلتنا يضرب هذا وذاك, ويأخذ من هذا ويأخذ من هذا ،وكل عناصر الوحدة موجودة بين المسلمين إلا أن عناصر الفرقة في الواقع أكثر.
كان المفكر العربى على محمد الشرفاء الحمادي قد وجه تحذيرا للعرب والمسلمين، مؤكدا أن اكثر الدول العربية شعوبها تنتمي إلى الإسلام، والإسلام عقيدة وفرائض وشريعة ومنهاج، وشروط المسلم المؤمن الحق طاعة الله فيما بلغه الرسول عليه السلام عن ربه، ويُعرف المسلم الحق بسلوكه وأعماله ومعاملاته مع الناس. ومن أهمها، أمر الله سبحانه للمسلمين بقوله (وَٱعْتَصِمُوا۟ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًۭا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ ۚ)، وأمر الله سبحانه ( وَلَا تَنَـٰزَعُوا۟ فَتَفْشَلُوا۟ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ )، وأمر الله سبحانه (وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلْإِثْمِ وَٱلْعُدْوَٰنِ ۚ ) موضحا أن تلك أوامر الله للمسلمين، وطاعة الله مُلزمة وواجب تنفيذها على كل مسلم، ومن يخالف أوامره فقد عصى الله وأخلّ عهده في إسلامه.
المفكر على الشرفاء أكد فى تحذيره للعرب والمسلمين أنه إذا لم يتم تطبيق الآيات المذكورة في العلاقات بين الدول العربية واعتبارها دستورا مقدساً يطبقونه في علاقاتهم مع أشقائهم، فقد هجروا القرآن وتخلوا عن شرعة الله ومنهاجه، لذلك يجب أن تكون أوامر الله المذكورة أعلاه العناصر المؤسسة للعلاقات العربية توضع عنوانا ملزمًا لكل القيادات العربية في ميثاق الجامعة العربية إن كانوا مسلمين حقاً وصادقين مع الله في طاعته التي ستحقق لهم الأمن والأمان والعزة والوحدة وصد العدوان والحفاظ على حماية الأوطان وضمانة لحقوق الإنسان، ومواجهة البغي والظلم والطغيان، وإلا فليستعدوا للحساب يوم القيامة فلن تنفعهم أنانيتهم ولن تذود عنهم مصالحهم الشخصية ولن يحميهم من العقاب سلطاتهم الدستورية يوم الحساب.
وتساءل «الشرفاء» هل التزم المسلمون بما أمرهم الله وبلغهم رسوله عليه السلام ليحققوا السلام والأمن في مجتمعاتهم ومواجهة اعدائهم بوحدة متراصة وقلوب مؤمنة نذرت أرواحها للذود عن أوطانها وحماية قيمها الالهية التي تنشر السلام للناس جميعاً؟ لماذا تم إغفال الأوامر الالهية وتم إختطاف رسالة الإسلام وإغتيال أهدافها السامية؟
ألا يعتبر كل من يخالف تلك الأوامر الالهية التي وردت فقط في ثلاث آيات عاصيا لله وأنه لم يلتزم بعهده مع الله؟ ولو اتبع ما امرهم الله (حكاما ومحكوما) لما حدثت المآسي في العالم الإسلامي منذ وفاة الرسول عليه السلام الى اليوم ؟
وهل من نقض عهده مع الله يمكن الاعتماد عليه والثقة به في المعاملات
والعلاقات السياسية والدفاع المشترك عن القضايا العربية؟
يستكمل «الشرفاء» ” وليعلم الجميع أن أجل الإنسان يحوم حوله، لن تمنعه الجيوش ولا أجهزة الأمن ولا الأموال، كلٌ سيأتيه يوما يقضي الله فيه أمره وينقضي أجله في أي لحظة، كما قال سبحانه وتعالي {قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِى ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ ۖ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌۭ} فلا يستخف الحكام بقضاء الله ولا تلهيهم تجارة ولا متعة ولا ترف ولا قوة عن أمر الله ولينظروا إلى التاريخ القريب كم من جبار قسمه الله حين جاءه أجله، وكم طاغية إنهارت قواه وأصبح يستجدي العون على قضاء حاجته، وكم ظالم ظن أنه خالداً فأتاه أجله في لحظة لم يحسب لها حساباً، وكم ذكرت آيات الذكر الحكيم من العبر، وكم سقطت عروش وإمبراطوريات تحت أنقاض الحجر، وكم بادت حضارات على مر الزمن، فلا مفر من الله”.
ويتساءل المفكر العربى على محمد الشرفاء، هل أدرك الإنسان العبر؟ وهل استعد ليوم لن ينفعه غير اتباعه قول ربه في آياته وما ذكر حتى الرسل والأنبياء مآلهم يوم يقضي الله فيه ما أمر وحين ينظر الناس في يوم الحساب بحسرة لا يملكون من أمرهم شيئا إلا انتظار القدر وتسألهم الملائكة الغلاظ الشداد حينها كما وصف الله في قوله لهم ( أَلَمْ تَكُنْ ءَايَـٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ،، قَالُوا۟ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًۭا ضَآلِّينَ ) المؤمنون(١٠٥/١٠٦) .