إن صلاة الجمعة فرض إلهي تأكيدا لقول سبحانه:
(يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْا۟ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُوا۟ ٱلْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌۭ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) الجمعةُ (٩).
فالله سبحانه يخاطب المؤمنين ولا يخاطب المسلمين لأن المؤمنون هم الذين عاهدوا الله على طاعته ولن يُخلفوا عهدهم مع الله، وكل من يذهب للصلاة يوم الجمعة
يحمل إيمانه معه ويعبد الله بما أمن به وبما التزم أن يؤدي صلاة الجمعة طاعة لله، ولا يعنيه ما يقوله الخطيب من روايات تشوه رسالة الإسلام بل يعيش المسلم في تفاعله مع الله بما صدق ما جاء في الكتاب المبين وما استيقن به من فهمه وإدراكه لمقاصد آيات الذكر الحكيم، وليس عليه ذنب إذا شذّ الخطيب عن
ما أمر الله المؤمنين بأن يتبعوا شرعة الله ومنهاجه، وقد وضع الله سبحانه قاعدة العدل في قوله سبحانه (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌۭ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ) (كُلُّ نَفْسٍۭ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) ولا يحاسب الإنسان بذنب غيره، والتشريع الإلهي بشأن دعوة الله المؤمنين للصلاة يوم الجمعة لا يتحمل مسؤلية ذنب الخطيب ولا توجد حجة منطقية أو تشريعية تبرر عدم طاعة الله وتنفيذ أوامره ولا يحق لأي إنسان تغيير تشريع الله في الفرائض، فعلى المؤمن الطاعة ليرضى الله عنه ويغفر له ذنوبه ويمنحه الأجر والثواب.
أما فيما يتعلق بالنهي الإلهي عن الجلوس في مجالس تثار فيها أحاديث تتناقض مع آيات الله؛ فطاعة الله واجبة بعدم استخدام آيات الله بالاستخفاف وتبادل الاتهامات وتتحول إلى منازعات، الطريق المستقيم واضح كالشمس في شروقها وأنوار القرآن تنير الطريق للتائهين وتحرر العقول والقلوب لتتبين طريق الهدى وتخرج من الظلمات إلى النور، ومن يتبع شرعة الله ومنهاجه ويسير على خطاها فالله يحصّنه من كل الوساوس والأوهام وإغواء الشيطان، ولن يتحقق ذلك إلا بالتمسك بآيات القرآن والإيمان المطلق بتطبيق شرعة الله ومنهاجه، وقد يلاحظ الإنسان أثناء قراءة القرآن أن الله سبحانه يخاطب المؤمنين الذين بايعوا الله وعاهدوه أن يسيروا على الطريق المستقيم باليقين والعمل الصالح، ففي الدنيا طريقين؛ طريق الحياة الطيبة وفيها السكينة والطمأنينة والسعادة يتحقق لمن سار على المنهاج الإلهي وأطاع الله دون تردد أو شك في تشريعاته ونواهيه فسيفوز يوم القيامة بجنات النعيم،
وإما أن يختار الإنسان طريق الباطل الذي اتبع ما أسسته الروايات من مذاهب وطوائف وعقائد إبتدعها الفقهاء وشيوخ الدين ليصرفوا المسلمين عن القرآن الكريم كما شهد الله واشتكى رسوله في قوله سبحانه: (وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَـٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانَ مَهْجُورًۭا) الفرقان (30)
فلا يحتاج الإيمان إلى إثباتات كونية بأن الله هو خالق السموات والأرض وخالق البشرية وهو الواحد الأحد الذي يدعو الإنسان ليتبع هديه بعقل مدرك لمقاصد الآيات وقلب مفتوح وعقل متجرد من تلوث التراث والمرويات والأساطير التي أغرقت عقول الأجيال وجعلتهم يعيشون في الأحلام والأوهام ويؤلفون الفقهاء قصصاً ما أنزل الله بها من سلطان أبعدتهم عن شرعة الله ومنهاجه التي سيسألون عن اتباعها يوم الحساب، وأصبح أساتذة السرد القصصي ومؤلفي الأساطير يُدخلون في عقول المسلمين قضايا لا تمت لدعوة الله لهم للإيمان وطاعته لما ينفعهم ويصلح حالهم، بل كل صاحب موهبة في الأرقام يدعو المسلمين لمعجزة الأرقام لينبهر الناس بقوله، يتحدثون عن معجزات اللغة ويستمعون لهم وعقولهم مخطوفة بما يقوله من يسمونهم العلماء وبعضهم نسي الله وغالى في عبادة الرسول، بينما الرسول لا يملك شيئاً من أمره والملك والأمر كله لله الواحد الأحد.
ضيعوا المسلمين ولم يجرؤوا أن يخفوا الإسلام الذي سطره الله في الآيات البينات الذي سيظل نور يضيئ القلوب والعقول حتى قيام الساعة، وأخشى على المسلمين يوم يقفون أمام الله ولم يجدوا ما يقدمونه لله من عمل الصالحات حينها سيندمون بتركهم التدبر في قرآنه والبحث في بيانه عن الصراط المستقيم وتطبيق شرعته ومنهاجه عملا ً وسلوكاً ومنهج حياة يحميهم ويعصمهم من ارتكاب المعاصي والذنوب ويطهرهم ويزكيهم ليفوزوا بجنات النعيم.