في القرن الخامس الهجري عاش إماما حنبليا اسمه (أبو علي الأهوازي) متوفي عام 446 هـ، وكان من صفاته (حب معاوية بن أبي سفيان) فوضع كتابا في فضائله استنكره عليه ابن تيمية لاحقا وقال أن هذا الكتاب مكذوب ..
عمنا الحج الأهوازي كان يكره الإمام “أبو الحسن الأشعري” إمام أهل الأشاعرة المتوفي عام 324هـ وصنف فيه كتابا اسمه (مثالب ابن أبي بشر) قال فيه بأن الأشعري (كافر زنديق) وقال جملة شهيرة في الكتاب هي (أن الأشعري مات سكرانا على ظهر غلام، لعنه الله وأخزاه وجعل جهنم مأواه وجميع من يعتقد اعتقاده) صـ 77
علما بأن أبي بشر هو (جد الأشعري) فكان الأهوازي يصف أبي الحسن بهذه الكنية وينسبه لجده تنزها عن نسبه للأشعري المقصود به الصحابي الشهير (أبو موسى الأشعري) الذي هو جد أبو الحسن الكبير..
المهم: خد بالك من كلمة الأهوازي “مات على ظهر غلام” يعني كان يتهم الأشعري باللواط وإنه مات مفضوح أثناء فعل هذه الفاحشة مع غلامه، وبالطبع ثار الأشعرية على هذا الكلام وهذا التكفير فتصدى له الإمام ابن عساكر المتوفي عام 571 هـ وألف كتابا اسمه (تبيين كذب المفترى فيما نسب للأشعري) وفيه أن ابن عساكر اتهم الأهوازي بالكفر والتشبيه والتجسيم، ورد الشبهات على إمامه لأن ابن عساكر من رؤوس الأشاعرة أساسا..
طبعا هذا الكلام لم يُعجب الحنابلة فتصدى لابن عساكر واحد من أئمتهم اسمه “جمال الدين يوسف بن المبرد” المتوفي عام 909هـ وألف كتابا لتكفير ابن عساكر اسمه (جمع الجيوش والدساكر في الرد على ابن عساكر) وفيه تكفير للأشاعرة كلهم وأولهم ابن عساكر اللي عامل فيها رامبوا وبيكفر إمامنا أبو علي الأهوازي..!!
أصل المشكلة كلها في البداية خالص إن تلاميذ الأِشعري اتهموا أبو علي الأهوازي بالكفر لأنه كتب كتابا اسمه الصفات روى فيه حديث “عرق الخيل الشهير” وفيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال : أن الله لما أراد أن يخلق نفسه أجرى الخيل حتى عرقت فخلق نفسه من هذا العرق”..!..يانهار اسود..!…يانهار ازرق..!!..الحديث مصيبة وفيه كفر صريح وإهانة للذات العليا إن ربنا سبحانه وتعالى مخلوق من عرق الخيل، واللي قال هذا الكلام شيخ حنبلي مشهور فى زمانه..
فطبعا الأهوازى بعدما رأى هجوم الأشاعرة عليه كتب كتاب “مثالب ابن أبى بشر” يعنى بتقولوا عليا كافر؟..طب يالا انتوا كلكم على بعضكم مع إمامكم (كفرة زنادقة) وتبقى واحدة بواحدة.. ومفيش حد أحسن من حد..!
دى صفحة من صفحات كتب التراث اللى حاولت ألخص منها مئات الصفحات فى بوست من عدة سطور عشان الناس تفهم ما هو التراث الذى ننقده، وكيف كان يجرى تقديس الأئمة، اللى واضح جدا إنها كانت صراعات شخصية وعقائدية قديمة جدا أخذت أكبر من حجمها، ولأن شيوخ الوهابية والجماعات والأصوليين (قدسوا التاريخ) وجعلوه دينا، فطبيعى يجرى تقديس هؤلاء الأئمة التكفيريين اللى طرحنا أسماءهم وصراعاتهم العبثية، علما بأن ردود هؤلاء على بعضهم (لم تكن عقلية) بل روائية، يعنى على طريقة (قالوا وقلنا) فعندما يريد الأهوازى تكفير الأشعرى، يقول حدثنا فلان عن علان إن الأشعرى كافر، والعكس صحيح عندما أراد ابن عساكر تكفير الأهوازى، حدثنا فلان عن علان برضه..وهكذا المنهج كله على بعضه ميسواش تلاتة تعريفة ولن تخرج منه بمعلومة واحدة ولا فكرة واحدة لأن محدش كان بيفكر أساسا.
بس ياسيدى ..
#نقد_الموروث