جاء فى كتاب الله القرآن الكريم كل ما يتعلق بتوزيع الميراث، إلا أن البعض قد يلجأ لتفضيل أحد أبنائه ومنحه بعض ممتلكاته، إضافة إلى ميراثه الشرعى، فهل ما تم توزيعه جزء من الميراث ام هبه وعطايا.
قال الدكتور على فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن بعض الفقهاء أجازوا تفصيل الأبناء فى الميراث اذا كان له مبرر شرعى.
وكشف أن المبرر الشرعى، على سبيل المثال، إذا كان هناك شخصا أنجب عددا من الأبناء وأنهوا تعليمهم وتزوجوا وآمن لهم معيشتهم، ثم أنجب أطفالا صغارا، ففى هذه الحالة لا مانع من تفضيل هؤلاء الصغار فى الميراث بما يعادل ما تم إنفاقه على أشقائهم من تعليم وزواج لتأمين معيشتهم.
وفى فتوى رقم ٦٧٥٣ لدار الإفتاء المصرية تحت عنوان حكم التسوية بين الأولاد فى العطايا والهبات ورد بعض الشبهات،، كان نص التساؤل والجواب كما يلى،،
“سائل يقول: لي أخ وأربع أخوات، وقد كتب والدنا للذكرين منّا نصف ممتلكاته في حياته، وترك الباقي نرثه جميعًا؛ فهل ما فعله أبي فيه ظلم للبنات؟ أليس ذلك يزرع الأحقاد والكراهية وقطيعة الرحم بيننا؟
وماذا عن هبة النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما لأحد أبنائه بستانًا؛ فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَعْطَيْتَ كُلَّ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»؟ وماذا عن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»، وقوله: «لا وَصِيةَ لوارِثٍ»؟
وأعتقد أنّ الذي يباح تمييزه عن إخوته هو الابن من ذوي الهمم، والابن الذي ساعد والده في زيادة ثروته، والذي ليس له حظ من التعليم بأن كان فلاحًا مثلًا، وأن ذلك في مذهب الإمام أحمد بن حنبل فقط دون بقية المجتهدين. فما قولكم؟
فيما جاء رد دار الإفتاء ” جمهور الفقهاء والمعتمد للفتوى أنَّ التسوية بين الأولاد في العطايا والهبات مستحبةٌ، فإذا وهب الوالد لأبنائه جميعًا هبة ما، ثم ميز أحدهم بقدر زائد عن الباقين، أو خصه ابتداءً بشيء دون سائر إخوته كان هذا الوالد تاركًا للمستحب لا تاركًا للواجب الذي يأثم تاركه، ولا بأس بالتفضيل بين الأولاد إذا كان لمعنى معتبر شرعًا يقتضي التخصيص؛ كأن يختص أحدهم بحاجةٍ، أو مرضٍ، أو كثرة عيالٍ، أو اشتغال بالعلم.
وما جاء في بعض روايات حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما التي ذكرها السائل لا دلالة فيه على وجوب التسوية بين الأبناء في العطية؛ لأنَّ الجَور هو الميل عن القصد والاستواء والاعتدال، فهو بهذا الاعتبار يَصدُق على المكروه كما يصدق على المُحَرَّم.
وأمّا القول بأنَّ ما صنعه الأب في الواقعة المذكورة في السؤال من أنَّ تخصيص أبنائه الذكور بالهبة سيؤدي إلى زرع الأحقاد والكراهية والبغضاء وقطيعة الرحم فيما بينهم، وهي محرمة، فمَا يؤدي إليها؛ كالتفضيل يكون مُحَرّمًا أيضًا. جوابه:أنَّ هذا لا يصلح تعليلًا؛ لأنَّه يتخَلَّف في كثير من الأحوال والصور؛ فقد يحصل مع شخص دون شخص، أو لا يحصل شيء منه أصلًا في حالة لم يطَّلع عليه أحدٌ غير الموهوب له، فترتُّب المحرم عليه غير مُتَعَيِّن.
وأما ما ذكره السائل من قول النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنَّك أَن تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغنِياءَ خَيرٌ مِن أَن تَدَعَهم عالةً يَتَكَفَّفُون الناسَ في أَيدِيهم» “مسند أحمد”، وقوله: «لا وَصِيةَ لوارِثٍ» “سنن ابن ماجه”، فلا علاقة له بالمسؤول عنه؛ لأنّ هذين الحديثين في الوصية، والصورة المسؤول عنها متعلقة بالهبة حال الحياة.
وما ذكره السائل من أنّ الابن الذي يُبَاح له التميز عن إخوته هو الابن من ذوي الهمم، والابن الذي ساعد والده في زيادة ثروته، إلى غير ذلك.. وأنَّ الذي أباح ذلك الإمام أحمد بن حنبل فقط دون بقية الفقهاء فليس صحيحًا مطلقًا.
فى سياق متصل كشف مركز الأزهر العالمى للفتوى الإليكترونية، حكم المفاضلة بين الأولاد فى الهبة، وذكر إنه يجوز توزيع الأموال على الأولاد حال الحياة، والقاعدة إن الإنسان حال حياته يجوز له التصرف فى ماله كيفما يشاء، ما دام أنه كامل الأهلية بأن يكون بالغًا، عاقلًا، مختارًا، غير محجور عليه، وفى غير مرض الموت، وكل ذلك شريطة ألا يقصد بتصرفه حرمان وارث من إرثه، فإن الأمور بمقاصدها، أى أن الإنسان لو قصد بتصرفه حرمان وارث من إرثه، أصبح آثمًا بنيته هذه، وينبغى له التسوية بين أولاده، فقد اتفق العلماء على مشروعية العدل بين الأولاد فى العطية فلا يخص أحدهم أو بعضهم بشىء دون الآخر .
وعلى هذا، فإنه يجوز للرجل أن يوزع أمواله على أولاده حال حياته، ولكن هذا يُعد من قبيل الهبة لا من قبيل الميراث، ولابد أن يكون ذلك فى حال صحته وليس مرض موته، وفي هذه الحالة ينبغى له أن يسوِّى بين أولاده جميعًا، ويكره تفضيل بعضهم على بعض منعًا لحدوث النزاع بينهم، وحرصًا على سلامة صدورهم.