قال الشيخ محمد شهدي ، وكيل بوزارة الأوقاف، أن الإسرائيليات التى حُشيت بها كتب التفسير غاب عن مدونها مقصد علم التفسير، والأحاديث الموضوعة، والمتعارضة مع القرآن الكريم، وغاب عن مدونها أيضا مقصد تدوين النص النبوي الشريف، وإصرار بعض شارحي الحديث النبوي على إثبات ما لا يمكن قبوله عقلا ولا منطقا كإثبات الإمام ابن حجر العسقلاني صحة قصة الغرانيق يدل على تشوش الرؤية للمقصد الأسمى ، وورود أحكام فقهية تتنافى مع كل منطق سليم وذوق رفيع، فضلاً عن تعارضها مع نصوص الوحي المعصوم هو دليل على غياب المقصد وفقدانه الأمر الذي دفع إلى إثارة الشبهات حول هذه العلوم التي لم تشهد لها الدنيا في أصلها مثيلا.
وطالب شهدي ، فى تصريحات خاصة ل ” رسالة السلام ” ، الجميع بقراءة كل مجال من مجالات التراث الإسلامي في ضوء المقاصد المبتغاة من تدوينها وما وافق منها مقصده قبلناه، وما حاد عن مقصده أعملنا فيه علوم التشريح إما لعلاجه أو استئصال مشاكله.
ولفت الى أن عادة عبادة السلف وأفكار السلف ليست جديدة في الساحة العالمية، ولا عجب أن القرآن الكريم قد أشار إلى هذه الحالة البشرية المتخلفة حين شنع على مقولة (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) فجاء الرد مغرقاً في البساطة والعمق ( أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون).
وأضاف شهدى انه لو تتبعنا أصول نشأة هذه العادة القبيحة لربما وصلنا إلى قصة نوح عليه السلام حين عبد قومه السلف الصالح يغوث ويعوق ونسراً، لكن تطورت أشكال هذه العبادة بالتزامن مع سلم الارتقاء الإنساني، فعندما تأتي حضارة ضعيفة بعد حضارة قوية أو جيل مُثقل بالعقد النفسية بعد جيل منفتح على العلم والحضارة، فإن الضعيف لا يجرؤ على مفارقة أفكار سلفه القوي ولو قيد أنملة ، فهو قد كبّل نفسه بسلاسل قد رمى مفاتيح أقفالها للقرون السابقة، فصار يشحت أنفاسه من أوكسجين سلفه المتجبر بغير حول منه ولا قوة، فلنأخذ مثالاً في هذا المقال الحضارة الإغريقية العظيمة التي أعقبتها الحضارة الرومانية، ثم الحضارة المسيحية التي مزجت بين عقائد الديانة الإبراهيمية وبين بعض فلسفات الإغريق التي رأت فيها الكنيسة خلاصاً لها من جمودها وضعفها وركاكتها رغم كون الإغريق مصنفين ضمن عبدة الأوثان!
جاء ذلك ردا على مقال ” أسباب الخلاف والفرقة بين المسلمين تكمن فى اتباع الروايات وتقديس الشيوخ وهجر القرأن ” للمفكر العربى على محمد الشرفاء ، هذا نصه ،،
إن الأسباب الحقيقية وراء المشاهد التي عاشها المسلمون من وفاة الرسول إلى اليوم من فرقة وقتال وتناحر تعود إلى سبب واحد هو الانصراف عن منهج الله الذي جاء في القرآن، ولذلك حدثت الفرقة التي أصلت لها النصوص المغلوطة والروايات المكذوبة، فتوحيد كلمة المسلمين تكمن في اتباع القرآن بنصوصه الواضحة وأحكامه الصالحة، فالله ليس له وكلاء في الأرض، وشيوخ الدين انحرفوا بتحديهم الله عز وجل حين عينوا أنفسهم وكلاء على الناس يراقبون أفكار الناس ويحكمون على معقداتهم .
إن استمرار هذا العبث يذكرنا بما حدث في القرن الثالث عشر في أوروبا عندما سيطرت الكنيسة على أفكار الناس، وإصدار الإحكام الجائرة عليهم.
فليعلم الناس جميعًا بأن الإسلام حرَّر العقل من سيطرة السلطة الدينية على عقولهم، وأمر الله سبحانه الناس بحرية التفكير والتدبر في شريعته ومنهاجه دون وكيل منه أو سلطة غاشمة، استحلت لنفسها باسم الدين حق الله للحكم على أفكار الناس ومحاسبتهم على عقائدهم.
ولو اتبع المسلمون كتاب الله وطبقوا شرعته ومنهاجه لما حدثت الاختلافات في الأحكام المتناقضة مع شريعة الله في قرآنه، وما تفرقوا في أحكامهم، ولا بد من الفصل بين حكم الله الذي اختص به وحده والشريعة الإلهية التي وضعها للناس لاتباعها في أحكامهم في الدنيا بما جاء في كتابه المبين.
فهل كلف الله سبحانه وكلاء عنه في الأرض من الرسل أو الأنبياء أو شيوخ الدين يراقبون الناس في أفكارهم وقناعاتهم وعقائدهم ويحاسبونهم ويعاقبونهم على ما آمنوا به؟ ألا يعتبر ذلك الموقف تحديًا لحكم الله في كتابه المبين، بأن الصلاحية لله وحده بمحاكمة المؤمنين والكافرين يوم القيامة؟
هل للشيوخ حق الحكم على الناس؟
فمن يا ترى يملك حق إعطاء شيوخ الدين محاكمة الناس على عقائدهم؟ وهل استندوا إلى شرعة الله في قرآنه، أم يتسلطون على الناس بمصادرة حق حرية الاعتقاد وحرية التفكر والتدبر في كتاب الله، الذي أمر عباده بأن يتفكروا في آياته ويتخذوا مقاصدها مرشدًا لهم في حياتهم الدنيا، حتى يعم العدل بين الناس وحقهم في حرية التفكير لمعرفة طريق الحق الذي سيعينهم على الابتعاد عن ارتكاب المعاصي والذنوب في الحياة الدنيا، ليأمنوا حساب يوم القيامة، فمن يا ترى أعطى حق الله لشيوخ الدين لحساب خلق الله على أفكارهم وعقائدهم ومحاكمتهم على قناعاتهم؟
عصور الظلام في أوروبا وسيطرة الكنيسة
هل المسلمون يعيشون في عصور محاكم التفتيش في عقائد الناس كما حدث في القرن الثالث عشر في أوروبا وسيطرة الكنيسة على أفكار الناس، وإصدار الإحكام الجائرة عليهم؟!
الإسلام حرَّر العقل
فليعلم الناس جميعًا بأن الإسلام حرَّر العقل من سيطرة السلطة الدينية على عقولهم وأمر الله سبحانه الناس بحرية التفكير والتدبر في شريعته ومنهاجه دون وكيل منه أو سلطة غاشمة، استحلت لنفسها باسم الدين حق الله للحكم على أفكار الناس ومحاسبتهم على عقائدهم.
الشيوخ يعتدون على حق الله
فهل استمد شيوخ الدين سلطتهم من الشريعة الإلهية في القرآن الكريم، أم اغتصبوا حق الله في الحكم على خلقه؟ فالمسلم يشترط في إيمانه بعد الله إلهًا واحدًا لا شريك له؛ أن يؤمن بكتاب الله القرآن الكريم الذي أنزله على رسوله عليه السلام وبما تضمنته آياته من شريعة ومنهاج حياة للناس جميعًا.