تعد الزكاة من أهم ركائز الإسلام، ولها أهمية كبيرة في بناء وتطوير المجتمعات الإسلامية. ومن أهم أهداف الزكاة انها تعمل على توزيع الثروة بين جميع أفراد المجتمع بطريقة موزعة بالتساوي وتخفيف الفقر والحاجة لدى الفقراء والمحتاجين وتشجع الأغنياء على البذل والعطاء للمحتاجين، مما يعزز روح التكافل والتعاون والمحبة بين أفراد المجتمع.
كما ان الزكاة تعمل على تحفيز الأغنياء على الاستثمار في مشاريع اقتصادية تعود بالنفع على المجتمع، كما أنها تساعد على تخفيف الديون وتحسين وضع الفقراء والمحتاجين، مما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد العام ، وأيضا تعمل الزكاة على تقريب الأغنياء من الفقراء والمحتاجين، وتعزيز الروابط الاجتماعية بين جميع أفراد المجتمع، وبذلك تعزز الوحدة والتضامن بينهم.
هذا بخلاف ان الزكاة من العبادات التي تحقق الثوابت الدينية، وتربط الإنسان بخالقه، كما أنها تعمل على تحقيق رضى الله تعالى، والمساهمة في بناء مجتمع متوازن ومتكافئ وبالتالي، فإن الزكاة تمثل أساساً مهماً في النظام الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الإسلامي، وتعمل على تحقيق العدالة والتضامن والتكافل
في حوا ر خاص لموقع رسالة السلام مع فضيلة الدكتور احمد عبد الستار عضو المجمع الفقهي بالعراق حول الزكاة في الإسلام طرحنا على فضيلته عدة أسئلة منها
- من وجهة نظر فضيلتكم ما هي نسبة الزكاة في الإسلام؟
نسبة الزكاة في الإسلام تعتمد على قيمة الثروة التي يمتلكها المسلم، وتُفرض الزكاة على الأموال التي تبلغ النصاب، وهو مقدار الثروة الذي يجعلها مشمولة بالزكاة.
فنسبة الزكاة تبلغ 2.5% من قيمة الأموال المشمولة بالزكاة، وتوزع الزكاة على فئات محددة من المحتاجين في المجتمع، مثل الفقراء والمساكين والمحتاجين وغيرهم.
يجب على المسلم دفع الزكاة مرة واحدة في العام، ويتم حسابها على الثروة التي تمتلكها بعد مرور الحول الهجري الكامل، أي مضي 12 شهرًا من تاريخ دفع الزكاة السابقة.
- لكن المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يري ان نسبة الزكاة 20% وليست 2.5 استنادا الي قول الله تعالي (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الاية (41) سورة الانفال
نسبة الزكاة في الإسلام هي 2.5% وهي مبينة بوضوح في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى في سورة التوبة: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”، ولم يرد في القرآن الكريم أي معلومة تشير إلى أن نسبة الزكاة هي 20%.
بالنسبة للآية التي ذكرتها، فهي تشير إلى خمس الغنائم التي كانت تفرض في زمن الجاهلية، والتي تشمل الزكاة والصدقات والجزية والغنائم والخمس، وقد جاء الإسلام ليحدد نسبة الزكاة بوضوح ويعتبرها من أركان الإسلام، وليست بمجرد صدقة تبرع بها المسلم للفقراء والمحتاجين.
إذا كان هناك اختلاف في الرأي بشأن نسبة الزكاة، فيمكن أن يرجع ذلك إلى اختلاف في التفسير والاجتهاد، ولكن الأغلبية العظمى من العلماء والفقهاء يرون أن نسبة الزكاة هي 2.5%.
- ولكن الاية التي استشهدت بها فضيلتكم لا تنص علي قيمة فمن اين جائت نسبة 2.5% التي تستند اليها النسبة المحددة للزكاة والتي هي 2.5% مشتقة من السنة النبوية وتأتي على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة التي تحدثت عن ذلك.
فقد جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الصدقة فلم يكن عندي شيء فقلت: يا رسول الله إني ذهبت ببعض مالي فهل أجود من هذا؟ قال: “لا تجد ولا دنانير ولا دراهم ولا بقرا، ولكن أخرج من كل باب صدقة فإن باب الجهاد باب صدقة وباب الصوم باب صدقة وباب الصدقة باب صدقة وباب الأمر بالمعروف صدقة وباب النهي عن المنكر صدقة، فأخرجها من الباب الذي تحب”.
د. احمد عبد الستار
النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يحدد نسبة الزكاة بشكل محدد، ولكنه أوصى بأن يكون المسلمون سخاء في إخراج الصدقات والزكاة وأن يتصدقوا من كل باب
ومن هذه الحديث يتضح أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يحدد نسبة الزكاة بشكل محدد، ولكنه أوصى بأن يكون المسلمون سخاء في إخراج الصدقات والزكاة وأن يتصدقوا من كل باب، ومن خلال العمل بهذه الأحاديث النبوية وتطبيقها على الأموال التي تمتلكها الأفراد يمكن حساب نسبة الزكاة التي تبلغ 2.5% وهي النسبة التي قُررت على أساس هذه الأحاديث النبوية واستمرت على مر العصور والأزمنة في العالم الإسلامي.
- حتي هذا الحديث لم ينص علي قيمة والقمية الوحيدة التي نص عليها القرآن هي خمس الغنيمة وفق ما قاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
صحيح أن الحديث الذي ذكرته لا يحدد نسبة محددة للزكاة، ولكن النسبة المذكورة في القرآن الكريم هي خمس الغنيمة في المال والمواشي وهذه النسبة تختلف عن نسبة الزكاة التي تحددها السنة النبوية والتي هي 2.5%.
يجب التنويه إلى أن الزكاة هي من أركان الإسلام وأن تحديد نسبتها هو من الأمور التي يجب على المسلمين الالتزام بها، وقد حددت النسبة التي تبلغ 2.5% على أساس فهم وتفسير الفقهاء للأحاديث النبوية وتطبيقها على أوضاع المسلمين في الزمن الذي يعيشون فيه.
ويمكن أن يكون للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي وجهة نظر مختلفة ورؤية فقهية مختلفة عن هذه القضية، ولكن يجب الالتزام بما تم الاتفاق عليه وتطبيقها في الممارسة العملية في العالم الإسلامي.
- ما هي الاحاديث التي نصت علي نسبة 2.5 % للزكاة
هناك عدة أحاديث نبوية تنص على نسبة الزكاة ومنها: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا زكاة على مال حتى يبلغ النصاب، فإذا بلغ النصاب فعليه الزكاة وهي عشر أو نصف العشر أو الربع أو الثلث أو ما شئت، فما زاد عن ذلك فهو تصدق”، رواه البخاري ومسلم.
وحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالزكاة، فما كان من مال في نصاب فإن عليه الزكاة، وما كان في نصاب من العدل، فأخرج الزكاة ما أمر الله بها، وما كان تحت ذلك فهو تصدق”، رواه البخاري.
وعلى ضوء هذين الحديثين، فإن نسبة الزكاة تعتمد على النصاب الذي يحدده المال المدخر والمستخدم في الاحتياجات الأساسية للإنسان، وهذا النصاب يبلغ قيمته حالياً 85 غراماً من الذهب أو ما يعادله من العملات الأخرى، وتكون نسبة الزكاة على هذا النصاب 2.5%.
ولكن يجب الإشارة إلى أن هذه الأحاديث لم تحدد نسبة محددة بالتحديد، ولكن المفهوم العام الذي يمكن استخلاصه هو أن الزكاة تؤخذ من الثروة المدخرة التي تجاوزت نصاباً معيناً وعلى الأغنياء دفع الزكاة على هذا المبلغ بنسبة محددة، ويمكن للفقهاء والمفكرين أن يختلفوا في تفسير وتطبيق هذه الأحاديث بطرق مختلفة، ولكن في العموم فالنسبة الشائعة والتي تتبع في العالم الإسلامي اجمع.
- الاحاديث المذكورة لم تحدد نسبة معينة لماذا الاصرار علي تحديد تلك النسبة
يعتمد تحديد نسبة الزكاة على تفسير وفهم النصوص الشرعية التي تتحدث عن الزكاة، وهو أمر يختلف فيه العلماء والمفكرون في مختلف المدارس الفقهية والمذاهب الإسلامية. ولذلك، فقد تختلف الآراء في تحديد النسبة المناسبة للزكاة.
ومن الممكن أن يكون الاصرار على تحديد النسبة المحددة للزكاة يأتي من قبل بعض الفقهاء والمفكرين الذين رأوا أن النسبة المعتمدة على أساس 2.5% هي النسبة التي توافق الغالبية العظمى من العلماء وتجدها تستند إلى قراءة صحيحة للنصوص الشرعية، وأنها تضمن الحفاظ على حقوق المسلمين المحتاجين وتشجيع الأغنياء على التبرع بجزء من ثرواتهم للمساهمة في دعم المجتمع.
ومن المهم الإشارة إلى أن تحديد نسبة الزكاة بشكل محدد ليس أمراً ثابتاً ودائماً، بل قد يتطلب تحديثها ومراجعتها بناءً على تغيرات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، وذلك من خلال المجالس الفقهية والعلمية التي تختص بمثل هذه المسائل.