قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الزكاة فرض وركن من أركان الإسلام وأمرنا الله بأخراجها للفقراء والمساكين والمحتاجين لأنها تدعوا للترابط والتماسك الاجتماعي، ولذلك نسبها الله عز وجل إلى نفسه وحس عليها .
واستشهد استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر – فى تصريحات خاصة ل ” رسالة السلام ” – بقوله تعالى ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ” والله عز وجل لا يحتاج منا قرض ولكن من باب الترغيب للمسلمين في الإنفاق، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس منا من بات وجاره جائع .
أضاف أن من فوائد الزكاة رفع البلاء والتكافل الاجتماعي، مشيرا الى الحديث النبوي الشريف ” داوا مرضاكم بالصدقة”.
ونبه فؤاد أن عدم اخراج الزكاة يتسبب في انتشار الفساد والفقر والكراهية والحقد على الأغنياء وسيجلب المصائب في الدنيا وعذابا في الآخرة .
واستشهد الدكتور عبدالمنعم فؤاد بقوله تعالى ” أن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم ” .
وأوضح استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن الله عز وجل أعطاك المال ليرى فيما تنفقه هل هتعطي الفقير حقه؟ هل ستتصدق ؟ هل ستخرج حق الله؟
مستدلا بقوله تعالى ” واتوهم من مال الله الذي اتاكم “.
وأكد استاذ العقيدة والفلسفة أن باب الإنفاق مفتوح على مصرعيه، أدناه 2.5% ومن أراد أن يزيد فليزد .
واختتم بقوله تعالى ” الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانيا لهم أجرهم عند ربهم ولا خوفا عليهم ولاهم يحزنون ” .
جاء ذلك ردا على مقال ” القرأن يدعونا لمكافحة الفقر وسد حوائج الناس بالإنفاق ” للمفكر العربى على محمد الشرفاء، هذا نصه ،،
ذكرت صراحة في القرآن الكريم عددا من الركائز لتحقق هدفاً محوريًا وهامًا، ألا وهو إرساء قاعدة التكافل الاجتماعي في أقوى صوره، وكان تعبير الخطاب الإلهي في ذلك بعبارة الإنفاق في سبيل الله، فالإنفاق هو نوع من الجهاد، وعليه يُعد سعي الأمة للتكافل فيما بينها جهادًا في الله وسعيًا إلى مرضاته، وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم آياته: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 261).
فالركائز الأساسية للزكاة تتمثل في (5) محاور رئيسية، يأتي الالتزام بها في صميم الالتزام بالمبادئ الإلهية التي وردت في القرآن الكريم، وهي:
فرضية الزكاة
أولا: الزكاة فرض إلهي على أرباح أصحاب الأموال، وهي فرض عين كما قال الله في كتابه العزيز (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) لذلك تعتبر الزكاة حقا معلوما.
حق معلوم
ثانيا: حدد الله سبحانه في قرآنه العظيم نسبة الحق المعلوم في الأموال، وهي كما قال الله سبحانه (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)، هذه الآية حددت نسبة عشرين في المائة من الأرباح والغنيمة، تفسر في اللغة العربية بأرباح المال، أو ما أضافه الإنسان إلى أصل ماله ربحًا إضافيًا يستحق عليه دفع الزكاة بالنسبة المذكورة أعلاه.
20 % من الأرباح
ثالثاً: لقد فرض الله الإنفاق من المال لحساب الزكاة، على أن تخصم من الأرباح، بحيث تُخصم منها العشرون في المائة، وتبقى ثمانون في المائة لصاحب المال، وبما أن الله هو الرزاق، وقد استخلف الإنسان على ما رزقه من مال، أمانة عنده لله للصرف على متطلباته، أمر الله الإنسان أن يخصص عشرين في المائة من أرباحه، ويعتبرها قرضًا لله سيضاعفه لدافع الزكاة أضعافًا مضاعفة، تأكيدًا لقول الله سبحانه (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة: ٢٤٥).
قرض حسن
فهل يستكثر الإنسان على الله قرضًا حسنًا، وهو الذي خلق الإنسان، ومنحه الصحة، ورزقه من المال، وأن يدفع ما عليه من الأرباح الصافية ما نسبته عشرون في المائة. فهل ينسى كرم الله عليه، ولا يستجيب لأمر الله الذي ترك له أغلبية الربح ثمانين في المائة، ويتغاضى عن حق الله فيما نسبته عشرون في المائة؟
طيبات ما كسبتم
رابعا: للتأكيد على أن الإنفاق لحق الزكاة من الأرباح فقد أمر الله سبحانه مخاطبًا عباده (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ).
الزكاة وصافي الربح
خامساً: مدة استحقاق الزكاة، وهي أنه طالما أن استحقاق الزكاة مرتبط بالربح الصافي، فيعني ذلك أن استحقاق الزكاة مرتبط باستلام الأرباح الصافية في أي وقت، وليس مرتبطا بزمن معين، حتى لو تحقق للإنسان مكاسب الأرباح كل يوم، فعليه أداء استحقاق الزكاة كل يوم، وعلى ذلك يتم توفير الحياة الكريمة لكل أفراد المجتمع، وذلك هو العدل الذي أمر الله المسلمين أن يطبقوه حتى تختفي الحاجة من المجتمع، ويزول الحقد والحسد بين الناس، ليبارك الله لهم فيما رزق ويزيدهم من نعمه وتتنزل عليهم بركاته.
الالتزام بمنهج الله
في النهاية أقول، إن المسلمين لو التزموا بتنفيذ شريعة الله في كتابه المبين فلن يبقى محتاج، ولا فقير، ولا مسكين، ولا مريض يبحث عن الدواء، ولا أسرة تجوع وتبحث عن الغذاء، ولأصبح المجتمع كله يعيش حياة كريمة، ولكن الذين شوهوا شريعة الله، وارتكبوا ذنوبًا، بتأليف شريعة بشرية صاحبها الهوى والطمع والنفس الأمارة بالسوء حرمت أصحاب الحق في أموال الأغنياء من مال الله؛ ليعينهم على الحياة، دون أن يمدوا أيديهم بالسؤال؛ لذلك قال الله سبحانه (إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ) ذلك هو المعيار الحق للمؤمن والمستيقن بوعد الله بمضاعفة أمواله إذا التزم بحق الله، وهو نسبة العشرين في المائة من أرباحه، ولا يستكثر على الله قرضًا حسنًا، رغم أن الله سبحانه هو المالك لكل شيء، كما قال الله مخاطبًا رسوله الأمين (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26).
شركاء الأغنياء
إن ما ذكرته الآيات المذكورة أعلاه تؤكد حقيقة إلهية لا تقبل الشك بأن الفقراء وأبناء السبيل والمحتاجين وكافة المذكورين في القرآن الحكيم المستحقين للزكاة يصبحون شركاء في مكاسب الأغنياء الصافية بنسبة عشرين في المائة من الأرباح، فمن صدق الله في إيمانه فسيطبق ما أمر الله المسلم في قرآنه.