في كتابه ” ومضات على الطريق ” قال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي “الخلافة نظام حكم اتفق عليه الناس في الماضي وتحوَّل المُسمى إلى الملكيات أو الجمهوريات، ولا علاقة مطلقًا بين مختلف مُسميات تلك الأنظمة الحاكمة بالأديان“
فما هي رؤيتكم حول تلك الفكرة
في الماضي، كانت الخلافة نظام حكم اتفق عليه الناس في بعض الفترات التاريخية. الخلافة هي نظام حكم يعتمد على الأصول الإسلامية، وهو يُعَتَبَرُ النظام الحاكم الذي يتبع شريعة الإسلام ويُدار بواسطة خليفة يمثل القيادة الراعية للمسلمين ويحقق العدل والمساواة بينهم.
ومع ذلك، عبر التاريخ، حدثت تحوُّلات في الأنظمة الحاكمة التي تستخدم مُسمَّى “الخلافة” إلى أنظمة مختلفة. قد تحوَّلت بعض هذه الأنظمة إلى الملكيات، حيث يكون الحاكم هو ملك أو أمير، والسلطة تنتقل عادة عبر الوراثة.
كما حدث أيضًا تحول في بعض الأنظمة الحاكمة إلى أنظمة جمهورية، حيث يتم اختيار القادة من قبل الشعب عادة عبر الانتخابات.
في الوقت الحاضر، تُشكِّل الخلافة موضوع نقاش في العالم الإسلامي وهناك جماعات وحركات تعتبر الخلافة هدفًا سياسيًّا يجب تحقيقه، بينما ترى جماعات أخرى أنها ليست مطلوبة في الوقت الحالي أو أنها تحتاج إلى ظروف معينة لتكون فعالة.
وبالتالي، يمكن القول إنه لا يوجد علاقة مطلقة بين مختلف مُسمَّيات الأنظمة الحاكمة الحديثة (مثل الملكيات أو الجمهوريات) وبين الأديان. فالأنظمة الحاكمة تتأثر بعوامل متعددة منها الثقافة والتاريخ والتطورات الاجتماعية والسياسية، وتختلف من دولة إلى أخرى حسب تلك العوامل والظروف المحيطة بها.
وهنا اريد ان اشير الي النظم الجمهورية التي تختار قادتها من قبل الشعب عادة عبر الانتخابات، وهذه النظم لا تحمل مسمى “خلافة” ولكنها تحاول تحقيق العدل والمساواة بين المواطنين. وبمرور الزمن، تطورت الأنظمة الحاكمة في مختلف المناطق وتأثرت بالظروف المحيطة بها. فقد تغيرت الأنظمة الحاكمة بناءً على التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- لماذا تعتبر الجماعات والحركات الارهابية الخلافة هدفًا سياسيًّا يجب تحقيقه
تعتبر بعض الجماعات والحركات الإرهابية الخلافة هدفًا سياسيًّا يجب تحقيقه بناءً على تفسيرها للنصوص الدينية وفهمها للإسلام.
فالخلافة، في تفسير هذه الجماعات، هي النظام الإسلامي الذي ينص على أن المسلمين يجب أن يعيشوا تحت حكم واحد يُعَتَبَرُ خلافة اسلامية. يرون أنه يجب استعادة هذا النظام الإسلامي التاريخي لتطبيق شريعة الإسلام بصورة صارمة وشاملة.
ومن وجهة نظر هذه الجماعات، تحقيق الخلافة يعتبر هدفًا دينيًا وسياسيًّا يسعى لتحقيقه من خلال القوة والعنف. وعادةً ما يتم تبرير أعمالهم الإرهابية بأنها وسيلة لتحقيق هذا الهدف السامي.
يجب الإشارة إلى أن معظم المسلمين في العالم ينظرون إلى هذه الجماعات والحركات الإرهابية بعيدًا عن الإسلام الحقيقي، ويعارضون أساليبها وأهدافها. فالإسلام يحث على السلام والعدل والتسامح ويدعو إلى تحقيق الإصلاح عبر الطرق السلمية والشرعية.
على الرغم من تطلع هذه الجماعات إلى تحقيق الخلافة، إلا أن الكثير من الدول والمجتمعات يرونها على أنها تهديد للأمن والاستقرار، وتعتبرها منظمات إرهابية يجب مكافحتها ومواجهتها.
- من وجهة نظركم ما هي الاسانيد التي تعتمد عليها تلك الجماعات في استخدام العنف وفرض مفهوم الخلافة علي المجتمعات
تعد الأسانيد الشرعية هي السلسلة المتصلة من الأفراد المعتبرين موثوقين في نقل الحديث أو الفتوى من النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى العلماء والقادة الدينيين في العصور اللاحقة. وتستخدم الجماعات الإرهابية أحيانًا مصطلحات وتأويلات شرعية وتستند إلى بعض الأحاديث النبوية والآيات القرآنية لتبرير هدفها المتمثل في إقامة الخلافة.
من المهم أن نفهم أن هناك العديد من العوامل التي تجعل تفسير هذه الجماعات للنصوص الشرعية غير دقيق ومُفْسِرًا لمصلحتها السياسية والعنيفة. وهذا يعود إلى انحراف عن المنهجية الشرعية حيث تقوم هذه الجماعات بانتقاء النصوص التي تدعم أجندتها السياسية وتغض الطرف عن النصوص الأخرى التي قد تتعارض مع رؤيتها.
كما انها تعتمد هذه الجماعات أحيانًا على نصوص وسياقات تاريخية معينة دون مراعاة التطورات والظروف المختلفة التي مرت بها الأمة الإسلامية عبر العصور.
وخاصة ان هذه الجماعات تعتمد علي القادة الدعويين والفقهاء المشتغلين بأهداف سياسية وتحقيق المصالح الشخصية بتحوير المعاني وتأويل النصوص بطرق غير صحيحة ليناسبوا أهدافهم.
لهذا السبب، يجب أن يكون هناك فهم دقيق للإسلام والمنهجيات الشرعية الصحيحة من قبل العلماء والقادة الدينيين لمواجهة هذه الأفكار المُضلّلة وتحذير المجتمعات من تأثيراتها السلبية حيث يحث الإسلام على العدل والسلام والتعايش السلمي بين الناس، ويحض على التسامح والإحسان ورفض العنف والإرهاب.
من وجهة نظركم كيف نواجه هذه الإشكاليات التي تعتمد عليها تلك الجماعات في نشر فكرها
بادئ ذي بدء يجب ان يكون التعليم والتثقيف هو الهدف الأكبر لكافة الدول كما يجب على الأفراد أن يسعوا للتعلم والتثقيف حول الإسلام والأحاديث النبوية من خلال مصادر موثوقة ومراجع شرعية، يمكن الالتجاء إلى العلماء والدارسين المتخصصين في العلوم الشرعية للحصول على الفهم الدقيق والصحيح للأحاديث والأسانيد.
كما يمكننا توعية الآخرين حول أهمية فحص المصادر والأحاديث وعدم الانسياق وراء الأخبار المُشكَّك فيها أو الأفكار المُضللة، يمكن أن تكون منصات التواصل الاجتماعي والوسائط الإعلامية منصة جيدة لنشر المعرفة الصحيحة وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
وفي النهاية يجب ترويج فهم الإسلام الوسطي والمتوازن الذي يُحَافِظُ على قيم الدين والسلم الاجتماعي والتسامح والمحبة ورفض العنف والتطرف. يمكن أن تلعب الجمعيات الدينية والمؤسسات التعليمية دورًا هامًا في تعزيز هذا الفهم.
كما يمكن دعم البحوث العلمية في مجال العلوم الشرعية والحديث النبوي لتحليل الأحاديث والأسانيد بطريقة علمية ودقيقة. وهذا يساهم في توضيح مدى صحة الأحاديث وتوضيح السياقات التاريخية والثقافية للنصوص.
وعند تلقي معلومات دينية، يجب التأكد من مصداقية المصدر وصحة المعلومات قبل تبنيها أو نقلها. تحقق من المصادر الموثوقة واستخدم مصادر شرعية ذات مصداقية.
باختصار، يجب علينا السعي للعلم والمعرفة الصحيحة، وتشجيع الفهم الوسطي والتسامح والتعاون لمواجهة التحديات الدينية والفكرية التي يمكن أن تُطلقها الأفكار المُشكَّك فيها أو المُضللة.