خلق الله الإنسان ومنحً له الديان حق الاختيار المطلق للدين الذي ينشرح صدره له ويؤمن به، وتأكيدًا لتلك الحرية العقائدية، وضع الله سبحانه للناس تشريعا وحكما دائما حتى قيام الساعة، بقوله سبحانه (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)( الكهف-29) وقال أيضاً سبحانه مخاطباً رسوله (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس -٩٩)
حكم صريح يوحي به الله سبحانه لرسوله بأنه لم يمنحه الحق في إرغام الناس على الدخول في الإسلام بالقوة والإكراه، وأكد سبحانه استكمالا لذلك الحكم بقوله سبحانه (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة- ٢٥٦)
كما أن الله سبحانه لم يكلف وكيلا عنه على الناس يراقبهم في عباداتهم، ويحكم على بعضهم بالصلاح، وعلى البعض الآخر من الناس بالكفر، ولم يمنح الله سبحانه رسولا أو نبيا الحكم على الناس، بل كلف رسله بالبلاغ وترك الحساب لاختصاص الله وحده، تأكيداً لقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ( الحج-17)
فليس من حق أي إنسان أن يكفر إنسانا آخر، فالله سبحانه هو صاحب الاختصاص في ذلك الأمر، أما فيما يتعلق بالعلاقات بين الناس فتتم بالحسنى والإحسان والكلمة الطيبة ولا يفرضوا أنفسهم حكاما على غيرهم من الناس، لأن ذلك التصرف يعتبر مخالفة صريحة لشريعة الله في كتابه المبين
فليحترس كل إنسان من أن يتجاوز شرع الله ويتحدى أحكامه على خلقه من الناس، فسيكون حسابه يوم القيامة، حساباً عسيرا ، ولايفتري على الله كذباً ، كما خاطب رسوله عليه السلام ليحذر المفترين بقوله (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)(يونس-69)
فليتق الله كل من نسب نفسه للإسلام، وما أكثر المنتمين لدين الله وما يقومون به من جرائم ضد الإنسانية، يقتلون الأبرياء ويفجرون في أجسادهم قنابل وألغاماً يسقط مئات الأبرياء من المسلمين وغيرهم تحت شعار”الله أكبر”، ولو آمنوا واستيقنوا بأن الله أكبر لم يرتكبوا تلك الجرائم والذنوب التي توعدهم الله عليها بالعذاب والخزي في الدنيا والآخرة
لذلك ما الذي يفضل المسلم عن غيره إلا باتباع كتاب الله الذي حرم القتل والظلم، ودعا للرحمة والإحسان والسلام والتعاون، وتحريم الفساد في الأرض والعدوان وتحريم فتل الإنسان، فليست فضيلة أن يكون المسلم مظهراً بدون المخبر والجوهر ، وقد يكون غيره من غير المسلمين أفضل منه إذا لم يرتكب الجرائم التي ترتكبها (داعش والقاعدة والإخوان والإرهابيون والتكفيريون)