فى رده على مقال “أمانة الرسول في حمل ونقل الرسالة الإلهية” للكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، أبدى الباحث والمتدبر اليمني عبد ربه الجوفي مدير مركز منبر التنوير اليمني إعجابه بالمقال، وأثنى على الطرح العميق والمبني على تدبر النصوص القرآنية. أكد الجوفي أن مقال الشرفاء قدم قراءة دقيقة لمسؤولية الرسول في نقل الرسالة الإلهية بشفافية ووضوح، دون تحريف أو اجتهاد بشري يضاف إلى النص الإلهي، معتمداً في ذلك على القرآن الكريم كمرجع وحيد للهدى.
بدأ الجوفي رده حول مهمة الرسول عليه الصلاة والسلام، بالإشارة إلى أن القرآن الكريم وحده يكشف لنا بوضوح تلك المهمة. استشهد الجوفي بعدد من الآيات التي تبين أن وظيفة الرسول الأساسية كانت تبليغ ما أُنزل إليه من ربه، كما ورد في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ” [المائدة: 67]. وأضاف أن مهمة الرسول تتلخص في الإنذار بالقرآن وحده، كما جاء في قوله تعالى: “وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ” [الأنعام: 19]. وقد أكد أن كل محاولات الفهم والتفسير يجب أن تنطلق من القرآن الكريم، الذي يعد المرجع الأوحد للمؤمنين.
أوضح الجوفي أن الحديث الذي ذكره الله في القرآن لا يشير إلى الأحاديث النبوية كما يظن البعض، بل إلى القرآن ذاته، مشيرًا إلى الآيات التي تصف القرآن بأنه “أحسن الحديث”، مثل قوله تعالى: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ” [الزمر: 23]. وبهذا يرى الجوفي أن القرآن هو الحديث الذي يجب أن يؤمن به المسلمون، دون أن يتخذوا من الأحاديث البشرية مصدراً للتشريع أو الإفتاء.
ثم تناول الجوفي مسألة الفتوى والتشريع، مؤكدًا أن القرآن الكريم يظهر بوضوح أن الرسول لم يكن يفتي من عنده، بل كان ينقل ما يوحي إليه الله فقط. واستدل بعدد من الآيات التي تبدأ بسؤال موجه إلى الرسول، وتنتهي بإجابة مباشرة من الله، مثل قوله تعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى” [البقرة: 222]، مما يؤكد أن الرسول كان ينقل الفتوى من الله دون أن يضيف شيئاً من عنده.
كما أشار الجوفي إلى أن التبيان في القرآن هو الإظهار والتوضيح، وليس إضافة أو تحريفًا للنصوص. واستشهد بقوله تعالى: “وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ” [النحل: 89]، ليبين أن القرآن يحتوي على كل ما يحتاجه المسلمون من هدى وتبيان، دون الحاجة إلى تفاسير أو شروحات بشرية خارجية.
أوضح الجوفي أن اتباع الرسول يتجلى في اتباع الرسالة التي جاء بها، وهي القرآن الكريم. ولفت الانتباه إلى أن أي محاولة لإضافة نصوص بشرية كتكملة للنص القرآني تعد انتقاصًا من النص الإلهي، مؤكدًا أن الله قد أنزل القرآن بتمامه وكماله، كما في قوله تعالى: “تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ” [الجاثية: 6]. وتساءل الجوفي عن الحكمة في الحاجة إلى نصوص بشرية تضاف إلى القرآن، مشيرًا إلى أن القرآن هو المصدر الكامل والشامل للهداية، ولا يحتاج إلى تكميل أو تعديل.
لتعزيز حجته، أضاف عبدربه الجوفي أنه يجب على المسلمين العودة إلى القرآن الكريم بوصفه المصدر الأساسي للتشريع والتوجيه في حياتهم اليومية. وأكد أن التشتت بين مصادر متعددة من الأحاديث والتفاسير البشرية يؤدي إلى تشويه الرسالة الإلهية وإحداث لبس بين أصول الدين وفروعه. وبيّن أن الله تعالى قد حفظ القرآن من التحريف، وهذا الضمان الإلهي يجعل القرآن المرجع الأوحد الذي يجب الاعتماد عليه دون الحاجة إلى مصادر أخرى قد تكون عرضة للخطأ أو التفسير غير الدقيق.
كما أشار الجوفي إلى أن القرآن الكريم قد تناول كل ما يحتاجه الإنسان من هدى وتوجيه في شتى مجالات الحياة، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية. واستشهد بآيات مثل: “مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ” [الأنعام: 38] ليؤكد أن القرآن يحتوي على كل ما يلزم لتأسيس حياة إسلامية متكاملة ومتوازنة. وأضاف أن الانحراف عن هذا المصدر الوحيد للهداية يؤدي إلى تضارب في الفتاوى والممارسات الدينية، مما يشوه الصورة الحقيقية للإسلام.
كما دعا الجوفي إلى مراجعة الموروث الديني والنظر بعمق في القرآن الكريم دون تأثيرات خارجية. وأوضح أن الهدف هو العودة إلى جوهر الدين، حيث القرآن هو المرجعية النهائية التي لا يعتريها شك أو نقص. كما شدد على ضرورة تربية الأجيال الجديدة على فهم الدين من خلال القرآن وحده، بعيدا عن الأحاديث التي قد تكون متناقضة أو مبهمة، وذلك لضمان فهم صحيح وثابت للدين الإسلامي يرتكز على النصوص الإلهية المحفوظة من التحريف.
واختتم الجوفي رده بالتأكيد على أن مهمة الرسول كانت التبليغ والإنذار فقط، وأن القرآن الكريم هو الحديث الأوحد الذي يجب على المسلمين الإيمان به واتباعه. وأشاد مرة أخرى بمقال الشرفاء الذي سلط الضوء على ضرورة العودة إلى القرآن كمصدر رئيسي ووحيد للتشريع والهداية في الإسلام، مشددًا على أهمية فهم النص القرآني وتدبره بعيدًا عن الإضافات البشرية التي قد تفسد الفهم الصحيح للدين.