الثقافة الدينية الشائعة والتي يُروج لها في كل المنابر المتاحة تهدف الى تعزيز ثقافة القول ولا تعزز ثقافة العمل و الفعل ، حتى أصبح يتبادر إلى الذهن أن مفاتيح الجنة كلها مرهونة بمجموعة من الأقوال والأذكار وبعض الشعائر الدينية الظاهرة فقط .
حتى البرامج الدينية توظف إمكاناتها لتعزيز هذه الثقافة …. ثقافة من قال .
من قال كذا دخل الجنة
ومن قال كذا بنى الله له بيتا في الجنة
ومن قال كذا حُطت ذنوبه ولو كانت كزبد البحر
ومن قال كذا كان كالمجاهد في سبيل الله
ومن قال كذا له أجر شهيد
ومن قال كذا حُشر مع النبيين والشهداء
ومن قال 100 مرة له كذا وكذا
ومن قرأ سورة الواقعة فلن يصيبه الفقر
ومن قرأ آية كذا تقيه من عذاب القبر
للأسف نسينا تماما التوجيهات الإلهية التي أكَدها القرآن الكريم والتي تشير بشكل واضح إلى ربط القول بالعمل وربط الإيمان بالعمل ، لذلك لم ترِد آية في كتاب الله ذكرت الإيمان إلا وذكرت معه العمل مباشرة، فلا قيمة للقول مطلقا إذا لم يرتبط بالعمل ، وإلا لو كان الأمر متعلق بالقول فقط لما كان هناك فرق بين المنافق والمؤمن.
كم نحن بحاجة الى أن نتثقف ثقافة قرآنية وأن نعود من جديد لقراءة رسالة ربنا التي وجهها لنا مباشرة لنعي ولنفقه ما فيها، ونتلمس الطريق التي أمرنا الحق بالسير عليها لننجوا في الدنيا والآخرة.
فالإسلام مشروع حضاري بتوجيه رباني يسعى لإقامة حضارة إنسانية قائمة على التغيير والتطوير والتحديث وعمارة الكون ولا يكون ذلك إلا بالعمل والجهد والمثابرة والمصابرة والمكابدة وكل ذلك عبادة يصل الإنسان من خلالها الى أعلى المراتب الإنسانية في الدنيا والآخرة .