أكد الدكتور محمد أبو اليزيد المتدبر فى القرآن الكريم، أن الإيمان بالله وفهم الدين يجب أن يستند إلى ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، مع التأكيد على أهمية فهم النصوص في سياقها الصحيح وبالطريقة التي تتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية، فلا شك أن الله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء، قادر على كل شيء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. فكما قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) فالله يؤكد على هذه الحقيقة بشكل قاطع.
أضاف فى رده على مقال المفكر العربى على محمد الشرفاء بعنوان ” ونعلم ما توسوس به نفسه” والتى رد فيها على من يؤكد على رفع الأعمال فى شهر شعبان، أن الحكمة من تسجيل الأعمال ورفعها ليست في إعلام الله بما يعلمه بالفعل، بل في تأكيد مبدأ العدالة والمساءلة في اليوم الآخر، فالله سبحانه وتعالى جعل لكل إنسان ملكين يقومان بتسجيل أعماله، ليكون هناك دليلا محفوظا على أعمال كل فرد، يُعرض عليه يوم القيامة. وهذا يعزز مفهوم المسؤولية الشخصية والشفافية في الدين الإسلامي، مضيفا أن الآية الكريمة (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) تحث على اتباع ما أنزله الله وتجنب اتباع الأهواء والبدع، وهذا يشمل الالتزام بالقرآن والسنة وفهمهما بشكل صحيح، وتجنب الانجراف وراء الأقوال والأفعال التى لا أساس لها من الدين.
وأضاف ابو اليزيد أن تدوين كتب الحديث بدأ في القرن الثالث الهجري واستمر إلى بضع سنين من القرن الرابع . ومن ثم بدأ البحث في صحة المتن والبحث في السند، والمتن يتعلق بنص الحديث ، والسند يتعلق بالرواة ، إذ يقولون رواه فلان عن فلان ، ولقد رتبوهم في ثلاثة طبقات هي : الصحابة ، والتابعين ، وتابع التابعين الذين يفترضون أن بعضهم ظل على قيد الحياة إلى بدايات القرن الرابع .
وتابع المتدبر فى القرآن الكريم ” طبيعي أن يبحثوا في صدق الرواة، فكيف علموا بصدقهم وقد مات أكثرهم من قبل قرنين أو يزيد من بداية بحثهم ؟ لقد تتبعوا أخبارهم التي تناولتها الألسن طوال تلك السنين” .
وتساءل، هل بهذا الشكل يمكن لأحد أن يؤكد على صدق فلان من السابقين ؟ أو الحكم بأنه ثقة فيما رواه ؟ خاصة وأننا نرى أن الخبر يمكن أن يتبدل بين رواته من اليوم الأول ؟
وكيف يطمئنون لحقيقة صدق أحد أو كذبه ــ ناهيك عن الحكم له بالثقة ــ والرسول نفسه الذي كان يعيش بينهم في نفس الزمان والمكان وعلى صلة مباشرة بهم لم يتمكن من ذلك بحسب ما تبينه الآية التالية :(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)
فلقد أعجب الرسول بقول ذلك المنافق (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ) الذي كان به يستشهد بالله على ما في قلبه (وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ) وهو في حقيقته من أشد الناس كفراً وعداوة لدين الله ولرسوله (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) ولم يعلم الرسول بحقيقة كفره وهو يجالسه .
فإذا ما كان الرسول لا يعلم بكفر أحد معاصريه وهو يجالسه فكيف علموا هم بحقيقة الرواة وهم يفترقون عنهم في الزمان قروناً ؟ وكيف تيقنوا من صدقهم لكي يقروا لهم بالثقة؟ لو أنهم أقروا لهم بالثقة وهم معهم في عصر رسول الله لقلنا لهم : وهل أنتم أعلم من رسول الله الذي لم يعلم حقيقة من أعجب بقوله وهو يجالسه؟ فما بالك بمن ادعوا ذلك بعد قرنين إلى ثلاثة قرون من رسول الله ؟.
أضاف ابو اليزيد أن في مجتع المدينة الذي كان يقارب مجتمع قرية صغيرة اليوم يبين قول الله التالي أن رسوله لم يكن على علم بمن هم المنافقون فيها : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)، فالله يقول لرسوله عن المنافقين في المدينة وما حولها : (لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) فلو كان على علم بهم لأخبر الناس ولما رأينا هذا الكم من الأحاديث المفتراة، فكم منافق إذاً حسبوه من الصحابة وهو من ألد الخصام ؟ إن هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) تهدم من الأساس كل علوم السند التي أقاموها على أساس واه لا قوة له ولا سند .
والى نص مقال المفكر العربى على محمد الشرفاء،،
قال الله سبحانه يحذر الذين يفترون على الله ما لم يكون له سند من كتاب الله (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) يونس (٦٩)،
هل يوجد نص في الذكر الحكيم بلغه الرسول عليه السلام للناس بأن جميع أعمالهم ترفع في شهر شعبان، ألا تعتبر هذه الرواية إفتراء على الله ورسوله، والله يخاطب الناس بقوله:
(يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) سبأ (٢) .
فهل من المنطق أن يؤمن المسلم برواية كاذبة تتناقض مع قدرة الله على علمه بكل حركة في الأرض والسماء وكل عمل يعمله الإنسان قبل القيام به يعلمه الله سبحانه في كل ثانية، فهل يحتاج الخالق العظيم ليحدد يوماً تُرفع فيه أعمال الناس وهو يعلمها مسبقا، دون الحاجة لمن يكلف برفعها اليه سبحانه جل وعلا .
ألم يقل سبحانه؛
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)
فمن كان بذلك القرب للإنسان فهل يحتاج لمن يسجل أعمال الإنسان ويرفعها اليه سبحانه.
فليتوقف المتآمرون على رسالة الله للناس وليُحكِموا بينهم آياته التي تخرجهم من الظلمات إلى النور،
اللهم أغفر للمسلمين أخطاءهم وإتباعهم أولياء الشيطان.
وهل أعظم من الإفادة من أن نتبع كتاب الله كما أمر في قوله سبحانه :
(اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) الأعراف (٣)
وبشأن رفع الأعمال إلى الله في شهر شعبان هناك آيات من القرآن المجيد تدحض كل فكر مريض وتُبطل كل رواية مزورة على الرسول، والله لم يكلف رسوله عليه السلام أكثر من أن يبلغ الناس آيات الذكر الحكيم ويتلوها عليهم ويعلمهم مقاصدها وحكمة الله فيها، لما يحقق للإنسان حياة طيبة مطمئنة في الدنيا ويفوز يوم القيامة بجنات النعيم. والآيات التاليه تنفي تماما ما تم تزويره على الرسول عليه السلام بأن أعمال الناس تُرفع لله في شهر شعبان:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق (١٦/١٧/١٨) .
وقول الله سبحانه :
(وَإِنَّ عَلَیۡكُمۡ لَحَـٰفِظِینَ كِرَاما كَـٰتِبِینَ یَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ) الانفطار (١٠/١١/١٢).
وكثير من الآيات التي تنفي المزاعم الكاذبة على الرسول عليه السلام بما نُسب اليه من أقوال مزورة أنه قال ( ترفع أعمال الناس في شعبان )
فالآيات السابقة تؤكد أن الله سبحانه لا يحتاج لمن يرفع أعمال الناس في أي يوم، ولا يعلم الرُسل أو الأنبياء أو شيوخ الدين الكيفية في تسجيل أعمال الإنسان ليُحاسب عليها يوم القيامة حينما يُخرج الله كتابا يلقاه منشورا فيه سجل حياته ومُجمل أعماله منذ ولادته حتى وفاته، ولايعلم الغيب إلا الله. لذلك تفاديا عن اللغط والخلط بين الحق والباطل يجب أن يتم عرض كل المنقول من روايات على كتاب الله ليكون هو الحكم النهائي على بطلان كل الروايات دون استثناء اتفاقا مع التكليف الالهي لرسوله في قوله سبحانه ؛
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة (٦٧) .
ذلك الأمر الالهى للرسول عليه الصلاة والسلام بأن يُبلغ ما أنزله الله عليه من آيات القرآن الكريم تلاوة وشرحا لمقاصد الآيات وحكمة الله فيها لمنفعة الإنسان فقط، ولم يصرح للرسول أن يؤلف أقوالا من عنده تتعلق برسالة الإسلام لتنافس آيات الذكر الحكيم كما حدث منذ أربعة عشر قرنا حينما طغت الروايات على الآيات وضاعت الرسالة واختلف المسلمون وتقاتلوا، وانتشرت الفتن، بالرغم أن الله سبحانه خاطب الناس جميعا بقوله ؛
(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الانعام (٣٨).