اكدت دراسة للباحث اسامه السيد أنور بعنوان “أثر ظاهرة الشائعات على الاستقرار السياسي في مصر 2013- 2016” منشورة بمعهد البحوث والدراسات العربية ان الشائعات تعد أحد العناصر السلبية التي تؤثر بشكل كبير على الحياة السياسية في مصر، وتلعب دورًا مضرًا في تشويه الحقائق وتحريف الوقائع وتقويض الثقة العامة في المؤسسات والشخصيات السياسية. كما تلعب الشائعات دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام وإشعال الجدل السياسي. يمكن للشائعات الانتشار بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكترونية، مما يجعلها أكثر تأثيرًا على الرأي العام من أي وقت مضى وقد تؤدي الشائعات إلى زعزعة الاستقرار السياسي في مصر. على سبيل المثال، قد تنشأ شائعات حول تظاهرات أو احتجاجات قادمة، مما يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار والقلق في البلاد.
وهو ما قاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقالات متعددة وفي كتابه ومضات علي الطرق انه سيظل أصحاب الأطماع يخططون للسيطرة على ثروات البترول، وإعادة احتلالهم للوطن العربي، نتيجة للثغرات المفتوحة في جسد الأمة العربية، وانشغالنا بالصراعات والحروب بين الأشقّاء من سفك للدماء، وسقوط لعشرات الآلاف من الأبرياء أطفالًا ونساءً وكهولًا وهم يجهزون المشهد ليسهل على الذئاب افتراسنا، لأن كل دولة فيه مشغولة بنفسها، أو منشغلة بقتال مع شقيق وهم يستمرون في شن الحروب النفسية إلى أن يتم تحقيق غاياتهم بأيدينا ودمائنا وتسائل المفكر العربي علي الشرفاء عدة أسئلة مهمة للخروج من براثن تلك الشائعات مننها هل تم التركيز على التربية الوطنية في المدارس والجامعات؟ هل وصلت تلك المعلومات لكل الشباب على كل المستويات، وهم حكّام المستقبل؟ هل تم تكليف مدراء الجامعات بوضع برامج توعية وتثقيف لكل الشباب، والذين سيلتحقون هذا العام بالتعليم؟
مؤكدا ان أربعة وعشرون مليون طالب، يشكلون عشرين في المائة من الشعب المصري، هل تم وضع خطة لهم لتربيتهم على الحق والولاء لوطنهم، وكيفية مواجهة الشائعات وتعريفهم بأعدائهم الذين لا يريدون لهم التقدم والنجاح، ولا يريدون لمصر أن تكون دولة قوية تدير المشهد العربي والأفريقي والعالمي.
وقد اكدت الدراسه أن الشائعات الاقتصادية هي الأكثر ظهوراً في الفترة (2013- 2016 م)، والتي تمثلت في الشائعات المتعلقة بالدعم والدخل والأسعار والاستثمار والسياحة على عكس الشائعات السياسية كانت الأقل انتشاراً في نفس الفترة، قد يرجع ذلك إلى أن الأمور الاقتصادية هي الأكثر تأثير على المواطن المصري من الأمور السياسية أو الاجتماعية أو الأمور الأخرى.
تؤكد الدراسة علي أنه وعلى الرغم من المجهود الإيجابي الذي يقوم بيه مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في الرد على بعض الشائعات إلا أنه يشوبه العديد من المشكلات أهمها: التركيز على الشائعات التي تخص الوزارات دون غيرها فضلاً عن التأخر في الرد حيث يقوم المركز بتجميع الشائعات على مدى الأسبوع والرد عليها في تقرير واحد وهو ما يفقدها الهدف الأساسي منها، بل وربما تؤدي للعكس، حيث يتم الرد بعدما تكون الشائعة ماتت فيعيد التقرير إحياءها من جديد وذلك يرجع إلى الخلط بين دور المركز والمتحدث الإعلامي للوزارة.
وتوصلت الدراسة إلي أن ترويج هذه الشائعات كان له تأثير كبير على الاستقرار السياسي المصري حيث تم تغيير العديد من الوزارات واهتمام الحكومة بالرد على هذه الشائعات عبر الوسائل المختلفة وذلك إدراكاً منها لخطورة الشائعات على الاستقرار السياسي.
وأشارت الي انه ينبغي التركيز على أن نجاح مواجهة الشائعات تعتمد على الإقناع ومخاطبة العقول فهى قضية وعى لأنها مواجهة مجتمعية فى الأساس يتشارك فيها جميع أجهزة الدولة ومؤسساته الرسمية ومنظمات المجتمع المدنى وذلك من العوامل المساعدة للقضاء عليها, ذلك أن الشائعة تستهدف عقل الإنسان ووجدانه وليس جسده, بمعنى أنها تخاطب معنوياته دون مادياته أو ممتلكاته, وأياً كانت مكانته الاجتماعية عظم شـأنها أو من أحاد الناس, فهى تستهدف تحطيم معنويات الشعوب, ومع مرور والوقت يصاب من يروجون الشائعات ومن يتلقونها ويروجون لها أيضاً بغير وعى بأمراض اجتماعية ونفسية باعتبار أن الفرد هو المستهدف من الشائعات. وفي النهاية فأن واحد من اهم المشكلات هو غياب قانون لتنظيم حرية تداول المعلومات.
وقد انتهت الدراسة إلي عدد من التوصيات يمكن توضيحها في التوصيات التأليه:
- علي البرلمان سرعة اصدار قانون تنظيم حرية تداول المعلومات
- على الحكومة الرد على الشائعات في أكثر من وسيلة من وسائل الإعلام لتوعية المواطنين،
- عدم الاكتفاء بالرد من خلال المركز الإعلامي لمركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء ولكن لا بد أن يتم على الصفحة الرسمية الخاصة به
- إذاعة ونشر هذا الرد من خلال التليفزيون والراديو حيث أن التليفزيون والراديو يصل إلى عدد كبير من المواطنين خاصة كبار السن والفئات الغير متعلمة.
- أن يكون هناك صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك للمركز الأعلامي لمجلس الوزراء متعلقة تبقى الشائعات.
- على الحكومة أن تقوم بوسائل مختلفة لزيادة الوعي بين المواطنين كعمل إعلانات أو دورات تدريبية وغيرها من وسائل حتى تقل من ظهور الشائعات وهو ما يؤدي إلى التنمية والاستقرار السياسي في المجتمع.
- على الحكومة أن تعتمد مبدأ الشفافية في الأجهزة المختلفة كونه هو الوحيد القادر على إنقاذها من فخ الشائعات التي تطالها وأن تصارح المجتمع دائماً بحقيقة الأمور حتى وإن كانت صادمة لأن ذلك من شأنه أن يجعل المجتمع أكثر ثقة في نفسه وفي الحكومة.
- ضرورة اهتمام مراكز البحوث والدراسات الأمنية والاجتماعية بموضوع الشائعات بإعتباره علماً له قوانينه ونظرياته ودراساته ونتائجه التجريبية والواقعي بحيث يمكن توجيهها لتحقيق أهداف يعينها في إطار المفهوم الشامل للحرب النفسية، ووضعه ضمن الأولويات البحثية وإجراء المزيد من الدراسات العلمية لرصد أنواع الشائعات وتصنيفها وتحليل أسبابها وعوامل انتشارها.
- تنمية مهارات التفكير النقدي لدى الشباب والاقتناع بالحجة والدليل وعدم الانسياق وراء الإخبار المضللة والشائعات المغرضة دون وجود ما يثبتها من أدلة.
- التنسيق وتكاتف الجهود المؤسسية والفردية لمواجهة الشائعات والحد من أضرارها لأنها تعتبر سلاحاً خطيراً يتسبب في بلبلة الرأي العام وزعزعة المجتمع.
- تطبيق الأنظمة والقوانين وتطوير سند العقوبات ضد الجرائم الإلكترونية والمجتمعية مع التأكيد على دور المنابر الشرعية والتعليمية والإعلامية بالقيام بالأمانة الواجبة تجاه المجتمع ووحدته وتماسكه وترابطه.