عن مؤسسة رسالة السلام

ميثاق ومبادئ مؤسسة رسالة السلام بقلم المؤسس علي الشرفاء الحمادي

منذ تأسيسها عام ٢٠١٩م أعلنت مؤسسة رسالة  السلام أن منهاجيتها والمبادئ التي تقوم عليها أفكارها وأنشطتها هي خلاصة الميثاق القرآني المُنزل من الله تعالى والذي كلَّف الله نبيَه بإبلاغة للعالمين ، وفرض على المسلمين العملَ بهذا الميثاق ، كما نعى عليهم التقصير في إنفاذه وتطبيقه ، على النحو الذي طبَّقه في سلوكه وأخلاقه ومعاملاته النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي عاتب المسلمين على ذلك التقصير : ( ياربِّ إنّ قومي اتخذوا هذا القرآنَ مهجوراً).
لأن ذلك الميثاق هو الكفيل بتحقيق المجتمع الإنساني الآمن المتكامل والمتراحم الذي ينعم بالسلامة والأمان والأخوة البشرية المتكافئة التي لا تفاوت فيها بين الأجناس والألوان والأديان ، فالكل سواسية إخوة أبناء لذات الأب والأم الواحدة.
ويقوم ميثاق مؤسسة رسالة السلام كما قام  الميثاق القرآني على عدد من الأصول والأسس والقواعد التي أرساها القرآن الكريم في آيات بيِّنات مُبيناتٍ وكاشفاتٍ عن مدى الطابع الإنساني الراقي لهذا الميثاق.
وتتمثل قواعد هذا الميثاق القرآني التي أقرتها المؤسسة  كمبادئ وقواعد حاكمة للفكر والاعتقاد والعمل والنشاط بمؤسسة رسالة السلام في المبادئ التالية :
أولا: الاُخوة الإنسانية
وهي التي قررها القرآن الكريم بصورة حاسمة منفردة في قوله تعالى: 
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء/1
مُبيّنا مبدأ الأخوة الإنسانية رجالا ونساء ؛ لأن الأب الآدمي واحد والأم حواء واحدة فالأصل  الأمومي والأبوي واحد ، وإن تعددت السلالات أو كثرت.
ثم أكد القرآن على ذلك المبدأ موضحاً أن هذا التنوع في البشر يستهدف السعي نحو تحقيق التعارف والتقارب لأجل إعمار الكون ، فذلك هو الغاية من هذا التنوع والاختلاف . قال تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13
ثانيا: التعايش والتسامح بالسلام
السلام هو الأساس الذي أقام عليه القرآن الحياة الإنسانية وبه جاء الأمر الإلهي فرضاً على المجتمع: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) البقرة 208
لأن السِلْم ليس نبعاً للأمن والأمان فحسب ، لكنه المناخ والبيئة الملائمة لتحقيق التقدم والرفاهية محليا وإقليمياً وعالمية ، ولأجل ذلك جعلته مؤسسة رسالة السلام عنوانا وشعاراً لها ومبدأ وهدفاً سامياً تعمل بدَأَب وعزمٍ على تحقيقه .
ثالثا: التعاون
التعاون وسيلة لأن تحقيق الغايات النبيلة في إعمار الكون وتحقيق التقدم العلمي و الازدهار الحضاري لايمكن إنجازه إلا من خلاله ، وهو كذلك وسيلة لتحجيم وتقييد المساوئ والشرور والجرائم الجنائية والأخلاقية على حد سواء ؛ ولهذا جاء الأمر القرآني بالتعاون على سبيل الإلزام وليس الخيار : 
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2
فهو وسيلة لو تم الأخذ بها لاستطاع العالم دفع كل الأضرار وإبعادها وجَلْب كل المنافع والمصالح.
رابعا: التراحم والتعاون والتضامن المجتمعي
التراحم عنوان النُبل الإنساني وعلامة من علامات الشفقة والمحبة بين بني البشر عندما يشفق القوي على الضعيف ويرحم الكبير الصغير ، ويساند الغنيُّ الفقير: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ) المنافقون/10، (وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) الحج 28 ، بصرف النظر عن اختلاف الأجناس أو تباعد المسافات والأوطان ، مما يخلق عالماً متضامناً حقاً يرعى فيه الفقير مصالح الغني ويقوم الغني برعاية حوائج الفقير.
 وهنا تنفرد مؤسسة رسالة السلام بتبنيها الدعوة إلى العودة للنسبة الواردة بالقرآن الكريم في سورة الأنفال : ( واعلموا أنما غنمتم من شيئ فأن لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان ) الأنفال /٤١ في توزيع الدخل القومي والشخصي التي تلائم احتياجات مجتمع الفقراء والمساكين من حقوق في أموال الأغنياء  وهي ٢٠ % من الدخل الجاري المتجدد للوفاء بحقوق أولئك الفقراء الذين يزدادون عاماً بعد عام.
خامسا: العدل
هو أساس الصحة والصواب والاستقامة في كل شؤون الكون فلا يستقيم أمْرٌ ولا تتحقق مصلحة ولا تزول مَضَرة إلا بتحقيق العدل والعدالة الإنسانية ، ولا أَدَلّ على ذلك من أن الله لم يكتف بأن أمر بتحقيق العدل المطلق: ( إن الله يأمر بالعدل) النحل / ٩٠ قولا وعملاً وحُكماً وقضاءً ، بل إنه جعل العدل أخصّ صفاته  سبحانه ليس فقط  لأنه يأمر به ويحكم به ، بل كذلك لأنه حرّم الظلم على نفسه (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فصلت/ 46.
سادساً: الإصلاح
الإصلاح في الأرض وعدم إفسادها هو الأساس المكين لعمارة الكون ، لأن الإصلاح بناءٌ والإفساد هدمٌ  وقد جاء النهي المطلق عن الإفساد في الأرض لأن الأصل فيها كان الإصلاح فقد أصلحها الله لتناسب حياة البشر فأمرهم بالتزام طريق الإصلاح والانتهاء عن طريف الفساد والإفساد الذي لا يحبه الله : (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) الأعراف/ 56 ، (وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) القصص /77.
سابعاً: مكارم الأخلاق
لما كانت الأخلاق هي جوهر الديانات وأساس الفلسفات والمذاهب الفكرية  فقد جاء التفاوت بين الناس على أساسها وفيها وبها تكون المقارنة بين الحضارات في الرقي والنُبل لأنها أساس الإصلاح والإحسان في الأرض ودرء المفاسد ، وبها امتدح الله نبيه صلى الله علية وسلم : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم/4.
وقد اشتمل القرآن على دستور تفصيلي للأخلاق تنظيراً وتفعيلا بدءاً بأخلاق المعاملة مع الله مروراً بالأنبياء وانتهاء بالمعاملات مع البشر والبيئة والحيوان.
وربما تكون الآية الجامعة لأسس المعاملات الإنسانية الراقية في قول تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف /199 هي أبرز عنوان للميثاق القرآني ولميثاق عملنا وفكرنا في مؤسسة رسالة السلام.

اهداف مؤسسة رسالة السلام

تنطلق هذه الأهداف من ميثاق المؤسسة الذي يُشكِّل الأصول والقواعد والمنهجية التي قامت عليها المؤسسة منذ تأسيسها عام ٢٠١٩م. 
فقد وضعت المؤسسة نصب أعينها مجموعة من الأهداف النبيلة والطموحة التي تجسِّد جوهر ميثاقها وتحوِّله إلى واقع عملي. 
وتتمثل تلك الأهداف في  :
أولا ..
تحقيق مبدأ الأُخُوَّة الإنسانية بين البشر من خلال عولمة المؤسسة لخلق فرص التعارف والتآلف والمحبة بين الناس في قارات العالم الخمس وتقديم يد الخير الثقافي والاجتماعي بما يعنيه ذلك من إنسانية خطاب المؤسسة ، ومراعاة اختلاف الثقافات واللغات والأيديولوجيات التي تحكم العالم. 
ثانيا ..
استعادة الوعي بأسس الخطاب الإلهي في القرآن الكريم  ، ذلك الخطاب المتضمن قيم الرحمة والعدل والمساواة وحرية الاعتقاد ، وقيم التضامن والتعاون  لأجل إرساء دعائم السلم المجتمعي والسلام العالمي. 
ثالثا ..
القضاء على التعصب الديني  الذي يترتب عليه التطرف والإرهاب نتيجة التحيزات العرقية والطائفية والمذهبية والعنصرية الدينية. 
وذلك كي ينجح  التمكين للتعددية الدينية المؤسَّسة على قانون حرية الاعتقاد في القرآن الكريم : ( لا إكراه في الدين ) 
البقرة/٢٥٦ ، وعلى خطاب التعددية الدينية  : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ). البقرة /٦٢.
رابعا ..
تعميق ثقافة التعايش والتسامح القائم على وجوب قبول الآخر واحترام خصوصيته واختلافه الثقافي والديني والحضاري اختلاف التنوع والتكامل  ؛ لأجل التعاون في إعمار الكون وتحقيق رفاهية الإنسان بكل مكان. 
خامساً ..
تصحيح الصورة الذهنية الخاطئة حول مبادئ القرآن الكريم التصالحية والتراحمية والتوافقية والتضامنية بين البشر  ، تلك الصورة التي نتج عنها مجموعة من المفاهيم المغلوطة التي تعوِّق التعاون الإنساني القادر على تحقيق المجتمع الإنساني الواحد مجتمع الإخاء والعدل والمساواة والرفاهية الذي يريده القرآن الكريم للبشر. 
سادساً ..
العودة بالبشرية إلى خطاب التنوير الذي يحترم إرادة الإنسان وحقه في اختيار دينه  ، وحقه في حرية عقله الذي كرَّمه الله به  ، وجعل إعمال ذلك العقل فرضاً وفريضة لقبول التكليف الإلهي والعمل به اعتقادا وسلوكاً وتعبداً.
سابعاً ..
تفعيل الحوار الديني والثقافي والمجتمعي بما يجعله وسيلة فعالة وأساساً حقيقياً وواقعياً لتعاون إنساني أخوي من أجل التغلب على إشكالية الصراعات الدينية والسياسية والطائفية والعرقية ، وذلك إعمالا للتوجيه القرآني الحاسم  : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) النحل/١٢٥.
ثامناً ..
تكثيف الأنشطة والبرامج الرامية إلى الارتقاء بالأخلاق والسلوك والمناهج التربوية للناشئة لبناء أجيال قادرة على مواجهة أزمات الارتفاع في معدلات الجريمة وعقوق الوالدين والطلاق والاغتراب النفسي والعزلة الاجتماعية.

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist