في حديث خاص مع الباحث اليمني موسي زابيا ، حول مقال المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي تناول العلاقات التاريخية بين الفرس والعرب قبل الإسلام، والتحولات التي طرأت عليها بعد بزوغ فجر الإسلام وانتصارات المسلمين على الفرس، وصولاً إلى تآمر الفرس على الدولة الإسلامية.
أوضح زابيا أن العلاقة بين الفرس والعرب قبل الإسلام كانت علاقة السيد بالمسود. الفرس كانوا الأباطرة المسيطرين، بينما كانت العرب تابعة لهم وتحت ولايتهم في إمارة الحيرة. هذه العلاقة السلطوية استمرت حتى مجيء الإسلام.
كما قال عندما جاء الإسلام، أرسل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رسالة إلى كسرى، يدعوه فيها إلى الإسلام والحق. لكن كسرى مزق الرسالة، فدعا الرسول بأن يُمزِّق الله ملكه. وهذا ما حدث فعلاً في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما فتحت جيوش المسلمين بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه العراق التي كانت تحت حكم الفرس آنذاك.
تحدث زابيا عن معركة القادسية، حيث تمكن جيش المسلمين، رغم الفارق الكبير في العدد والعتاد، من هزيمة الفرس. كانت هذه المعركة بمثابة الضربة القاضية للحكم الفارسي المجوسي، ولم تقم للفرس بعدها قائمة.
بعد الهزيمة، أخذ الفرس في العدوان والحقد على العرب المسلمين. ومن أبرز مظاهر هذا الحقد، مؤامرة قتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد أبي لؤلؤة المجوسي. تلا ذلك شروع الفرس في خطط شيطانية لإفساد الإسلام، بنشر العقائد المحرفة والغلو في آل البيت.
أكد موسي زابيا أن الفرس بدأوا بنشر توجهات تعصبية للطعن في الإسلام وذم العرب، عرفت لاحقاً بالشعوبية. عرف المؤرخ السوري محمد كرد علي الشعوبية بأنها قوم متعصبون ضد العرب يفضلون عليهم العجم. نشأت هذه الحركة بعيد عصر الخلفاء الراشدين، عندما دخل أجيال من الفرس في خدمة الدولة الإسلامية، مما أدى إلى نشوء عداوات بينهم وبين العرب المسلمين حكام الدولة.
أشار الباحث اليمني إلى أن الشعوبية قادها عدد من الشخصيات الفارسية التي انتحلت الإسلام وبدأت بنشر كتب تنتقد العرب وتلصق بهم كل عيب وعار وباطل. من أشهر هؤلاء: ابن عرسية، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وابن الكلبي، والهيثم بن عدي.
نبه زابيا إلى أن الفرس ليسوا جميعهم معادين للعرب المسلمين. من الفرس من كانوا صحابة كرام كسلمان الفارسي، ومنهم علماء بارزون في الفقه واللغة العربية. وقد جاء في الأثر: “لو كان العلم في الثريا لناله أناس من فارس”. لذا، من الضروري تجنب العصبية العمياء والعنصرية الظالمة.
لكن، بحسب الباحث اليمني موسي زابيا ، ما زال العداء لدى بعض الفرس المعاصرين بارزًا، خاصة من العلماء الذين يعلنون بغضهم للعرب بسبب هدم الإمبراطورية الفارسية. هؤلاء يعتبرون عمر بن الخطاب رضي الله عنه عدوهم الأول لأنه قاد الفتح الإسلامي الذي أسقط عرش كسرى.
تناول زابيا أيضاً تبني بعض الفرس المعاصرين للمذاهب التي تنسب نفسها للتشيع، حيث يغالي هؤلاء في تعظيم آل البيت ويدعون لهم صفات غير واقعية مثل علم الغيب وإحياء الموتى. هذه الدعاوى لا تمت لعقيدة الإسلام الصحيحة بصلة، وتهدف لتضليل الأمة.
أشار زابيا إلى كتاب “صورة العرب في الأدب الفارسي” للكاتبة الأمريكية جبويا بلندل سعد، والذي ترجم إلى العربية. تناولت الكاتبة في كتابها أعمال خمسة أدباء إيرانيين معاصرين ووجدت في بعض مؤلفاتهم تحقيرًا للعرب، خصوصًا عند ربط الإسلام بالعروبة. وهذا يوضح أن معاداة العرب قد تكون جزءًا من معاداة الإسلام والعكس بالعكس.
أوضح الباحث موسي زابيا أن العلاقة بين الفرس والعرب كانت علاقة استبدادية قبل الإسلام، وتغيرت بشكل جذري بعده. ومع انتصار المسلمين، حاول الفرس الانتقام عبر مؤامراتهم التي استهدفت الخلفاء الراشدين ونشر العقائد المحرفة. هذا التاريخ يعكس مدى التعقيد في العلاقات بين الحضارتين، وأهمية التمحيص في الروايات التاريخية لفهم الحقائق.