نستعرض لحضراتكم كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن للكاتب مجدي الهلالي ، أو بمعنى آخر: السماح لنور القرآن بدخول القلب فينوره ويُغيّره، وهذا – بلا شك – سوف يستدعي التعامل مع القرآن بالطريقة التي تُحقق هذا الهدف، والتي أرشدنا إليها الله – عز وجل – في كتابه، وطبَّقها الصحابة فكانوا بحق “جيلًا قرآنيًا فريدًا “، ومِن هنا برزت أهمية التنبيه على عظَمة القرآن والذي قد لا ينتبه إليها الكثيرون ممَّن يتعاملون معه؛ لذلك أكثرتُ مِن الكتابات التي تتحدث عن أهمية القرآن وكيفية الانتفاع به.
لا شكّ أنَّ هناك دوافع تَسُوق المرء إلى كَثْرَة الحديث عن القرآن وعدم الملل مِن ذلك، ومِن أهم هذه الدوافع ذلك الواقع المَرِير الذي تَحْيَاه أُمَّتُنا، واحتياجها المَاس إلى مشروع يَنْهَض بها، ويُعيدها إلى سِيرتها الأُولي، ولقد أكرمنا الله – عز وجل – وتَفَضَّل علينا بما لا نستحقه، وأَرَانا كيف يُمْكِن أنْ يَكُون القرآن هو ذلك المشروع؛ فالقرآن كنْزٌ عظيم فيه كل ما يحتاجه الفرد ليُصبح كَمَا يُحِب الله ويَرْضَي، وفيه كل ماتحتاجه الأُمَّة للخروج مِن النفق المُظْلِم الذي تَسِير فيه، والنهوض مِنْ كَبْوتها التي طالت وطالت.
إنَّ القرآن يَصْلُح تمامًا لأنْ يَكُون بِمَثَابَة مشروع الأُمَّة جمعاء؛ فهو كالشمس يَسَع الجميع، مع الأَخْذ في الاعتبار أنَّ الشمس لا تُؤَثِّر إلا فِيمَن يَتَعرض لها، كذلك القرآن لا يَنْتَفِع به إلا مَنْ يُحْسِن التعرّض له، بل ويَزيد القرآن على شمس الدنيا بأنَّ نُوره لا يأفل، وشمسه لا تغيب عن أَي زمان أو مكان، وبالرغم من تَيَسُّر القرآن للجميع إلا أنَّ غالبية الأمَّة – إلا مَنْ رَحِمَ ربِّي – قد أعرضت عنه كمَصدر مُتَفَرد لتوليد الإيمان وتقويم السلوك، واكتفت مِنْه بتحصيل الأجر والثواب المُتَرَتِّب على تلاوته وحِفظه، ومِنْ هنا بَرَزَت أهمية التنبيه على الجانب العظيم المهجور في القرأن، والذي قد لا ينتبه إليه الكثيرون مِمَّن يتعاملون معه.
المفكر العربي علي الشرفاء
بين النقل والعقل يتفرق المسلمون طرائق قددا؛ يمينا ويسارا وبين ذلك؛ ويلقي أولئك اللائمة على هؤلاء، ويصب هؤلاء جام الغضب على أولئك؛ وفي كل الحالات فإن الإسلام هو الضحية من فهم أولئك وهؤلاء.
وهو ما يتفق مع ما طرحة المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابة المسلمون بين الخطاب الإلهى والخطاب الدينى حيث قال ان بين النقل والعقل يتفرق المسلمون طرائق قددا؛ يمينا ويسارا وبين ذلك؛ ويلقي أولئك اللائمة على هؤلاء، ويصب هؤلاء جام الغضب على أولئك؛ وفب كل الحالات فإن الإسلام هو الضحية من فهم أولئك وهؤلاء.
ويشير المفكر والباحث علي الشرفاء ان النقل يختلط فيه الحابل بالنابل؛ والحق بالباطل؛ والعقل له مجاله الذي يُعمل فيه لينتج مصفاة تعيد الأمور إلى نصابها؛ والحكم الفصل كتاب الله الذي هو الصراط المستقيم.
حيث يري الكاتب ان النقل تختلط به الأهواء والعقل مهمته التمييز بين الحق والباطل؛ ومادام معنا كتاب الله الحاضر دايما ومستقبلا لآياته الباطل من أمامه ومن خلفه؛ وهو قول رسول كريم؛ الصادق الأمين لا تتبدل كلمته ولاتتغير اياته على مر القرون والله امرنا ان تعتصم به وحده خارطة الطريق حتى لانتوه بين مختلف الروايات؛ وتعدد المرجعيات التى فرقت المسلمين شيعا واحزابا حيث يقول سبحانه:
( ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شيء انما امرهم الى الله ثم ينبوءهم بما كانوا يعملون).
وفي ذات السياق قال الشرفاء ان الله حكم علينا باننا افترقنا عن رسول الله ولَم نتبع ما انزل عليه مماتسبب فى تفرق المسلمين ثم يؤكد رسولنا ذلك فى قوله تعالى ( وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القران مهجورا ).
الشرفاء يتسائل
هل بعد قول الله ( وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القران مهجورا ). شك فى ضرورة اتباع كتاب واحد لنمنع التفرق ونتوحد صفا واحدا خلف رسول الله
ويتسائل المفكر العربي علي الشرفاء هل بعد تلك الآيات شك فى ضرورة اتباع كتاب واحد لنمنع التفرق ونتوحد صفا واحدا خلف رسول الله حيث انه عندما قال الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: ( ان كُنتُم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) ممايعنى ان اتباعنا لمايحمله من آيات الذكر الحكيم من عبادات وشعائر واخلاق وقيم الفضيلة والعدل والرحمة
وهو ما يؤكده كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن حيث يشير الكتاب الي انه إذا كانت أمَّتنا مُكَلَّفَة من الله – عز وجل – بحمل رسالته للناس أجمعين؛ فإنها لن تستطيع أنْ تقوم بهذه المهمة إلا إذا تَقَوَّت بالإيمان؛ فالإيمان هو الذي يُعِين أبناءها على ترجمة هذه الرسالة إلى واقع حَيْ يراه الناس، ويُوَلِّد داخلهم القوة الدافعة للقيام بمهمة البلاغ؛ لذلك نجد أنَّ الله – عز وجل – قد رَبَط بين عُلُوِّنا وقيادتنا للبشرية، وهو أهم للتمكين: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا “.