أعرب فضيلة الشيخ محمد شهدي عن تقديره العميق لمقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء “جوهر دعوة الله للناس”، معتبرًا أن المقال قد تناول جوانب هامة في فهم الإسلام بشكل عميق ومتكامل. وربط الشيخ شهدي بين مقال الشرفاء وإشكالية النسخ في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن هذه المسألة تؤثر بشكل كبير على فهم النصوص الدينية وتطبيق الشريعة، وتعتبر من القضايا التي تثير اهتمام العلماء والباحثين منذ فترات طويلة.
الشيخ شهدي أوضح أن مفهوم النسخ يشير إلى النص القرآني الذي تم استبداله بآخر، وأنه يشكل جزءًا من التشريع الإسلامي، حيث يتيح فهم الآيات المنسوخة والناسخة مجالًا أوسع لتكييف الأحكام الشرعية وفق السياقات المختلفة. يشدد الشيخ على ضرورة الفهم الدقيق لهذه المفاهيم، حيث إن الأحكام القديمة التي تم نسخها قد تم إبطالها بأحكام جديدة تتناسب مع مراحل تطور الدعوة الإسلامية.
ويُبيّن الشيخ شهدي أن مفهوم الناسخ والمنسوخ يساهم في تطوير الفقه الإسلامي، حيث يتطلب من العلماء دراسة دقيقة للنصوص والسياقات التاريخية التي نزلت فيها الآيات. ويضيف أن النسخ لا يشمل العقائد، بل يقتصر على الأحكام العملية، مشيرًا إلى أن بعض العلماء قد أقروا بوجود النسخ، بينما يشكك آخرون في مدى صحته ويعتبرونه اجتهادًا بشريًا وليس نصًا قرآنيًا قطعيًا.
وفيما يتعلق بتأثير النسخ على الفهم الشامل للإسلام، يؤكد الشيخ شهدي أن النسخ يسمح بتطوير الشريعة الإسلامية وتكييفها مع الزمن والمكان. ويرى أن النسخ يسهم في تحقيق مرونة في تفسير القرآن، مما يساعد المسلمين على تطبيقه بشكل يتناسب مع حياتهم المعاصرة. وهذا ما يجعل الإسلام دينًا مرنًا يمكنه التفاعل مع الظروف المتغيرة بمرور الزمن.
ولكن الشيخ شهدي ينبه إلى ضرورة التحلي بالحذر عند التعامل مع مفهوم النسخ، حيث يجب أن يكون العلماء واعين للسياق التاريخي والاجتماعي الذي نزلت فيه الآيات. ويؤكد على أهمية عدم الاعتماد فقط على تفسيرات العلماء القدامى دون دراسة مستفيضة تأخذ بعين الاعتبار الظروف الحالية وتطورات المجتمع، مما يساعد في تقديم قراءة متجددة للقرآن الكريم.
ويثير الشيخ شهدي تساؤلات حول التأثيرات المباشرة لإشكالية الناسخ والمنسوخ على الفقه الإسلامي، مشيرًا إلى أن النسخ قد يؤدي إلى تغييرات في الأحكام الدينية، مما يستدعي اهتمامًا أكبر من العلماء لفهمه وتطبيقه بشكل صحيح. ويرى أن النسخ يسهم في تعزيز الفهم المعاصر للشريعة الإسلامية من خلال تكييف النصوص مع حاجات المجتمعات الحديثة.
وفي معرض مناقشته لتأثير النسخ على مسألة العنف والإرهاب، يوضح الشيخ شهدي أن بعض النصوص الدينية قد تُفسر بشكل مغلوط لتبرير العنف. ويشدد على أن استخدام مفهوم النسخ والناسخ لتبرير الإرهاب هو استغلال مغرض للنصوص الدينية ويجب مواجهته بالفهم الصحيح للنصوص الشرعية.
وبالنسبة للربط بين النسخ وقضايا العنف، يرى الشيخ شهدي أن النسخ بحد ذاته ليس سببًا في انتشار الإرهاب، إذ إن العنف مرتبط بعوامل عدة، منها السياسية والاجتماعية. ويشدد على أن الفهم المغلوط للنسخ يمكن أن يُستغل لتبرير التطرف، مما يستدعي توجيه الجهود نحو تفسير النصوص بطريقة تروج للسلام والاعتدال.
الشيخ شهدي يعبر عن أهمية تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان للحد من استخدام النصوص الدينية بشكل يروج للتطرف. ويشدد على أن تعزيز القيم الإنسانية المشتركة هو السبيل لمواجهة الإرهاب، داعيًا إلى تطوير استراتيجيات شاملة تتضمن التعليم ومكافحة التطرف وتعزيز قيم التسامح.
وفي الختام، يؤكد الشيخ شهدي أن قضية النسخ في القرآن تحتاج إلى بحث مستمر وتحليل عميق، مشددًا على ضرورة التعامل مع النسخ بأسلوب علمي ومنهجي يأخذ بعين الاعتبار السياق القرآني الكامل. ويرى أن فهم النسخ بشكل سليم يسهم في تقديم صورة متجددة وواقعية للإسلام تتناسب مع روح العصر وتساعد على تقديم صورة أصيلة ومعتدلة للدين الإسلامي.