قالت الباحثة والروائية السورية مجد خلف أنه في ظل النقاش الراهن حول إعادة تصوير الخطاب الديني وتنقيته من التشويهات التي لحقت به عبر العصور، يبرز مقال المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي ” كيف يمكن تصحيح المعتقدات الخاطئة عند المسلمين؟”، كمحاولة جادة لتشخيص الوضع الراهن واقتراح طرق للعلاج.
أضافت أن النقاط التي أثارها حول استغلال الروايات المغلوطة والمنسوبة زورًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوظيفها في تحقيق أجندات ضيقة، تلقي الضوء على مشكلة عميقة تؤثر على صورة الإسلام وسماحته.
وتابعت ” لابد من الإقرار بأن تصحيح الخطاب الديني يتطلب جهودًا مضاعفة ونية صادقة للعودة إلى جوهر الإسلام الحقيقي، الذي يتسم بالرحمة والعدالة والإنسانية، مؤكدة على أن استغلال أجهزة المخابرات والجماعات المتطرفة لهذه الروايات في خلق الفتنة والانقسام بين المسلمين، تعد نقطة محورية تستحق العمل عليها بجدية، لتحرير الدين من أسر هذه التوظيفات المغرضة.
وأكدت الباحثة السورية أن الدعوة إلى التخلص من كتب التراث “المسمومة” تحمل في طياتها خطورة إلغاء جزء من التاريخ الإسلامي والثقافي، الذي يمكن أن يُفهم ويُقرأ بطرق مختلفة، بدلاً من الرفض الكامل لهذا التراث، يمكن العمل على إعادة قراءته وتفسيره بما يتوافق مع القيم الأصيلة للإسلام والحاجات المعاصرة، مع التأكيد على ضرورة التمييز بين الأصيل والمدسوس، وبين النافع والضار.
واشارت الى أن تشكيل لجنة من العلماء والمفكرين لاستنباط القوانين وتصويب المفاهيم يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، شريطة أن تتسم هذه اللجنة بالشمولية وتعدد الرؤى والانفتاح على مختلف الأفكار والتجارب، وهذه العملية يجب أن تكون تشاركية وتعتمد على الحوار البناء، وليس فقط على فرض وجهة نظر معينة.
وأكدت الباحثة السورية أن الجهود المبذولة لتصحيح الخطاب الديني تتطلب مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار السياق التاريخي والاجتماعي والثقافي الذي تشكل فيه هذا الخطاب، وكذلك التحديات الراهنة التي تواجه الأمة الإسلامية، ولا يمكن فصل الدين عن سياقه الحيوي والتفاعلي مع مجريات الزمن وتحولات المجتمع، ومن هذا المنطلق، ينبغي على المجتمعات المسلمة الاستثمار في التعليم الديني الذي يركز على قيم الإسلام الأساسية مثل السلام والعدل والتسامح، ويشجع على التفكير النقدي، وهذا يعني تدريب الأئمة والدعاة على طرح وشرح النصوص الدينية في ضوء التحديات المعاصرة، مع التأكيد على القيم الكونية التي يمكن أن تسهم في تحقيق التفاهم والسلام بين الشعوب.
وأضافت، يجب على الحكومات تعزيز الحوار بين مختلف المذاهب والأديان، والعمل على بناء جسور التفاهم والاحترام المتبادل، لافتة إلى أن الانفتاح على الآخر والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة يمكن أن يثري الفهم الديني ويساعد في تجاوز الخلافات.
وأشارت الى ضرورة تشجيع جهود الاجتهاد والتجديد في الفقه الإسلامي بما يتوافق مع مقاصد الشريعة ويستجيب لمتطلبات العصر، فالإسلام دين يحض على العلم والتعلم، مؤكدة أن التجديد الفقهي ضروري لمواجهة القضايا الجديدة بفهم عميق ومسؤول.
وأوضحت انه يجب استخدام التكنولوجيا الحديثة في نشر الفهم الصحيح للإسلام وتعاليمه السمحة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية التي يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تصحيح المفاهيم المغلوطة ومواجهة الأفكار المتطرفة، وتشجع المسلمين على المشاركة الفعالة في مجتمعاتهم، وتعزيز دورهم كمواطنين فاعلين يسهمون في السلام والتنمية. بناء مجتمعات متماسكة يحترم فيها الجميع ويتعاونون من أجل الخير العام يعكس القيم الإسلامية الحقيقية.
واختتم قائلة “مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي تطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الخطاب الديني ودوره في تشكيل وعي الأمة وتوجيهها نحو التقدم والسلام، لكن يجب الحرص على أن تكون مساعي تصحيح هذا الخطاب مبنية على أساس من التوازن والعقلانية والتراث الغني للأمة الإسلامية، مع الحفاظ على جوهر الدين وقيمه العليا.