إن أعظم قرار يمكن أن تتخذه حكومة ، هو أن تفرض حرية العقيدة والفكر على الجميع ، وأن تخرس كل الألسنة التي تزرع الفتنة ، وتكفر فريقا وتخرج فريقا من الجنة ، وتدخل فريقا إلى النار .
إن العامل المشترك الأكبر في صلابة أي أمة ووحدتها ، هو التنوع الفكري والثقافي والعمل وسط مناخ من التحرر ، وعدم الخوف من طغيان الأغلبيةالطائفية وقتل المواهب الفردية في الطوائف الأقل عدداً .
حتى في عالم الحيوان تكون السلالات الهجينة هي الأقوى والأقدر على التحمل والمقاومة والأقوى مناعة ، بينما انغلاق السلالة على ذاتها يصيبها بالضعف ثم الانقراض .
وإن أعظم المخترعين في الغرب وأمريكا ، هم من أجناس هاجرت فتحررت من الخوف ، والاضطهاد الفكري والثقافي والديني في أوطانها القديمة ، فقدمت للوطن الجديد ، وللبشرية كلها أعظم المخترعات ، كما أن أشهر الأندية الغربية تفوقت على العالم ، بخليط من محترفين من أدغال إفريقيا وأمريكا الجنوبية ، تم رفضهم في بلادهم الأصلية بسبب الكبر والطائفية المقيتة ، وإن أعظم موانئ العالم يديرها شركات متعددة الجنسيات .
في مصر الحديثة أمر محمد علي بفرض حرية الاعتقاد وتقديم الكفاءات العلمية والفنية ، فأنشا الجيش والأسطول ، وبنى الزراعة والصناعة والتجارة ، وأقام بلدا قويا متعدد الثقافات ، وإليه جاء اليهود والبهائيون وارتقى فيه المسيحيون إلى أرقى المناصب ، فكانت مصر قبلة العالم ومركز الدائرة .
كل البلاد التي انغقلت على نفسها بحجة العرق واللون والدين كادت تنقرض ، وبعضها الآن يلحق نفسه ويغير من وضعه ، كما يحدث في السعودية وقبلها الإمارات ، بينما البلاد التي تعاني الخوف من الآخر وتدّعي النقاء والتفوق الديني والعرقي ، تاهت في حروب وفتن ومعارك أهلية .
في مصر الجديدة لدينا الأرض الممهدة والشعب القابل للتغيير ، ولدينا التاريخ المشترك والجغرافيا الممهدة … فقط أخرسوا ألسنة الفتنة وتجار العقول ، الذين يأكلون على كل مائدة باستخدام تفسيرات الكتب المقدسة في كل دين حسب هواهم .