نستعرض اليوم كتاب ” القرآن الكريم المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي” وهو كتاب من منشورات سلسلة الوعي والثورة ويتفق الكتاب كليا مع ما قاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، في كتاب ” المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي” حين قال ” توجد ضرورة لتنقية التراث فيكفينا الخطاب الالهى القًرآن الكريم ان ننهل منه ما نشاء لتسيير حياة الإنسان دون تمييز او اكراه او استعباد أو تكفير المسلمين” مضيفًا :”تبنى خطاب الكراهية ضد غير المسلمين مخالف لأوامر الله وشريعته فقد سبب لنا التراث التخلف بدلا من ان نكون رسلا للحضارة، لكننا أصبحنا أعداء الحياة وأعداء التطور”
وهو ما اكده كتاب القرآن المصدر الأول من مصادر التشريعي الإسلامي حين قال في مقدمته تعتبر مسألة مصادر التشريع من أهم الموضوعات التي تثير الجدل والنقاش في العلوم الشرعية والقانونية.
فالتشريع يمثل الإرادة السياسية والقانونية للدولة أو الجماعة، وهو الوسيلة التي تنظم حياة الأفراد والمجتمع بما يتوافق مع مبادئ وقيم الدين والعدالة. ومن بين مصادر التشريع التي يمكن أن تستند إليها الدول والأنظمة القانونية، يأتي القرآن الكريم كمصدر أول للتشريع في العديد من النظم القانونية التي تستند إلى الإسلام كأساس لتشريعها.
ويشر الكتاب الي ان القرآن الكريم يحتوي على مجموعة من النصوص القانونية والشرعية الواضحة التي تحدد مسار تنظيم حياة المسلمين. تعتبر هذه النصوص مصدرًا أولاً للتشريع، حيث تحمل توجيهات وأحكام مباشرة يجب أن يلتزم بها المسلمون في حياتهم.
كما أشار الكتاب الي ان القرآن الكريم يتضمن مفاهيم عدالة ومساواة بين الناس، مما يعزز دوره كمصدر أول للتشريع. تشجع الآيات القرآنية على تعامل عادل مع الفقراء والأيتام والمرأة، وتنص على أهمية التعاون والإحسان في المجتمع.
وفي ذات السياق يري الكتاب ان القرآن يتسم بتوجيهات شاملة وعامة تسمح بالتكيف مع التغيرات الاجتماعية والزمانية. هذا يعكس قدرته على توفير تشريع قائم على مبادئ ثابتة ولكنه قابل للتطبيق في سياقات متعددة.
هذا بخلاف ان القرآن الكريم يقدم نظامًا شاملاً للحياة يشمل الجوانب الدينية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية. هذا يساهم في تعزيز دوره كمصدر أول للتشريع، حيث يمكن للتشريع القائم على القرآن أن يوفر إطاراً متكاملاً للعيش في مجتمع متوازن.
واسشتهد الكتاب بالعديد من الآيات في القرآن الكريم التي تشير إلى دوره كمصدر أول للتشريع وصنفها وفق الاتي :
آية الأحكام الشرعية: : “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا” (الأحزاب: 36) وتشير هذه الآية إلى أهمية اتباع أوامر الله ورسوله كمصدر أول للتشريع.
آية العدالة والمساواة: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” (النحل: 90) وتؤكد هذه الآية على ضرورة العدل والإحسان، وهذا يدعم دور القرآن كمصدر أول للتشريع.
آية الاستفتاء والتشاور: “وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (آل عمران: 159) تشجع هذه الآية على التشاور في الأمور، ولكن بنهاية الأمر يجب الاعتماد على الله وعلى مبادئ القرآن.
آية السمع والطاعة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا” (النساء: 59) وتؤكد هذه الآية على أهمية الطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر، وتشير إلى ضرورة الرجوع إلى الله ورسوله في حالة الخلاف.
آية التسليم لأوامر الله: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا” (الأحزاب: 36)
آية النهي عن الظلم: “وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ” (البقرة: 188)
آية تأكيد العدل والإنصاف: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا” (النساء: 135)
آية النهي عن تعديل كلمات الله: “مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الحشر: 7)
آية تأكيد مبدأ الشريعة: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا” (الأحزاب: 36)
هذه هي بعض الآيات التي تستعرض دور القرآن الكريم كمصدر أول للتشريع، حيث يتم التأكيد على أهمية الالتزام بأوامره وتوجيهاته كما ان هذه الآيات تمثل بعض الأمثلة على كيفية دعم القرآن الكريم لدوره كمصدر أول للتشريع من خلال توجيهاته الواضحة والشاملة في مختلف جوانب الحياة.
وفي انهاية اكد الكتاب علي إن القرآن الكريم يمثل مصدرًا أولًا للتشريع في الإسلام، حيث يحمل توجيهات وأحكاماً تتضمن مبادئ العدالة والمساواة وتنظيم الحياة الفردية والاجتماعية. يتسم القرآن بالمرونة والتكيف مع التحديات المعاصرة، مما يجعله قاعدة قوية لتطوير نظم قانونية تعتمد على توجيهاته الرشيدة.