يؤكد المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “دور القرآن في بناء مجتمع العدل والسلام”، على أهمية العودة إلى القرآن الكريم كمصدر أصيل للهداية والعدالة في المجتمع الإسلامي. الشرفاء يسعى في طرحه إلى التركيز على دور القرآن كمنهاج شامل لبناء مجتمع متماسك ومزدهر، بعيداً عن التشويهات والتحريفات التي لحقت بالفهم الصحيح للإسلام نتيجة الاعتماد على الروايات والأحاديث التي قد تكون أضافت أو غيرت في جوهر الدين.
وفي هذا السياق قدم الباحث اليمني المنصور العامري ردا يعزز من أهمية ما طرحه الشرفاء، لكنه يضيف بعداً آخر للنقاش، يتمثل في تساؤلاته حول دور السنة النبوية في الدين الإسلامي، وكيف أن الاعتماد الأعمى على هذه الأحاديث قد أسهم في ضياع الفهم الصحيح للإسلام. العامري يشير إلى أن الأمة الإسلامية باتت تعاني من حالة من التلقي الأعمى للنصوص دون تدبر أو تأمل، مما أدى إلى قبول الكثير من الروايات التي تتعارض مع القرآن.
العامري يقول: ” أعوذ بالله أن أكون مزاجي في هذا الجانب أو أستخدم أسلوب المكارحة، فالدين هو روح وجودنا ولا يمكن المساس به، ولهذا علينا أن نتفقه في ديننا”.
ويرى أن المشكلة الكبرى التي تواجه المسلمين اليوم هي عدم البحث والتدبر في القرآن، الذي هو المرجعية الأساسية والدستور الذي يجب أن نعتمده في كل شيء. ويضيف: “نحن نتخوف من البحث في القرآن رغم أنه مرجعيتنا (دستورنا)، وإذا قرأنا نقرأ بغرض الحصول على الأجر حسبما قالوا لنا دون أن نتدبر”.
من هنا، يطرح العامري تساؤلاً مهماً حول كيفية تلقي الأمة الإسلامية لتعاليمها: “هل نحن نتعلم ونتفقه في ديننا بأنفسنا، أم أننا نعتمد على الآخرين ليقوموا بذلك نيابة عنا؟” ويشير إلى أن الأمة الإسلامية أصبحت تعتمد بشكل كبير على التلقين دون التفكير النقدي، مما أدى إلى قبول الكثير من النصوص والروايات التي تتعارض مع القرآن.
العامري يضيف أن الأمة منذ العهد الأموي أصبحت ضحية لتزاوج السلطة السياسية مع السلطة الدينية، مما أدى إلى انقسامها إلى جماعات متناحرة. ويرى أن الكثير من الأحاديث المنسوبة للرسول، مثل “من بدل دينه فاقتلوه” و”من مات ولم يغزو مات على شعبة من النفاق”، ليست صحيحة لأنها تتعارض مع تعاليم القرآن الكريم. ويوضح أن هذه الروايات أدت إلى تشويه الفهم الصحيح للإسلام وتسببت في تفرق المسلمين.
وفي هذا السياق، يطرح العامري تساؤلاً حاسماً: “كيف عاش المسلمون بعد موت النبي بحوالي 250 سنة وقبل مجيء الفقهاء والشيوخ؟ كيف كانوا يصلون ويحجون ويتزوجون ويعملون بالتجارة؟ هل كانت حياتهم جهل وضلال وهم أقرب منا لزمن الرسول؟ أم كانوا أكثر وعياً منا؟” هذا التساؤل يهدف إلى تسليط الضوء على حقيقة أن المسلمين في ذلك الوقت كانوا يعتمدون على الفهم المباشر للقرآن ويعيشون حياتهم دون الحاجة إلى التأويلات الفقهية التي جاءت لاحقاً.
فيما يتعلق بالصلاة، يشير العامري إلى أن الصلاة كانت موجودة منذ أيام الأنبياء إبراهيم ولوط وإسماعيل، وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يأت بجديد في طريقة أداء الصلاة. ويضيف: “الرسول كان يتعبد من قبل أن يبعث، وكان يصلي بما يطمئن إليه، وأمرنا بذلك حين قال: صلوا كما رأيتموني أصلي.” وهذا يشير إلى أن تفاصيل الصلاة لم تأت من السنة الفعلية، بل كانت جزءاً من العبادة المستمرة عبر الأجيال.
العامري يستمر في تفكيك التصورات التقليدية التي يعتمد عليها الكثير من المسلمين، مشيراً إلى أن الكثير يعتقدون أن السنة النبوية تحتوي على تفاصيل دقيقة لا توجد في القرآن، مثل عدد ركعات الصلاة، لكنه يوضح أن هذه التفاصيل هي جزء من العبادة الفردية بين الإنسان وربه، وأن الإحسان في أداء الصلاة هو ما يجعل الإنسان رابحاً، بينما التقصير يجعله خاسراً.
ويشدد العامري على ضرورة العودة إلى القرآن الكريم كمصدر وحيد لفهم الدين، موضحاً أن الاعتماد على الروايات والأحاديث التي قد تكون تعرضت للتحريف قد أضر بالفهم الصحيح للإسلام. ويقول: “لا يمكن لنا أن نفهم ديننا بشكل صحيح إذا استمرينا في الاعتماد على تفسيرات بشرية متغيرة قد تكون تحرفت بمرور الزمن، ويجب أن نعود إلى القرآن ونفكر ونتدبر بأنفسنا“.
العامري يرى أن العودة إلى القرآن وحده ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لضمان نقاء الدين وسلامة الفهم، وهو يدعو المسلمين إلى استخدام عقولهم في التفكير والنظر في النصوص الدينية بأنفسهم، بدلاً من الاعتماد على التفسيرات التي قد تكون عرضة للتحريف والتأويل الخاطئ.
ويختتم العامري حديثه بالتأكيد على أن الإسلام دين واضح ومكتمل بالقرآن الكريم، وأن أي محاولة لإضافة شيء إلى هذا الدين من خلال الأحاديث النبوية قد تؤدي إلى ضياع الدين وتحريفه. ويضيف: “الحفاظ على نقاء الدين وضمان سلامة الفهم يعتمد على توخي الحذر والدقة عند التعامل مع النصوص الدينية، والقرآن هو المصدر الوحيد الذي يجب أن نعتمد عليه”.