تعقيبا علي مقال ” المحرمات اختصاص الله وحده” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي قال السيد احمد حبيب الله رئيس (المركز المغاربي لتدبر القرآن)، ومؤلف كتاب: (التدبر المستقيم لفهم التنزيل الحكيم) ان في هذه الأيام السؤال يكثر عن حكم مشاركة أهل الكتاب أفراحهم الدينية.
والذي يراه حبيب الله أن الاحتفال مع الناس بالمشتركات الدينية أمر مطلوب، ولا سيما الاحتفال بحدث تاريخي متفق عليه بين الجميع، مثل اليوم الذي ولد فيه عيسى، لأن الاحتفال به مقيس على احتفال النبي صلى الله عليه وسلم، باليوم الذي نجى الله فيه موسى حيث احتفل مع اليهود بذلك اليوم وقال نحن أولى بموسى منهم، لأن الحدث التاريخي الذي كانوا يحتفلون به متفق عليه بيننا وبينهم، وهكذا الاحتفال باليوم الذي ولد فيه عيسى، فهو حدث تاريخي متفق عليه بيننا وبينهم، ونحن أيضا أولى بعيسى منهم، ولهذا ينبغي أن نحتفل بميلاده معهم .
ويؤكد حبيب الله ان الله لا يفرق بين الرسل وبعضهم او الشرائع الرسالية وبعضها وذلك وفق ما قاله تعالي في كتابه الحكيم ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
واكد حبيب الله إنه ما من شريعة من شرائع الإسلام، إلا وقد أخذ على أهلها عهد الله وميثاقه، بتصديق كل ما أنزل قبلهم من الكتب والإيمان بكل من يأتي بعدهم من الرسل، وما أخذ بذلك العهد على قوم، إلا ونبذه بعضهم تعصبا لشريعتهم، مثل ما تعصب من قبلهم لشرائعهم، رغم أنهم جميعا قد أخذ عليهم الميثاق بالوحدة في الدين، فنسوا عهد الله واتبعوا ما تتلوا الشياطين، فسبحان الله عما يصفون، {أَوَكُلَّما عاهَدوا عَهدًا نَبَذَهُ فَريقٌ مِنهُم بَل أَكثَرُهُم لا يُؤمِنونَ}.
﴿وَلَمّا جاءَهُم رَسولٌ مِن عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُم نَبَذَ فَريقٌ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهورِهِم كَأَنَّهُم لا يَعلَمونَ﴾.
وكان الشرفاء قد انتقد بشدة في مقاله الذين يمنعون المسلمين من تهنئة إخوانهم المسيحيين بأعيادهم، أو يُصدرون فتاوى دينية لا تتفق مع رسالة الإسلام السمحة. حيث يدعو القرآن الكريم جميع الناس لنشر السلام والألفة وعدم التفرقة بين المؤمنين.
فبحسب الشرفاء لا يملك أي نبي أو رسول حق تحريم أو تحليل أمور للناس، فهذا حق الله وحده
فيأمر الله تعالى جميع الناس بنشر السلام فيما بينهم.
كما يؤكد الشرفاء ان الله سيحاسب المؤمنين وأهل الكتاب والمشركين والمجوس يوم القيامة بالعدل، فلا فضل لمسلم على غيره إلا بالتقوى.
لذا أوضح الشرفاء انه يجب على المسلمين عدم التكبر على أصحاب الديانات الأخرى، ومحاسبة أنفسهم على معاصيهم.
وأشار الشرفاء في مقاله الى انه يتوجب على علماء المسلمين الرجوع للقرآن الكريم كالمرجعية الوحيدة للتشريع، مطالبا بمخاطبة علماء الدين بضرورة مراجعة فتاواهم للتأكد من توافقها مع القرآن الكريم والعمل على نشر الوعي بين المسلمين بأن الإسلام دين رحمة وسلام وعدل مع غير المسلمين، مع ضرورة تذكير المسلمين بوجوب محاسبة النفس وعدم الاعتماد على الشفاعة يوم القيامة والعمل على إقامة حوارات بنّاءة بين علماء الأديان لتقريب وجهات النظر ونبذ التعصب.
وفي ختام مقاله أشار الى وجوب تذكر قوله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ}
فالإسلام يدعو للتعايش السلمي مع الجميع.