يعد تحليل الحالة الاجتماعية والدينية في العصور المختلفة موضوعًا معقدًا مما تظهر معه بعض الظواهر المشابهة في مختلف العصور، ولكن يجب الحذر من التعميم الزائد.
فعلى الرغم من وجود بعض الأشكال من النفاق والمصالح الشخصية في أي مجتمع، إلا أنه يمكن أيضًا العثور على أفراد يمتثلون للقيم الدينية بصدق ويعيشون حياة ملتزمة.
في فهم الظواهر الدينية والاجتماعية، يمكن أن يكون هناك أيضًا تأثير من التغيرات في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون التطور التكنولوجي وانتشار وسائل الإعلام له تأثير على كيفية انتشار المعلومات وكيف يتفاعل الناس معها. وحول هذا الموضوع تحاور موقع رسالة السلام مع وكيل كلية الاعلام التربوي بإحدى الجامعات العراقية د. عباس عودة.
نواجه اليوم في عصر شيوع المعلومة نفس طبقات المجتمع الذين عاصر الرسول؛ نفاق، مصالح، مجاملات على حساب كتاب الله ودين شكلي وتصريحات بالطاعة لله ورسله ولكنهم في الحقيقة أبعد الناس عن هذه الطاعة. يقولون نحن نطيع الله ونطيع الرسول لكن من خلال طرف ثالث وليس من كتاب الله، ماذا يعني هذا؟
يعني أن ما في القرآن غير قابل للتصديق إلا حسب ما قاله السلف والخلف، وما فعله والرسول وقاله هو دين لكن وفق ما نقله السلف والخلف وليس وفق ما قاله الله في كتابه. المشكلة أن الله فنّد منهجهم الفاسد بأن الذين زعموا أقوال الرسول هم الذين كانوا يغيرون كلام الرسول “ويَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ واللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً”، أي يقولون نحن نطيع الله ونطيع الرسول لكن هناك طبقة منهم قد قرروا تزوير الدين بالكامل وكانت وظيفتهم هي الكتم والتحريف والتزوير للأحداث فلا تعرف الأجيال ما هو الدين الحق.
لذلك السبب كما قال الله: “اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ولا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ” أي أن مصداقية من ينقل إليك أي قول عن الدين هي ليست من الدين فأعرض عنهم ولا تصدقهم ولا تعتبر كلامهم دينًا لأن ذلك يجعلك تتبع أولياء في الدين من دون الله وهذا شرك.
أضاف أن السلف هم الذين عاشوا في زمن نزول القرآن والخلف هو الجيل الذي جاء بعدهم ويسمونهم التابعين، والأجيال اللاحقة قد تبعتهم بالمنهج فصار منهم شركاء مع الله يسمونهم الفقهاء وهم في كل زمان، ويشرعون في الدين ما لم ينزّل الله به من سلطان ويقولون على الله ما ليس لهم به علم: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ولَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
وتابع “كل البلاء الذي نحن فيه اليوم وعبر التأريخ هو نتيجة لهذه الإشكاليات البديهية التي يبينها الله ومع ذلك يرفض معظم الناس تصديق الله والرجوع إلى كتاب الله، كلٌ وفق سقفه المعرفي وخاصة في توحيد الله وعدم الشرك به وان لا يتخذوا من دونه شركاء وأولياء وكتب ما أنّزل الله بها من سلطان:
“أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ”.