اكدت دراسة بعنوان الإسلام وشبهة الإرهاب للباحثة بتول محمد حسين الرماحي انه كان للعمليات الإرهابية التي نّفذت في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية على أيدي من يدعي الانتماء الى الإسلام أثر مهم في إشاعة ارتباط العنف والإرهاب بالإسلام، فما ان تطلق عبارات الإسلام والمسلمين في أي مكان من العالم الغربي حتى ينصرف الذهن المعادي الى تصوير الإرهاب والقسوة والعنف.
وأوضحت الدراسة أيضا ان بعض المشككين والمغرضين يبحثون عن مؤيدات ووثائق لإثبات تلك الشبهات والتهم، فبدأوا بالطعن في بعض الاحكام الشرعية القرآنية التي صبغ ظاهرها العنف والشدة وايذاء المتجاوزين دون النظر99 إلى أصولها وآثارها وغاياتها؛ لذا جاء هذا البحث لمعالجة تلك المشكلة بمحاولة تحليل بعض الآيات القرآنية التي ذكرت أصول تشريع الجهاد في الإسلام وغاياته، ثم التحقيق في أنواع الحدود والتعزيرات والآثار الاجتماعية المترتبة على تنفيذها بعد استيفاء الشروط الشرعية، وتأكيد انها ما شرعت لغايات انتقامية بل لغايات إصلاحية تكاملية تسعى الى تطهير المذنب وتهذيبه ً روحيا ثم الارتقاء بالمجتمع الانساني بردع الاخرين عن الانحراف والرذيلة. فكان البحث بتمهيد هو الإسلام ضد العنف، ومبحث أول في الجهاد في القرآن ( التشريع والغاية)، ومبحث ثان في القصاص والحدود في القرآن الكريم ( التصنيف والآثار)، ثم الحديث عن مرونة التشريع الإسلامي في ايقاف تنفيذ الحدود والعقوبات تحت قاعدة ( درء الحدود بالشبهات)، وخاتمة كتب فيها نبذة عن واقعنا الإسلامي اليوم ٍ والممارسات الإرهابية المنتشرة على أراضيه وأراض غيرها من البلدان التي تعزز إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام لادعاء مرتكبيها الانتماء الى الإسلام وهو منهم براء.
آمن المسلمون أن القرآن الكريم هو نعمة االله على البشر، وأن فيه النور والهدى واليقين والسعادة والفوز في الدارين، وأن االله تعالى ما فرط فيه من شيء، ولا ترك أمرا ّ فيه صلاح الإنسان إلا أنزله فيه، وبه قامت دولة الإسلام وسيست الامة الاسلامية شؤونها.
وعلم القرآن الكريم ليس علما ً تجريديا أو نظريا يراد به التوهيم أو التهويل أو عزل الناس عن الحياة، وانما هو علم مقرون بالعمل لا ينفك عن الإيمان الراسخ والأخلاق السامية والقيم العالية والأهداف النبيلة، إلا ان أعداء الإسلام شنوا الحرب ضده فطعنوا في كتابنا ـــ القرآن الكريم ــــ بروح العنف والشدة، والحقد والضغينة، وطعنونا في صميم عقيدتنا وأصول ملتنا، فرموا الإسلام بالإكراه في الدين، وبالتعصب والدعوة إلى الفجور، واتهموه بأنه سبب تأخر الشعوب.
وهو ما أشار له المفكر والباحث العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في قراءة منفتحة ومتحررة من الأطر التقليدية ذات النزعة الأحادية، خلال سطور كتابة المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي تتبين فكرته المحورية من مفارقته بين نوعين من الخطاب: أولهما الخطاب الديني ويقصد به التراث الديني المتراكم بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى الآن، حيث يعني به التراث الإنساني الذي تمت أسطرته وتحويله أسطورة من ثم إلى مقدس. أما الثاني، فهو: الخطاب الإلهي، الذي يعني بالنسبة للمؤلف النص المؤسس للدين الإسلامي، وهو القرآن الكريم.
ويهدف الشرفاء إلى الدفاع عن النص المؤسس (القرآن) وتبرئته من كل ما نُسب إليه من اتهامات باطلة مثل: (معاداة العلم، الجمود، كراهية الآخر، التعصب، العنف، النزعة القتالية، اضطهاد المرأة)، مؤكدًا أن القرآن لم يكن أبدًا لاهوتيًا؛ فلا يؤسس لأي نزعة لاهوتية، إنما هو رسالة تهدف لتحرير الإنسان من الظلم والجهل والعبودية والأنانية. وتحمل رسالة النص المقدس عديد من المعاني السامية والنبيلة مثل: (الحب، التسامح، العدل، العقلانية، قبول الآخر، نشر السلام، احترام الإنسان لذاته بوصفه خليفة الله في الأرض، وغيرها..
ويقول الشرفاء: “ومن أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة والتشوهات التي تناقلتها مؤلفات الفقه والتفاسير المختلفة – التي اعتمدت على روايات منسوبة لبعض الصحابة تناقلتها الألسن بعد مرور أكثر من قرنين من الزمان على وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تفسير دلالات الآيات في القرآن الكريم وما أحدثته من ارتباك في قناعات المسلمين، وما ترتب على ذلك تشويه صورة الدين الإسلامي عند غيرهم من الشعوب، حينما استقلت كل فرقة بمفهومها الخاص، واتخذت كل فرقة من علمائها مرجعًا وحيدًا في كل ما يختص بفقه العبادات والمعاملات”
وتابع: “وتعصب كل فرقة لمذهبها أدّت إلى خلق كيانات اجتماعية مستقلة في المجتمع الواحد، وصل بعضها إلى تكفير الفرقة الأخرى، وقد تسببت في ذلك فتاوى وتفاسير بشرية اتبعت روايات ضالة تعدَدت مصادرها واختلفت أهدافها لتفريق المسلمين والابتعاد عن نهج القرآن الكريم يتمثل في الرجوع إلى النص القرآني بوصفه المرجعية الأساسية والوحيدة للمسلمين”
وهو ما يتفق مع ما أوردته الباحثة بتول محمد حسين الرماحي في بحثها الإسلام وشبهة الإرهاب حيث قالت ان الجميع سعوا جاهدين إلى صد العقل الغربي عن معرفة الإسلام الحق والوقوف عليه من مصادره ومنابعه الأصلية، فضلا عن محاولة تشكيك المسلمين في عقيدتهم واضعاف روحهم المعنوية، فلم يتورعوا في التشكيك في الاهية النص القرآني والتشكيك بالوحي إلى محمد صلي الله عليه وسلم و الأكاذيب والاساطير بالرجوع إلى آراء وكتابات مستشرقين قدامى عرف عنهم العداء الشديد والخصام الألد للإسلام والمسلمين، مما يؤكد التماثل بين الصورة ــــ السيئة ــــ التي يعرضها المحدثون للإسلام، والصورة السيئة التي وضعها القدامى مع ادعاء المحدثين الموضوعية، ومعالجة أخطاء القدامى وقد أدى ذلك ابتعاد الناس عن محاولة فهم القرآن الكريم وخوفهم الشديد من اتباع الإسلام، ثم الانقياد بلا تفكر وراء أي مثلبة أو شائعة تنقص القيم الإنسانية التي جاء الإسلام بها، منها ما شاع ان الإسلام يدعو إلى الإرهاب والحروب والسلب والنهب، وفرض العقوبات الصارمة على المخطئين من معتنقيه؛ لذا جاء هذا البحث لمعالجة تلك المشكلة بمحاولة تحليل بعض الآيات القرآنية التي ذكرت أصول تشريع الجهاد في الإسلام وغاياته، ثم التحقيق في أنواع الحدود والتعزيرات والآثار الاجتماعية المترتبة على تنفيذها بعد استيفاء الشروط الشرعية، وتأكيد انها ما شرعت لغايات انتقامية بل لغايات إصلاحية تكاملية تهدف ً الى تطهير المذنب وتهذيبه روحيا ثم الارتقاء بالمجتمع الإنساني بردع الآخرين عن الانحراف والرذيلة. فكان البحث بتمهيد هو الإسلام ضد العنف، ومبحث اول في الجهاد في القرآن ( التشريع والغاية )، ومبحث ثان في القصاص والحدود في القرآن ( التصنيف والآثار)، ثم الحديث عن مرونة التشريع الإسلامي في إيقاف تنفيذ الحدود والعقوبات تحت قاعدة ( درء الحدود بالشبهات)، وخاتمة كتب فيها نبذة عن واقعنا الإسلامي الان والممارسات الإرهابية المنتشرة على أراضيه وغيرها من البلدان التي تعزز إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام لادعاء مرتكبيها الانتماء الى الإسلام وهو منهم براء.
وقد خلصت الدراسة الي ان الإرهابيين الذين نفذوا تلك العمليات يكشفون في الحقيقة عن تبعية عمياء لما يملى عليهم مما يدل على ضحالة فكرهم وسذاجة تفكيرهم، وبالتأمل يتضح ان جميع الاعتداءات الإرهابية التي نفذت على أرض تلك البلاد أو غيرها قام بها ً أشخاص يحملون أفكارا ً منحرفة عقديا يريدون أن يفرضوا قناعاتهم على البلاد والعباد بالإرهاب وترويع المجتمعات بالاغتيالات وتخريب الممتلكات وازهاق ّ الانفس، ظانين ان ما يقومون به عين الصواب وهو الطريق الى الجنة وانه الجهاد ّ المأمور به من االله عز وجل متجاهلين الايات القرآنية التي تربي النفس على القيم الإنسانية الفاضلة وتحذر من انتهاك الحرمات والفساد في الأرض
كما اكدت الدراسة علي ان الإسلام يجب ان تكون الدعوة إليه سلمية فقال الله تعالي: ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وقال ( فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ).
وأيضا خلصت الدراسة الي ان الحل الأمثل لتلك المشكلة هي توحيد الكلمة والابتعاد عن مسببات تمزيق وحدة المسلمين، ورد الشبهات والاتهامات التي طالت رسالة الاسلام ووصفتها بانها مادية لا تأخذ بالأبعاد الروحية، وانها دموية تقوم وتنتشر بالسيف والقوة، كل ذلك كان له الأثر الواضح في حدوث حالة الخوف من الإسلام والمسلمين.