اتفقت دراسة اكاديمية للباحث “راضي عبد الاله ” بعنوان : “الردة احكامها واثارها” نوقشت بجامعة الشهيد حمّه لخضر الوادي – معهد العلوم الإسلامية بالجزائر نشرت بالعام 2019 مع ما قاله المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “مقاصد رسالة الإسلام الداعية للسلام” والذي قال فيه ان ” بعد مرور أربعة عشر قرنا من الزمان أدرك اليوم بعض القيادات السياسية، وكثير من المفكرين والباحثين في الشأن الإسلامي في وطننا العربي، وكذا غيرهم من مفكري المسلمين في العالم – أدركوا ضرورة البحث عن أفضل السبل إلى معرفة مقاصد رسالة الإسلام الداعية للسلام، فهي رسالته لخير البشرية جمعاء، بعدما انتشر الفكر التكفيري الذي اعتبر أن كثيرًا من المجتمعات الإسلامية تعيش في عصور الجاهلية الأولى، وقد اتخذ أتباع هذا الفكر المريض من القتل وسيلة لنشر خطاب الكراهية، وتكفير المسلمين، معتبرون أنفسهم الفئة الناجية، وأنهم أهل الحق والأوصياء على حماية الدعوة الإسلامية، وهؤلاء يستمتعون بقتل الأبرياء، ويتعاملون مع الناس بقسوة مفرطة، بما تشربوه من خلال المناهج الدينية في الجامعات والمعاهد الإسلامية من أفكار شاذة – مصدرها كتب الصحاح، وفقهاء المذاهب المختلفة عند المسلمين – فترسخت لديهم قناعة، كونت في نفوسهم عقيدتهم الباطلة، بأنهم حماة الإسلام وغيرهم كفرة وأعداء للإسلام”
واكد علي ان أعداء الإسلام من الجماعات الإرهابية اتخذت من مفهوم حد الردة الذي لا أساس شرعي له في القرآن الكريم او السنة النبوية الصحيحة وسيلة لقتل المسالمين والعزل من المواطنين في كافة البلدان.
وهو ما اتفقت معه الدراسة التي قال فيها الباحث ان حد الردة في الإسلام هو موضوع يثير الكثير من الجدل والاهتمام في العالم الإسلامي وخارجه حيث تناولت الدراسة موضوع حد الردة في الإسلام وعلاقته المحتملة بالإرهاب من خلال تحليل المفاهيم والمعتقدات الدينية والسياق الاجتماعي والتاريخي.
ويقول الباحث ان حد الردة تعود أصوله في الإسلام إلى تفسيرات القرآن والسنة، وتعتبره بعض المدارس الفقهية والعلماء واجبًا يجب تطبيقه في ظل عدم وجود نص صريح في القرآن يحدد عقوبة حد الردة بالإعدام، ويرى بعض العلماء أن الأدلة المستقاة لحد الردة ضعيفة كما تحتوي التقارير الحديثية عن حد الردة على تناقضات واختلافات في تفسير العقوبة.
ومن هنا يشير الباحث الي انه يجب أخذ السياق التاريخي للإسلام في الاعتبار لفهم حد الردة ودوره في المجتمع الإسلامي رغم ما يؤكده بعض العلماء على أن حرية العقيدة من القيم الأساسية في الإسلام وينبغي احترامها.
وقد أشار الباحث الي انه تختلف الآراء حول حد الردة بين المدارس الفقهية، وهذا يعكس التنوع في الاجتهاد الشرعي.
ويؤكد البحث الي انه ورغم ضعف الاسانيد حول حد الردة الا انه تعتبر بعض الدول الإسلامية حد الردة جزءًا من القانون المدني وتطبقه كعقوبة قانونية.
ومن هنا تسعى العديد من الدراسات الدينية الحديثة إلى إعادة التفكير في حد الردة وتجديد فهمه بما يتوافق مع العصر الحديث.
وتشير الدراسة في جزئها الثاني الي انه يجب أن يتم التمييز بين حد الردة والإرهاب، حيث لا يمكن اعتبار كل من يرتد عن الإسلام إرهابيًا من خلال عدد من السياقات منها: –
السياق الاجتماعي: قد يكون الارتداد عن الإسلام بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية وليس بالضرورة لأسباب إرهابية.
الاستغلال السياسي: يمكن أن تستغل بعض الجماعات الإرهابية حد الردة لتبرير هجماتها وأعمالها العدائية.
عدم الاندماج الاجتماعي: يمكن أن يكون عدم الاندماج الاجتماعي والعزلة عوامل دافعة للانتقال عن الإسلام.
التأثير السياسي: يمكن أن تكون الصراعات السياسية والنزاعات الإقليمية مسببة للاضطرابات الاجتماعية والدينية.
الدعاية الإرهابية: يستخدم بعض المتطرفين حد الردة للترويج لأجنداتهم الإرهابية.
الوعظ المتطرف: قد يتعرض الأفراد للتأثير الإرهابي عن طريق الوعظ المتطرف على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية.
الحاجة إلى التعليم والوعي: ينبغي توجيه الجهود لتوعية الناس حول تضليل الجماعات الإرهابية ومحاولاتها الاستفادة من حد الردة لأغراضها.
وقد خلصت الدراسة الي عدد من التوصيات هي
مواجهة التطرف: يجب على الدول والمجتمعات تكثيف جهودها في مكافحة التطرف ومنع انتقال الأفراد إلى الإرهاب.
تعزيز التعليم الديني: يجب توجيه الجهود لتعزيز التعليم الديني الصحيح وتبصير الناس بتعاليم الإسلام الحقيقية.
الاهتمام بالأوضاع الاجتماعية: ينبغي أن تعمل الحكومات على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.
تطوير القوانين: قد يكون من الضروري تحسين التشريعات والقوانين المتعلقة بحد الردة لتحقيق العدل والحكمة.
وفي ختام الدراسة قال الباحث ان حد الردة في الإسلام هو موضوع يتطلب مناقشة مفتوحة ونقاش عميق لفهمه بشكل صحيح وتحقيق التسامح والتعايش السلمي بين الأديان. يجب أن تكون النقاشات مستنيرة ومبنية على المعرفة والفهم الصحيح للنصوص الدينية والسياقات الاجتماعية والتاريخية. التحدي الحقيقي يكمن في محاربة التطرف والترويج لقيم التسامح والسلام بين الناس من جميع الأديان والثقافات.