تعود قضية الوحدة الوطنية الفلسطينية لتكون في صدارة اهتمامات الطبقة السياسية الفلسطينية، خاصة في مواجهة ما تسمي بـ “صفقة القرن” وخطة نتنياهو “الضم”. يجدر التأكيد هنا على أهمية فهم معنى الوحدة الوطنية الفلسطينية بدقة وتمييزها عن الوحدة الفصائلية أو وحدة الطبقة السياسية السائدة وهو ما اوضحه واكد عليه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “الموقف العربي وفرقاء فلسطين”وقد أكد الباحث السياسي اسلام نجم الدين على ضرورة التمييز بين وحدة الفصائل ووحدة الشعب الفلسطيني. واشار إلى أن الانقسامات بين الفصائل هي التي تلقي بظلالها السلبية على الوضع الفلسطيني بشكل عام. “لا يمكن القول إن هناك انقسامًا حقيقيًا بين الفلسطينيين في مختلف أماكن وجودهم، فمعظم الفلسطينيين في الداخل والخارج غير معنيين بالصراعات الفصائلية، وإنما بالوحدة الوطنية التي تعكس مصالحهم وتطلعاتهم”، يقول نجم الدين
واتفق نجم الدين مع المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي أن أكثر من سبعة عقود من تجزئة الشعب الفلسطيني وإقامة إسرائيل، وخضوع الفلسطينيين لأنظمة سياسية وقانونية متعددة، ساهمت في خلق اختلافات في إدراك الفلسطينيين لذواتهم ورؤيتهم كشعب واحد. “هذا لا يعني أن الشعور بالهوية الوطنية قد تلاشى، بل إنه ما زال في صميم الوعي الشعبي الفلسطيني، ولكن ترجمات هذا الوعي على أرض الواقع باتت قاصرة” بحسب وصفه
دور الطبقة السياسية في التفكك الحالي
ويحمل نجم الدين الطبقة السياسية المهيمنة مسؤولية التفكك الحالي في الوعي والممارسة السياسيين لدى الفلسطينيين. ويشير إلى أن تهميش منظمة التحرير الفلسطينية وتركيز الثقل السياسي في الضفة وغزة، أدى إلى تغييب السردية الوطنية المتعلقة بالنكبة لعام 1948. “عندما كانت منظمة التحرير هي المركز، كانت تمثل جميع الفلسطينيين، بما في ذلك فلسطينيي 48، لكن اليوم المنظمة تستبعد اللاجئين الفلسطينيين من معادلاتها”،
يصف نجم الدين الوضع الحالي بأنه الأصعب في تاريخ الفلسطينيين، مشيرًا إلى التفكك بين مجتمعات الفلسطينيين في الداخل والخارج، وتآكل مجتمعات الفلسطينيين في العراق وسوريا ولبنان بسبب الحروب الأهلية والتشرد والظروف الصعبة. مشيرا الي ان القيادات الفلسطينية تركز على تعزيز مكانتها في السلطة دون مراعاة تبعات هذا التفكك بحسب وصفه، مما يزيد من حالة الإحباط لدى الشعب الفلسطيني”
يرى نجم الدين أن استعادة الوحدة الوطنية لا يمكن أن تتم بمجرد عقد مؤتمر صحافي أو بادعاء التوحد إزاء خطر خارجي. “الوحدة الوطنية تتطلب استعادة الرؤية الوطنية الجمعية المطابقة بين الأرض والشعب والقضية، وتوفير الإرادة والقناعة بضرورة التغيير السياسي من خلال إعادة بناء منظمة التحرير لتصبح ممثلة لكل الشعب الفلسطيني”
يختتم الباحث إسلام نجم الدين حديثه بالتأكيد على أن الوحدة الوطنية الحقيقية تحتاج إلى أسس جوهرية تضمن وحدانية شعب فلسطين ووحدة روايته وقضيته ومصيره. “الاحتفاء بالمؤتمر الصحافي بين الرجوب والعاروري أوحى بسلوك درب الوحدة، لكنه سرعان ما تلاشى كأنه مجرد سراب، لافتقاده للأسس اللازمة لتحقيق الوحدة الوطنية الحقيقية”