يتناول المفكر العربى علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله ” دعوة للتمسك بحبل الله ونبذ الفرقة ” الفُرقة والتنازع بين المسلمين من أهل السُنة والشيعة، مع التركيز على تأثير اتباعهم لروايات ومرجعيات دينية متضاربة بدلاً من التمسك بالقرآن الكريم. يبين المقال كيف أدى هذا التنازع إلى حروب وصراعات أضرت بالمجتمعات الإسلامية واستنزفت مواردها.
وقد استشهد المفكر العربي علي محمد الشرفاء بآيات القرآن الكريم لتحذير المسلمين من اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، والابتعاد عن التفرق، والتمسك بحبل الله، مؤكداً أن الوحدة الإسلامية هي السبيل للخلاص من الفتن والصراعات.
كما يوضح أن القرآن الكريم لم ينزل ليدعو إلى مذاهب أو فرق، بل إلى وحدة الصف بين المسلمين تحت مسمى الإسلام فقط، ويحذر من العواقب الوخيمة للابتعاد عن هذا النهج.
ويدعوا المفكر علي الشرفاء المسلمين إلى العودة إلى القرآن الكريم وسُنة الرسول محمد ﷺ، والابتعاد عن الفتن والفرقة، والتركيز على مبادئ العدالة والرحمة في التعاملات الإنسانية، ليحققوا السلام والوحدة والرخاء في مجتمعاتهم.
الرويات الضالة والبعد عن شريعة الله
اعتمد أنصار (السُنة والشيعة)، في عقائدهم على روايات ضالة، وآمنوا بمرجعياتٍ متضادة لمن تم تصنيفهم بعلماء الدين أو شيوخ الإسلام، تبنوا آراءهم دون تمحيص وتدقيق بعيداً عن شريعة الله، ورسالة الإسلام التي أنزلها الله على رسوله في كتاب كريم، فتم استدراج الطائفتين (السُنة والشيعة) إلى نفق مظلم استنفذوا دماءهم وطاقاتهم واقتصادياتهم، وتم نشر الكراهية والحقد بينهم من أعدائهم. فقد حادت الطائفتان عن الطريق المستقيم وهجرتا القرآن الكريم، واتبعوا الشيطان الرجيم واتباعه الضالين، فحدث بينهم الخــــلاف والتنازع الذي أدى إلى اقتتالهم، فتحطمت مدنهم وقراهم وتم نهب ثرواتهم وكل منهم لجأ الى اعداء الإسلام يستمد منه الدعم والعون ضد اخوانهم من المسلمين، يستمتعون بتدمير أوطانهم مستأنسين بسرقة ثرواتهم، فرحين بالدماء البريئة التي تسيل في الصحاري والوديان، بالرغم من أن الله سبحانه حذر المسلمين في كتابه المبين بقوله سبحانه: ﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ ﴾ ( المائدة: ٥١)،عصوا الله ولم يتبعوا تحذيره فعاقبهم بما كسبت قلوبهم وأيديهم ما يعيشونه اليوم من صراع واقتتال وتناحر فيما بينهم ، متخذين اليهود والنصارى أولياء وسيوردونهم مواطن الهلاك، وقد حذر الله المسلمين بقوله سبحانه﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَۚ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمۡ لِیَوۡمࣲ تَشۡخَصُ فِیهِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ ٤٢ مُهۡطِعِینَ مُقۡنِعِی رُءُوسِهِمۡ لَا یَرۡتَدُّ إِلَیۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَاۤءࣱ ٤٣﴾ (إبراهيم: ٤٢- ٤٣).
كيف عصت طائفتي السنة والشيعة أمرِ اللهِ
كما تم ايضا عصيان أمرِ اللهِ من قبل الطائفتين في قوله تعالى ﴿وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ فَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦۤ إِخۡوَٰنࣰا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ﴾ ( آل عمران: ۱۰۳).
ونظرا لعدم التزامهم بأمر الله بالوحدة التي تتحقق نتيجة لتمسكهم بالخطاب الالهي كتابه المبين اشتعلت الفتنة بينهم مما أدى الى الصراع والقتال فيما بينهم خلال أربَعَةَ عَشَرَ قرناً أو يزيد ، وقد توعدهم الله سبحانه وتعالى بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثم يُنَبِّئُهُم بما كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ ( الأنعام: ١٥٩) وبهذه الآية يحذِّرُ الله سبحانه المسلمين بأن الرسول الذي جاء بدعوة التوحيد يدعوهم للتمسك بكتاب الله الذى يوحدهم ويحميهم من الفرقة والتنازع فيما بينهم، لم يتبعوا ما بلغهم به من آيات الله التي تحث على الوحدة، وتفرقوا شيعاً وأحزاباً.
لم يعد المسلمون يتبعون الرسول بتفرّقهم وتشرذمهم
فلم يعد الرسول منهم لأنهم اتبعوا روايات البشر وشياطينهم، فلم يعد المسلمون يتبعون الرسول بتفرّقهم وتشرذمهم، وهو الذي يدعو للوحدة والتعاون والتآزر وعدم التفرق فيما بينهم. غضب الله عليهم عندما اشتعلت الفتن والحروب فيما بينهم. يدمرون أوطانهم ويقتلون أطفالهم، ويسقط ملايين الضحايا الأبرياء، تسيل دماؤهم ظلماً وعدواناً لأنهم هجروا القرآن ولم يتبعوا المنهج الإلهي، فحذرهم الله بقوله تعالى { ومَن أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } (طه: ١٢٤).
لذا فإنه لا يوجد نص في القرآن الكريم باتباع أي من المذاهب التي ما أنزل الله بها من سلطان، وأن الخطاب الإلهي يدعو الناس كافة إلى الإسلام ووحدة الصف والاعتصام بحبل الله، ويحذر من تفرق المسلمين إلى فرق وطوائف وشيع مختلفة، بل الالتزام بتسمية واحدة هي (المسلمين) ، والتي بالتمسك بها تزول أسباب الفرقة والتحزب ، وأن يكون الانتماء فقط للإسلام ، تأكيداً لقوله تعالى: ﴿وَمن يبتغ غير الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ( آل عمران: ٨٥). فبهذه الآية لن يقبل الله تعالى من المسلمين يوم القيامة أن يُبعثوا بمسميات ومصطلحات غير الإسلام دون مذاهب اختلقها البشر لأسباب سياسية أو لتحقيق مصالح دنيوية، بل المسلم الحق هو من اتبع المنهج الإلهي في القرآن الكريم واتبع ما علمهم رسول الله- ﷺ- في كيفية إقامة الشعائر الدينية وتطبيق السلوك الأخلاقي، واتباع الفضيلة، والالتزام بالعدل في المعاملات، وعلاقات إنسانية أساسها الرحمة والإحسان، والابتعاد عن الظلم بكل أشكاله.