اشاد الباحث الجزائري أحمد دريس بالرؤية الثاقبة التي قدمها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “هل العالم جاهز لسماع الرسالة؟”، شاكرا الشرفاء على تسليطه الضوء على الأهمية البالغة لإعمال العقل والتفكير المنطقي السليم في مجتمعاتنا العربية. يرى دريس أن الرقي والازدهار الحقيقيين لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال تعزيز المعرفة والعلم والتفكير النقدي. ويشدد على أن العقلانية والتدبر هما الأساس الذي يجب أن نبني عليه حضارتنا، وهو ما يتفق مع جوهر الدين الإسلامي الذي يحض على التفكير والتأمل.
يشير دريس إلى أن مشكلات المجتمعات العربية تعود بشكل كبير إلى غياب التفكير العقلاني والتدبر في الأمور، موضحا أن مجتمعاتنا غالباً ما تتخذ قراراتها بعد فوات الأوان، مما يؤدي إلى سلسلة من الأزمات والهزائم، منتقدا استخدام العنف كوسيلة للتعبير عن الرأي أو تحقيق الأهداف.
ويؤكد دريس أن الحرية الحقيقية تكمن في حرية الفكر والتعبير السلمي، مشيرا إلى أن الإسلام في جوهره يدعو إلى التفكير العقلاني ولا يتعارض مع الحرية الفكرية، وأن التكفير بدلاً من التفكير هو ما أدى إلى تراجع المجتمعات الإسلامية.
يتحدث دريس عن التحديات التي تواجه المجتمعات العربية اليوم، مشيراً إلى أن الفساد والاستبداد وتدهور مستوى التعليم يأتي بسبب دمج الدين بالسياسة والفن والاقتصاد بشكل غير حكيم، مما أدى إلى تعقيد الأمور وزيادة المشاكل، مؤكدا على ضرورة التفريق بين الدين كقيمة روحية والتدين كتعبير شخصي، وبين الإسلام كدين عالمي والمسلمين كأفراد قد يخطئون.
ويبرز دريس أن الإسلام جاء ليكون نوراً وهداية للبشرية، وليس ليتحول إلى أداة لتحقيق أهداف سياسية أو شخصية.
ويشدد على أن الإسلام يجب أن يظل ديناً عالمياً يخاطب جميع البشر، ولا ينبغي لأي فرد أو جماعة احتكار تفسيره، مشيرا إلى أن الدين الإسلامي اكتمل بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يمكن لأي جماعة ادعاء احتكار الحقيقة الدينية.
وينتقد دريس التوجهات التكفيرية التي تقسم البشر إلى مؤمنين وكافرين، مؤكداً أن الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، معبرا عن قلقه تجاه وضع المسلمين اليوم، مؤكداً أن الإسلام والقرآن محفوظان بأمر الله.
كما يدعو دريس إلى العودة إلى القرآن كمصدر للهدى والإرشاد، مؤكداً أن القرآن يحتوي على القيم والمبادئ التي يمكن أن تقود المجتمعات نحو الاستقرار والازدهار. ويوضح أن الإسلام، في جوهره، دين يدعو إلى التفكير العقلاني والعدالة والمساواة، مشددا على أن السلطة لا يجب أن تكون مطلقة، وأن الحاكم يجب أن يكون خاضعاً للمساءلة.
ويرى أن الاستبداد هو العدو الأول لتقدم المجتمعات، وأنه يجب على المجتمعات العربية التخلص من القيود الفكرية والسياسية لتحقيق التنمية والنهضة.
يختم دريس بالقول إن المستقبل يعتمد على قدرة المجتمعات على إعمال العقل والتفكير النقدي، وعلى قدرتها على التفريق بين ما هو ديني وما هو دنيوي، مؤكدا أن الإسلام ليس أفيون الشعوب، بل هو دين يدعو إلى التقدم والرفاهية إذا ما تم فهمه وتطبيقه بالشكل الصحيح، مشددا على أن الشعوب يجب أن تكون واعية وفعالة في تقرير مصيرها، وأنها لا يمكن أن تظل حقولاً للتجارب ومرتعا لأهواء الحكام.