كما يؤكد الحاج أن فهم القرآن بشكل شامل وكامل هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والعدالة في العالم، وأن تجاهل هذه الرسالة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الصراع والفوضى. يشدد على أن العودة إلى القيم الروحية والأخلاقية هي الأساس لبناء عالم أفضل وأكثر استقراراً للجميع.
وحول مفهوم الرسالة القرآنية وشموليتها لكافة البشر، أوضح الحاج “بغض النظر عن دياناتهم أو خلفياتهم الثقافية، وينطلق الحاج من الآية القرآنية “تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً” (سورة الفرقان، آية 1)، ليؤكد أن رسالة القرآن ليست موجهة لجماعة معينة أو شعب محدد، بل هي رسالة عالمية تشمل جميع البشر. هذه الرسالة، بحسب الحاج، تتجاوز الحواجز الدينية والثقافية، لتصل إلى الهندوس والبوذيين الذين يقدمون الطعام كقربان لآلهتهم، كما يتضح في الآية “قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم” (سورة الأنعام، آية 14)، حيث يخاطب الله هؤلاء الناس داعياً إياهم إلى الإيمان به وحده، الموجد لكل شيء.
ويكمل الحاج قائلا “يمتد خطاب القرآن ليشمل اليهود الذين يرون أن نسبهم لإبراهيم عليه السلام سيعفيهم من حساب الله، ويأتي ذلك في الآية “وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون” (سورة البقرة، آية 80).
يؤكد الحاج أن القرآن يدعوهم إلى إعادة النظر في معتقداتهم وتبني فكرة الحساب الإلهي الشامل، كما يخاطب القرآن المسيحيين الذين يعتقدون بأن عيسى ابن الله، قائلاً: “يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه” (سورة النساء، آية 171)، مؤكداً على وحدانية الله وأن المسيح هو رسول من عند الله وليس ابن الله الأزلي كما يعتقدون.
ويشير الحاج إلى أن رسالة القرآن ليست مقتصرة على المؤمنين بالله فقط، بل تشمل حتى الملحدين، حيث يدعوهم القرآن إلى التأمل في الكون والخلق، كما في الآية “أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت” (سورة الغاشية، آية 17)، وهو ما يعد دعوة للتفكر في الطبيعة واكتشاف وجود الله من خلال خلقه، وهذه الدعوة الشاملة تجعل من القرآن كتاباً يوجه رسالته إلى كل البشر دون استثناء، ويحثهم على التفكر والتدبر في الحقائق الكونية والدينية.
ويعتبر الحاج أن رسالة القرآن ذات أهمية خاصة في العصر الحالي، حيث أصبح العالم قرية صغيرة متصلة بوسائل التواصل الحديثة. ويرى أن القرآن يقدم رؤية شاملة ومنهجية للحياة والكون، مؤكداً أن الهزيمة الشاملة التي يعاني منها العالم الإسلامي على مختلف الأصعدة هي نتيجة لابتعاد المسلمين عن التعاليم القرآنية. ويستشهد بالآية “وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً” (سورة الفرقان، آية 30) ليؤكد أن هجر القرآن هو السبب الرئيسي للمشكلات التي تواجه المسلمين اليوم، داعياً إلى العودة للقرآن كمرجع وحيد لحل هذه الأزمات.
كما يوجه القرآن رسالة خاصة إلى العالم الغربي، محذراً إياهم من الاعتماد المفرط على التقدم المادي والتكنولوجي، دون الالتفات إلى المبادئ الأخلاقية والروحية. ويستشهد الحاج بالآية “إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً” (سورة الكهف، آية 7)، ليشير إلى أن هذا التقدم يمكن أن يتحول إلى كارثة إذا لم يترافق مع الالتزام بالقيم الإنسانية العليا. ويضيف أن القرآن يحذر من أن التقدم المادي وحده لا يكفي لحماية المجتمعات من العقاب الإلهي إذا تجاهلوا العدالة والحق، كما في الآية “أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم” (سورة الروم، آية 9).
ويؤكد الحاج أن القرآن يقدم توجيهات واضحة وشاملة لجميع البشر، بما في ذلك ضرورة التعاون والتفاهم بين مختلف الأديان والثقافات. يذكر أن الله يوجه خطابه إلى اليهود أيضاً، مؤكداً أن أفعالهم ستؤثر على مصيرهم، كما في الآية “إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها” (سورة الإسراء، آية 7)، لافتا إلى أن هذه الرسالة تؤكد على مسؤولية الأفراد والجماعات عن أفعالهم، وتشجع على التعاون والتعايش السلمي بين مختلف الشعوب والأمم.
يختتم الحاج رده بتأكيده على أن القرآن يدعو الجميع إلى التسامح والعدالة، مشيراً إلى الآية الكريمة “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا” (سورة الحجرات، آية 13). ويشير إلى أن هذه الدعوة للتعارف والتفاهم هي القاعدة الذهبية التي يجب أن يسير عليها العالم لتحقيق السلام والعدالة. ويرى أن القرآن يذكر البشر بأهمية العدل والإحسان كما في الآية “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى” (سورة النحل، آية 90)، مؤكداً على القيم الأخلاقية المشتركة التي تجمع بين جميع الأديان.