تعد الصراعات المذهبية هي أحد التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات في العديد من المناطق حول العالم. تنشأ هذه الصراعات عادةً عندما تتصادم المعتقدات والممارسات الدينية المختلفة، وتتفاقم بسبب الخلافات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي هذا الصدد وفي ضوء مقال المفكر العربي ” علي محمد الشرفاء الحمادي “ بين المذاهب والسياسة” والذي اشار فيه الى
إن ظهور المذاهب المختلفة من سُنة وشيعة وغيرهما من المذاهب، كان دافعه السياسة والتمييز وخلق طوائف متعددة، كل طائفة تستند إلى مرجعية ابتدعت روايات ما أنزل الله بها من سلطان، واختلقت أخباراً وأحاديث منسوبة للرسول ﷺ من أجل أن يجعلوها قاعدة لبناء فقه ديني خاص لكل منهم يختلف عن الطائفة الأخرى، مما أدى إلى تفرق المسلمين شيعاً وأحزاباً. والهدف من ذلك تحقيق غاية أعداء الدين الإسلامي، في جعل المسلمين ينصرفون عن القرآن الكريم ليسهل عليهم تفريقهم، وزرع بذور الفتن فيما بينهم.
وفي ضوء المقال اجرت رسالة السلام حوارا مع الدكتور حسين حمد الفقيه أستاذ بجامعة السيد محمد بن علي السنوسي الإسلامية بليبيا، وباحث، ومترجم ليبي. مهتم بتاريخ العلوم. حول كيفية حل هذه الأزمة وكيفية العمل على نشر ثقافة التعايش السلمي بين المذاهب.
وفي هذا الإطار قال الدكتور حسين الفقيه أن التعايش السلمي ونبذ المذهبية هما أمران حيويان لبناء مجتمع مترابط ومزدهر، وللأسف المذهبية والطائفية تؤديان لا محالة الى اشكاليات متعددة تقوي العنف وتساعد علي خلق بيئة اجتماعية غير مستقرة، فتحقيق التعايش السلمي بين المذاهب يتطلب جهودًا متكاملة ومستمرة من المجتمع ككل، وقد يستغرق وقتًا طويلاً لتحقيق تغيرات جذرية، ومع ذلك، فإن الالتزام بتعزيز الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح والتعايش هو خطوة هامة نحو تحقيق سلام أكثر استدامة في العالم.
- من وجهة نظرك كاستاذ جامعي هل هناك دور للتعليم والوعي في تعزيز الحوار والتفاهم بين جموع الافراد في المجتمع وكيف يتم ذلك؟
عندما يكون للأفراد والمجتمعات فهم صحيح وواعٍ للأديان والمعتقدات الأخرى، يمكنهم تجنب الأحكام الجاهلية والتحيزات النمطية. يجب تشجيع التعليم المتبادل بين المجتمعات والتعرف على التاريخ الديني والثقافي للآخر، كما يعتبر الحوار الصريح والمفتوح بين المذاهب والأديان وسيلة قوية لتعزيز التفاهم المتبادل وإزالة التبعية والشكوك، ويجب تشجيع مناقشة القضايا الحساسة بصراحة واحترام.
- هل ترى أن هناك ضرورة لتعزيز مفاهيم الحرية الدينية من اجل مكافحة التطرف وبناء الثقة والتعاون ؟
يجب أن تكون الحرية الدينية حقًا مكفولًا للجميع، حتى يتمكن كل شخص من ممارسة دينه بحرية وبدون قيود غير مبررة. وهذه الحرية يجب أن ترتبط بالتصدي بحزم للتطرف والتحريض على العنف بين المذاهب، ويجب محاسبة الأفراد والمؤسسات التي تروج للكراهية والعنف باسم الدين مما يؤدي الى بناء ثقة المشاركة في الأنشطة المشتركة والتعاون الاجتماعي بين المجتمعات المختلفة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التعاون في المشروعات الاجتماعية والتطوعية.
- هل تلعب القيادات الدينية والاعلام والحضرية دور بارز في نشر ثقافة التعايش السلمي ؟
نعم يمكن أن يلعب القادة الدينيون دورًا هامًا في ترويج ثقافة التعايش السلمي، يمكنهم التأكيد على القيم المشتركة والتركيز على أهمية التعايش والاحترام المتبادل.
كما يمكن للإعلام أن يساهم بشكل كبير في ترويج ثقافة التعايش السلمي من خلال نشر المعرفة الصحيحة وتجنب التحريض والتشويه.
ويمكن أن يعزز التبادل الثقافي والحضاري بين المجتمعات الثقافات المتباينة، ويساهم في تجاوز الصراعات المذهبية.
- كاستاذ جامعي ما هو الدور المأمول من الجامعات والمراكز البحثية والمشاركة المجتمعية؟
يمكن للجامعات والمراكز البحثية أن تلعب دورا هامًا في تعزيز ثقافة التعايش السلمي. يمكن تنظيم ندوات ومحاضرات تعريفية حول مفاهيم الحوار البناء والاحترام المتبادل بين المذاهب وتشجيع البحوث التي تساهم في فهم أعمق لجذور الصراعات وسبل التغلب عليها. كما يجب أن تكون الجهود نحو تحقيق التعايش السلمي مشتركة وشاملة. يجب تشجيع المجتمعات المختلفة على المشاركة الفاعلة في عملية بناء الثقة والتعاون عبر الحوار والنقاش المفتوح.
- تعد الصراعات المذهبية احد اسباب العنف ورفض التعايش السلمي خاصة أن تلك الصراعات لها تاريخ طويل كيف يمكن مواجهتها ؟
قد تكون الصراعات المذهبية مرتبطة بتاريخ طويل من التوترات والتنافس بين المذاهب. يجب العمل على تجاوز هذه الخلافات والتركيز على القيم المشتركة والأهداف المشتركة التي يمكن أن تجمع المجتمعات.
كما يمكن مكافحة تلك الصراعات من خلال التركيز على تعزيز القيم الإنسانية العالمية التي تجمع بين جميع الثقافات والأديان، مثل قيم العدل والرحمة والتسامح والتعاطف. هذه القيم تسهم في تعزيز ثقافة التعايش السلمي.
وقد تكون الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة مسببًا للتوترات بين المجتمعات. يجب العمل على تحسين ظروف الحياة وتوفير فرص العمل والتعليم لجميع أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية.
- في نهاية الحوار ما هي الرسالة التي توجهها للشعوب العربية ؟
تحقيق التعايش السلمي بين المذاهب يتطلب جهودًا متكاملة ومستمرة من المجتمع ككل، وقد يستغرق وقتًا طويلاً لتحقيق تغيرات جذرية. ومع ذلك، فإن الالتزام بتعزيز الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح والتعايش هو خطوة هامة نحو تحقيق سلام أكثر استدامة في العالم. كما يجب أن تكون جهود نشر ثقافة التعايش السلمي مستمرة ومتواصلة، ويجب أن يكون لجميع أفراد المجتمع دور نشط في هذه الجهود. إن تعزيز الحوار والتفاهم والاحترام المتبادل يمثل الأساس لبناء مجتمع يسوده السلام والتسامح بين جميع أفراده.