نستعرض معكم اليوم كتاب “عالم بدون إسرائيل” للكاتب الاماراتي محمد الباهلي والذي يشير فيه الي أن إسرائيل كيان استعماري فبحسب الباهلي إسرائيل أنشئت من قبل الاستعمار الغربي لتحقيق أهدافه في المنطقة، لا علاقة لها بالشعب اليهودي. كما إسرائيل أقيمت على أرض فلسطين عن طريق القوة وطرد السكان الأصليين من ديارهم. خاصة ان الهجرة اليهودية إلى فلسطين تمت بتخطيط ودعم استعماري لا علاقة لها بالحق التاريخي. وإسرائيل ارتكبت وما زالت ترتكب أبشع أنواع الإبادة بحق الشعب الفلسطيني. فإسرائيل تعتمد في بقائها واستمرارها على دعم القوى الاستعمارية خاصة أمريكا. كما ان وجود إسرائيل كيان غريب فرض بالقوة لا يتناسب مع مصلحة المنطقة وشعوبها. لذلك يرى الكاتب أن القضاء على هذا الكيان الاستعماري أمر حتمي وضروري لاستتباب الأمن والسلام في المنطقة.
وهو ما يتفق مع ما قاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي حين قال في مقاله في “صناع الاحتلال لن يساندوا المقاوم.. هكذا ضاعت فلسطين وهكذا تعود” حيث أشار الي ان حقيقة القاعدة الحياتية الثابتة تؤكد أن من يملك القوة يملك الحق حتى لو كان هذا الحق باطلا، وهذا مبدأ الأزلية التي تؤسس لقاعدة (القوة تفرض الحق)، فلا مكان في الحياة للضعفاء حتى لو كانوا أصحاب حق، وهذا ينطبق على ما يحدث لأشقائنا في فلسطين من خلال المشاهد الدموية الباكية والجرائم التي يرتكبها الصهاينة وحلفاؤهم في العالم في حق أوطاننا، منذ بدء المؤامرة الدولية لإيجاد وطن لليهود وحتى اليوم، حيث اكد الشرفاء أن من أنشأ إسرائيل ومكن لها في فلسطين هم الغرب، من خلال تفريق وتمزيق الوطن العربي، وتحقق لهم ذلك عندما غابت العقول العربية، ولذلك ليس غريبا أن تدعم أمريكا وبريطانيا والغرب إسرائيل، لأن الكيان المحتل مشروعهم التاريخي لتفريق العرب وتفكيك وحدته ونهب ثرواته، وبإسقاط ما تقدم على الواقع الفلسطيني والماضي الذي يعود إلى أكثر من قرن من الزمان، بداية من الفصل الأول حتى واقعنا الحالي المرير، فعندما تم التخطيط للاستيلاء على فلسطين وتشكيل وطن يهودي يفرق العرب ويمكن الغرب وأمريكا من مفاصل الشرق الأوسط وباقي دول العالم وحتى يتم تنفيذ المخطط يحسب ما ذكرة المفكر العربي علي الشرفاء كان لابد من خلق وطن غريب عن العالم العربي يقسمه بين مشرق ومغرب ليسهل عليهم تقليص نهضته، وإعاقة تطوره وتقدمه وحرمانه من استغلال ثرواته الطبيعية، من بترول وغاز ومعادن، وأن تتعاون الدول المجتمعة في مؤتمر لندن لتسهيل ودعم الصهاينة اليهود، بكل الوسائل السياسية والعسكرية والمالية وهنا تحقق الأمر في ميلاد وطن قومي لليهود الصهاينة في قلب الأمة العربية، التي تمزق جسدها وتفرق شعوبها وظهرت فيهم الفتن ونشأ بينها الصراع والقتال ونجح المخطط وكانت إسرائيل في مأمن، واستطاعت أن تسلب أكبر قدر من الأراضي لتبني المستوطنات، والعرب وأصحاب الأرض الفلسطينيون مشغولون بأنفسهم.
ونستكمل معكم عرض كتاب “عالم بدون إسرائيل” للكاتب الإماراتي محمد والذي يحذر فيه من مؤامرة إيرانية إسرائيلية على العالمين العربي والإسلامي، مشيرًا إلى أن هناك تحالفا سريّا قائما بين إسرائيل وإيران تؤكده الشواهد التاريخية والحاضرة، حيث يوجد في إسرائيل نحو مئتي ألف يهودي إيراني مع أبنائهم، ينتمي بعض هؤلاء إلى أعلى مستويات النخبة السياسية.
فالرئيس الإسرائيلي السابق موشيه كاتساف ونائب رئيس الوزراء شاؤول موفاز ولدا في إيران، كما أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الاسبق دان حالوتس من أبوين إيرانيين مهاجرين، كذلك توجد في إيران أكبر جالية يهودية في الشرق الأوسط، وهي جالية تتمتع بدور سياسي في المجتمع الإيراني. وتشير التقديرات إلى وجود 40 كنيسا يهوديا في إيران بعضها ملحق بمدارس عبرية، وهناك مكتبة بها 20 ألف كتاب، ومستشفيات ومقابر يهود، لذلك فيهود إيران ويهود إسرائيل لا يرون أنهم يبتعدون كثيرا عن بعضهم بعضا خاصة مع تيسّر الاتصال والحركة بين إسرائيل وإيران.
ولفت إلى أن النظامين الإيراني والإسرائيلي متفقان على خطاب كاذب يغطي على أهدافهما المشتركة والتي تشمل الدول العربية واستقرارها، وقال “كلاهما يعمل على توزيع مهام الخطاب بين الكادر الرسمي وغير الرسمي، فيتحدث وزير الخارجية عن ضرورة حل الأمور بصورة سلمية، بينما خطاب وزير الدفاع أكثر شدة وخطاب عضو البرلمان أشد عنفا، ثم يأتي دور رجال الدين ليكون خطابهم مشبعا بالألفاظ الأيديولوجية الحادة، وقد جعلت إيران من نفسها أكثر الأطراف الإقليمية مجاهرة بتأييد القضية الفلسطينية، لكن نادرا ما اقترن هذا الكلام بالأفعال على اعتبار أن المصلحة الاستراتيجية لطهران تقتضي التوتر مع إسرائيل واستخدامها في إعادة بناء العلاقات مع الولايات المتحدة”.
وتأكيدا لكلامه يشير الباهلي إلى كلام الكاتب الإسرائيلي عنار شيلو، في مقالة له منشورة في هآرتس بتاريخ 26 أغسطس 2012 “إسرائيل وإيران حلف أبدي”، حيث قال إن “إيران محتاجة إلى إسرائيل فلولا وجود إسرائيل لاحتاجت إيران إلى إيجادها، وإسرائيل هي ترياق النظام الإيراني الذي يجب أن تشتريه، فهو باق بفضلها منذ سنين طويلة، كما أن الخطابة المعادية لإسرائيل تمكن من صرف الانتباه الجماهيري عن مشكلاتها الحقيقية”.
وأضاف الباهلي، في كتابه الصادر عن دار العين بالقاهرة، أن إيران في سبيل تحالفها السري مع إسرائيل والولايات المتحدة “قدمت كل العون لواشنطن في حربها بأفغانستان، وأبدت استعدادها التام للتنازل في كثير من القضايا، حيث وضع الإيرانيون كافة أوراقهم على الطاولة أمام الأميركيين، وعرضوا وقف دعمهم للحركات الإسلامية، واستعدادهم لنزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي، وفتح البرنامج النووي بالكامل أمام عمليات تفتيش دولية غير مقيّدة، وقدموا عرضا بالتفاهم مع إسرائيل.
وبناء عليه فإن الإشكالية المهمة في التحالف السري الإيراني ـ الإسرائيلي، هو انعكاساته الخطيرة على العرب والمنطقة العربية، حيث أن امتلاك إيران السلاح النووي سوف يكون على حساب الأمن القومي العربي وليس لمواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة، وهذا ما أكدته دراسات كثيرة.
ويكفي مثالا على ذلك ما قاله يوسي الغير، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، من أن “الإيرانيين يتحدثون عنا، لكننا لسنا سببًا يدفعهم إلى تطوير أسلحة نووية”.
ولعل روبرت بير، عميل الاستخبارات الأميركية، كان واضحا في تحديد نوع الخطر عندما قال في حديثه لمجلة الوطن العربي الصادرة بتاريخ 26 ديسمبر 2007، إن الحديث الإيراني عن تدمير إسرائيل مجرد كلام فارغ، إن آخر اهتمامات إيران هي القدس، فكل ما تقوله إيران واجهات مزيّفة وعندما يتوصل الفلسطينيون إلى اتفاق مع إسرائيل، فإن إيران ستقبل به. لقد قامت الولايات المتحدة بتدمير أعداء إيران مثل طالبان وعراق صدام، كما أن من صنعتهم هم المسيطرون الآن في أفغانستان وكذلك الذين يسيطرون على الحكومة العراقية، وأنا أرى أن السيطرة على العرب لا تتم إلا عبر الاتفاق الإيراني ـ الإسرائيلي”.
وأوضح الباهلي أن اللعبة المزدوجة التي تحاول إسرائيل أن تتحرك من خلالها في المشهد العربي بكل أحداثه وتطوراته خطيرة جدا، وستعمّق حالة عدم الاستقرار في الدول العربية، وتزيد من حالة الإرهاب والتوتر والتطرف والطائفية في المنطقة.
ويتعرض الكتاب إلى مختلف جوانب الإرهاب الإسرائيلي بدءًا من إرهاب الإبادة إلى إرهاب الفكر والمفكرين، كاشفا عن دور الموساد فيما جرى ويجري في العديد من الدول العربية وعمليات الاختراق والاغتيال التي قام بها، ويتوقف مع العقل العربي في دراسة طويلة يتساءل فيها هل استيقظ العقل العربي من “كبوته” بعد كل هذه الأحداث التاريخية والمعارك والكوارث القومية والتخبّطات السياسية والحروب الإعلامية والفكرية والفوضى الأيديولوجية والشعارات الوهمية، لأن يمتلك أدوات فكرية صحيحة من خلال كل تلك الأحداث والتجارب بحيث تجعله قادرا على دراسته دراسة تحليلية سيكولوجية متأنية وفق منظور الأحداث؟