قال الباحث العراقي والمتدبر في كتاب الله، اخلاص توفيق، تعقيبا على مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي “لماذا تاه المسلمون؟” أن “الشرفاء” تناول عدة نقاط مهمة تستحق النظر والتأمل العميقين، من بين هذه النقاط تراجع المسلمين في المجالات العلمية والاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أنه لا شك أن هذا التراجع يعكس أزمة حضارية تعود جذورها إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، ولكن يجب علينا أن ننظر إلى هذه الأزمة من زوايا متعددة لفهم أعمق.
وأضاف توفيق انه لا يمكن إغفال دور الاستعمار الذي تعرضت له الدول الإسلامية في القرن الماضي والذي أثر بشكل كبير على بنيتها التحتية والسياسية والثقافية، فالاستعمار لم يكن مجرد احتلال للأراضي، بل كان محاولة لطمس الهوية الثقافية والدينية للشعوب المستعمرة، مما أدى إلى خلق حالة من الفوضى والتبعية الاقتصادية والسياسية، وهذه الحالة المستمرة من التبعية والإرث الاستعماري لا تزال تعيق تقدم العديد من الدول الإسلامية حتى اليوم.
وتابع توفيق ” من الناحية الدينية، هناك مشكلة حقيقية تتمثل في الفهم المتشدد والمتطرف للإسلام الذي يروج له بعض الجماعات، هذا الفهم المتطرف يؤدي إلى تفسيرات خاطئة للنصوص الدينية ويزرع الكراهية والعنف بدلاً من التسامح والمحبة”.
وأكد إن تجديد الخطاب الديني ليكون أكثر اعتدالاً وتسامحاً أصبح ضرورة ملحة لإعادة بناء المجتمعات الإسلامية على أسس سليمة.
فى سياق متصل، أشار توفيق إلى وجوب أن نولي اهتماماً خاصاً للتعليم باعتباره الأساس لبناء أي مجتمع متقدم، موضحا أن التعليم في الدول الإسلامية غالباً ما يفتقر إلى الجودة والإبداع ويركز على التلقين بدلاً من التفكير النقدي، مؤكدا على ضرورة أن يكون هناك إصلاح جذري في المناهج التعليمية لتشجيع البحث العلمي والابتكار وربط التعليم باحتياجات سوق العمل.
وأوضح توفيق انه يمكن القول إن المسلمين تاهوا نتيجة تداخل عوامل متعددة منها الاستعمار، والإدارة السياسية الفاسدة، والفهم المتشدد للدين، والتعليم الضعيف، لافتا إلى أن حلول هذه الأزمة تتطلب مقاربة شاملة تتضمن إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وتعليمية، فمن خلال العمل المشترك والتعاون يمكننا أن نعيد للأمة الإسلامية مكانتها الحقيقية في العالم.
وأوضح توفيق أن الطريق إلى استعادة مكانة الأمة الإسلامية يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية بدءً من الحكومات والمؤسسات التعليمية والدينية وصولاً إلى الأفراد أنفسهم، مشترطا أن يكون هناك وعي جماعي بأهمية التغيير والإصلاح، وأن هذا التغيير لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها بل يحتاج إلى عمل دؤوب ومستمر.
واكد توفيق على أن أحد أهم الجوانب التي يجب التركيز عليها هو تعزيز ثقافة الحوار والتسامح داخل المجتمعات الإسلامية من خلال العمل على بناء جسور التواصل بين مختلف الطوائف والمذاهب لتقوية الوحدة الإسلامية والحد من التفرقة والفتن، مشيرا الى أن هذه الوحدة هي المفتاح لتحقيق الاستقرار والتنمية في الدول الإسلامية.
وأضاف أن تعزيز دور المرأة في المجتمع يعد عنصراً أساسياً في عملية النهضة. فالمرأة المسلمة يجب أن تحظى بالفرص المتساوية في التعليم والعمل والمشاركة في الحياة العامة، وتمكين المرأة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق التنمية الشاملة وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
من ناحية أخرى، أوضح المتدبر في كتاب الله اخلاص توفيق انه يجب أن نعمل على تحسين الصورة العامة للإسلام والمسلمين في العالم، مع ضرورة ان يلعب الإعلام دوراً حيوياً في تشكيل الرأي العام، ويجب أن نستغل هذا الدور لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتعزيز الصورة الإيجابية للإسلام كدين يدعو إلى السلام والعدل والتسامح.
وأشار توفيق إلى أن النهوض بالأمة الإسلامية يتطلب رؤية مستقبلية شاملة تتضمن إعادة بناء الهوية الثقافية والدينية على أسس صحيحة ومعتدلة، بالإضافة إلى تعزيز التعليم والبحث العلمي، وتمكين المرأة، وتطوير الأنظمة السياسية لتكون أكثر عدالة وشفافية، معتبرا إن هذا المسار الشاق والطويل يحتاج إلى صبر وإصرار وإيمان بأن التغيير ممكن، وبأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل إذا ما تضافرت الجهود وتوحدت الرؤى نحو هدف مشترك هو رفعة الأمة الإسلامية وازدهارها.