في رده على مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي “المسؤولية المشتركة في نبذ الروايات المختلقة”، تناول الباحث العراقي ومدير التعليم الإسلامي السني في العراق، الدكتور أحمد العاني، الخلافات بين المسلمين، وقدم رؤى عميقة حول الأسباب الحقيقية للفرقة والفتنة الداخلية بين المسلمين.
استهل الدكتور العاني ملاحظاته بالإشادة بالمفكر علي محمد الشرفاء، وقال إن آراءه تسلط الضوء على التحديات الأساسية التي تواجه الأمة الإسلامية. وأثنى العاني على جهود الشرفاء في تسليط الضوء على تحريف السنة النبوية وأثره السلبي على وحدة المسلمين وتضامنهم. ويرى العاني أن الشرفاء يدعو إلى الحوار البناء من خلال العودة إلى الأسس الإسلامية الصحيحة من القرآن والسنة، مما يساهم في بناء مجتمع إسلامي قوي بوحدة الصف والتضامن.
يبدأ العاني بتوضيح أن الفهم الإنساني للقرآن محدود بسقف المعرفة المتاح في كل زمان ومكان، وأن هذا الفهم ليس دينًا بحد ذاته ولا يمكن اعتباره صالحًا لكل زمان ومكان، مشيرا إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، رغم مكانته العظيمة، لم يمتلك الفهم الكامل والمطلق للقرآن الذي يجعله شريكًا لله في المعرفة الكلية، ولو كان فهمه كاملاً ومطلقًا، لكان كافيًا للمسلمين في كل زمان ومكان، مما يلغي الحاجة إلى التدبر المستمر للقرآن.
يؤكد العاني أن التلاوة تختلف عن القراءة وفق قواعد اللغة العربية، ولذلك يجب علينا أن نتلو القرآن بتدبر وليس فقط قراءة ما فهمه الرسول من آيات الذكر الحكيم، إذا كان لدينا كتاب يحتوي على المفاهيم التي استنبطها النبي من القرآن، فإنه لا يحق لنا تأويل أو تفسير هذه المفاهيم، بل يجب علينا الالتزام بها كالفهم النهائي والتفسير الوحيد لآيات الله.
يشدد العاني على أن المفاهيم التي استنبطها النبي الكريم من القرآن هي الفهم النهائي والتفسير الوحيد للكتاب المقدس، وأنه لا يحق لأي شخص أن يضيف مفاهيم جديدة أو يبتكر تفسيرات تختلف عما فهمها الرسول.
يرى أن هذا الفهم هو الوحيد الصالح لكل زمان ومكان، وأنه لضمان عدم اختلاف المسلمين بعد وفاة الرسول، كان يجب على النبي والخلفاء الراشدين تدوين هذه المفاهيم في كتاب مستقل.
ينتقد العاني الردود التقليدية التي تقول إن السنة النبوية لم تُدوّن مع القرآن خوفًا من اختلاطها به، ويعتبر أن النبي والخلفاء الراشدين كانوا على وعي تام بأهمية هذا الأمر. كان من المفترض أن يُوحي الله إلى النبي بتدوين سنته بشكل مستقل عن القرآن، وأن يمنحه من العمر ما يكفي لإتمام هذا الأمر.
يؤكد العاني أن الله حكيم وعليم بكل شيء، وأنه أكمل الدين بإكمال القرآن الكريم، معتبرا أن القول بأن السنة مكملة للدين يتعارض مع تصريح الله بأنه أكمل الدين، ويرى أن أي محاولة لتقديم السنة كجزء أساسي ومكمل للدين تشكل تجاوزًا على كمال القرآن.
يدعو العاني إلى احترام عقل الإنسان وضرورة التفكر والمنطق في فهم الدين، مؤكدًا أن الإيمان يجب أن يستند إلى الحجة والبرهان، معتبرا أن كثيرًا من الناس ورثوا مفاهيم خاطئة عن الإيمان والدين، مشددا على ضرورة إعادة النظر في هذه المفاهيم وتجنب تقديس الأشخاص والنصوص التي ليست من عند الله.
يختم العاني بالتأكيد على أن ثوابت الدين والمفاهيم الكبرى مذكورة بوضوح في القرآن الكريم، وأن الله لم يعطِ الصلاحية لأي إنسان أن يصوغ ثوابت للدين من خارج القرآن، ويرى أن الالتزام بما جاء في كتاب الله هو السبيل الوحيد لتحقيق الفهم الصحيح للدين وتجنب الفتن والخلافات التي نشأت بسبب الروايات المختلقة.
بهذا الرد، يعبر الدكتور أحمد العاني عن موقفه الداعم لرؤية المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، مؤكداً على ضرورة العودة إلى الأصول الحقيقية للإسلام وتنقية المفاهيم الدينية من الروايات الملفقة التي أثرت سلبًا على وحدة المسلمين.