في رده على مقال “دعوة لمجتمع العدل والرحمة” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، يفتح الدكتور صلاح حميد، أستاذ الفقه بالجامعة الإسلامية في العراق، نافذة نقاش جديدة حول الإسلام ودوره في المجتمع الحديث. يتساءل د. حميد: هل جاء الإسلام لخدمة وإصلاح الإنسان والمجتمع، أم كان سببًا في التخلف والاستعباد؟ ويعرض وجهة نظر تشرح كيف أن الدين الذي بين أيدي المسلمين اليوم قد يكون بعيدًا عن الدين الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء.
واضاف الدكتور حميد أن الشرفاء يؤكد في مقاله على أن الإسلام في جوهره هو دين يرفع من شأن الإنسان ويدعم بناء مجتمع متعاون يعمل ضد الظلم ويسعى إلى تحقيق الرحمة والعدل بين الناس، مع التأكيد على أن الدين الحقيقي لا يكره، يبني ولا يهدم، ويدعو إلى التجديد والتطور المستمر لمواكبة التحديات المعاصرة.
يعتبر الدكتور حميد أن الدين، كما يُفهم ويُمارس في كثير من الأحيان اليوم، قد انحرف عن جوهره الأصلي وأصبح أداة للسلطة والتحكم، بعيدًا عن العدل والرحمة اللذين يعتبرهما من القيم الأساسية في الإسلام. وفقًا للدكتور حميد، فإن الإسلام الحقيقي يجب أن يكون مصدر إلهام للعدالة ويحفز على التعاون والتكافل الاجتماعي، وليس مجرد دين يُستغل لتبرير الأفعال السلطوية أو القمعية.
يستشهد بتعاليم القرآن الكريم التي تؤكد على العدل والرحمة، وينتقد الأساليب التي يتم بها استغلال الدين لأغراض سياسية أو فئوية، مما يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام. يتطرق إلى مفهوم الجهاد في الإسلام، موضحًا أن الجهاد الحقيقي هو جهاد النفس والدفاع عن العدل، وليس القتال وسفك الدماء الذي يتم الترويج له غالبًا تحت مسميات دينية.
يطرح د. حميد أسئلة حول الطريقة التي يمكن بها إعادة تقديم الإسلام كدين يخدم الإنسانية ويعزز من قيم العلم والمعرفة، مشيرًا إلى ضرورة تجديد الفكر الديني وتعزيز دور العقل والمنطق في تفسير النصوص الدينية. يؤكد على أن الدين الذي لا يدعم التقدم العلمي ولا يحترم حقوق الإنسان والمرأة، ولا يعزز من مكانة التعليم، لا يمكن أن يكون الدين الذي أراده الله للبشرية.
بالإضافة إلى ذلك، يناقش الدكتور حميد الدين الذي يتم استغلاله لأغراض سياسية ويُستخدم كأداة للتحكم في الجماهير، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الدين يختلف كثيرًا عن الإسلام الذي يدعو إلى التفكير والتدبر ويشجع على التفاعل الإيجابي مع التحديات المعاصرة.
يخلص الدكتور حميد إلى أن الحاجة ماسة لإعادة تقييم الطريقة التي يُفهم بها الإسلام ويُطبق في العالم الحديث، داعيًا إلى دين يحترم العقل والروح معًا ويعزز من القيم الإنسانية الأساسية مثل العدل والرحمة والتسامح. يؤكد على أهمية التعليم والتفكير النقدي في إعادة تشكيل فهمنا للدين، بحيث يمكن للإسلام أن يكون قوة بناءة في العالم المعاصر، موجهًا نداءً للمسلمين لإعادة اكتشاف جوهر دينهم بعيدًا عن التأويلات الخاطئة والممارسات المغلوطة.