يعد كتاب “الإسلام دين الرحمة” للشيخ عبد الله بن بيه هو دراسة معمقة في أحد أكثر المبادئ أهمية في الإسلام، ألا وهو مبدأ الرحمة. الشيخ عبد الله بن بيه يقدم رؤية شاملة وموضوعية حول كيفية أن تكون الرحمة جزءًا أساسيًا من العقيدة الإسلامية، وأساسًا في التعامل بين الناس. هذا الكتاب يجد توافقًا كبيرًا مع مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي “دعوة لمجتمع العدل والرحمة”، حيث يتلاقى الاثنان في التأكيد على ضرورة إرساء قيم العدل والرحمة كأساس لبناء مجتمع سليم ومزدهر.
في كتابه، يؤكد الشيخ عبد الله بن بيه أن الرحمة ليست مجرد فضيلة أخلاقية يتبناها المسلمون، بل هي جزء من جوهر الدين الإسلامي. يُشير إلى أن الرحمة ليست فقط موجهة للمسلمين، بل هي شاملة وموجهة لجميع البشر، بل وحتى للمخلوقات الأخرى. القرآن الكريم يمتلئ بالآيات التي تبرز صفة الرحمة في الله سبحانه وتعالى وفي الرسالة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يقول الله تعالى في القرآن: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (الأنبياء: 107)، وهذه الآية تؤكد أن رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت تهدف بالأساس إلى نشر الرحمة بين البشر.
هذا المفهوم يتوافق تمامًا مع ما طرحه المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله، حيث يشير إلى أن العدل والرحمة هما الأساس الذي يجب أن يبنى عليه أي مجتمع سليم. الشرفاء يؤكد أن الإسلام جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، والظلمات هنا تمثل الظلم والقسوة والجور، بينما يمثل النور العدل والرحمة والسلام.
الشيخ عبد الله بن بيه يوضح في كتابه كيف أن الرحمة يجب أن تكون الأساس في التعامل بين المسلمين وبين غير المسلمين أيضًا. الإسلام لم يأتِ لفرض القوة أو القسوة على الآخرين، بل جاء ليحقق السلم والسلام بين الناس. يشير الكتاب إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان مثالاً حيًا للرحمة في تعامله مع الناس، حتى مع أعدائه. يُستشهد بن بيه بأمثلة عديدة من السيرة النبوية التي توضح كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعفو عن أعدائه ويُظهر لهم الرحمة، مؤكدًا أن هذا هو النموذج الذي يجب أن يُحتذى به.
علي محمد الشرفاء في مقاله يسلط الضوء على نفس النقطة، حيث يرى أن الإسلام يجب أن يكون دينًا للرحمة والعدل، وأنه لا ينبغي أن يُفهم الجهاد على أنه دعوة للعنف أو القسوة، بل هو وسيلة لتحقيق العدل والسلام ودفع العدوان. يرى الشرفاء أن بعض المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والتي ارتبطت به نتيجة لتفسيرات مغلوطة، قد ساهمت في تشويه صورة الإسلام وجعلته يبدو دينًا يدعو للعنف. ولهذا يدعو إلى ضرورة تصحيح هذه المفاهيم وإبراز الوجه الحقيقي للإسلام كدين رحمة وعدل.
يركز الشيخ عبد الله بن بيه في كتابه على مفهوم التعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين، ويعتبره جزءًا من الرحمة التي يدعو إليها الإسلام. يشير إلى أن الإسلام يعترف بالتعددية الدينية ويقر بحق كل فرد في اختيار دينه. القرآن الكريم يوضح هذا المبدأ في عدة آيات، منها: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ” (البقرة: 256)، مما يعني أن الإسلام لا يسعى لفرض معتقداته على الآخرين بالقوة، بل يدعو إلى الحوار والتفاهم.
هذا المبدأ يتلاقى مع دعوة علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله إلى مجتمع يقوم على العدل والرحمة، حيث يرى أن المجتمع الإسلامي يجب أن يكون مثالاً للتعايش السلمي بين جميع أفراده، بغض النظر عن دياناتهم أو معتقداتهم. الشرفاء يؤكد أن الإسلام يدعو إلى احترام حقوق الآخرين والعيش معهم بسلام، وهو ما يتفق مع ما يدعو إليه بن بيه في كتابه.
من النقاط الرئيسية التي يتناولها الشيخ عبد الله بن بيه في كتابه هي أن الرحمة يجب أن تكون أيضًا جزءًا من منظومة العدالة في الحكم. الإسلام لا يفصل بين الرحمة والعدل، بل يجعلهما مرتبطين ببعضهما البعض. يشير بن بيه إلى أن العدل بدون رحمة قد يتحول إلى قسوة، بينما الرحمة بدون عدل قد تتحول إلى فوضى. لذلك، يجب أن يسير الاثنان معًا لضمان تحقيق التوازن في المجتمع.
هذه الفكرة تجد صدى كبيرًا في مقال علي محمد الشرفاء الحمادي، حيث يدعو إلى بناء مجتمع يقوم على العدل والرحمة. الشرفاء يؤكد أن الإسلام يدعو إلى حكم قائم على العدل، ولكنه في نفس الوقت لا يغفل عن ضرورة الرحمة في التعامل مع الناس. الحكم الذي يعتمد على القسوة أو الظلم لا يمكن أن يكون إسلاميًا، لأنه يتعارض مع مبادئ الإسلام التي تقوم على العدل والرحمة.
يشير الشيخ عبد الله بن بيه في كتابه إلى أن الرحمة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال العلم والمعرفة. الجهل هو العدو الأول للرحمة، لأنه يؤدي إلى التعصب والعنف. لذلك، يدعو بن بيه المسلمين إلى السعي للعلم والمعرفة وتطوير أنفسهم في جميع المجالات، حتى يكونوا قادرين على نشر الرحمة والعدل في المجتمع.
هذا المفهوم يتفق مع ما طرحه علي محمد الشرفاء الحمادي، حيث يرى أن أحد أسباب التخلف الذي يعاني منه العالم الإسلامي اليوم هو الجهل واتباع التراث الباطل. الشرفاء يؤكد أن الإسلام يدعو إلى العلم والعمل والاستفادة من القوانين التي وضعها الله في الكون، وأنه بدون العلم لا يمكن للمجتمعات الإسلامية أن تحقق الرحمة والعدل.
يختتم الشيخ عبد الله بن بيه كتابه بتأكيده على أن الرحمة ليست مجرد فضيلة فردية، بل هي وسيلة لإصلاح المجتمع ككل. الرحمة يجب أن تكون جزءًا من النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ويجب أن تُمارس في جميع مجالات الحياة. بن بيه يرى أن المجتمع الذي يقوم على الرحمة هو مجتمع قوي ومستقر، قادر على مواجهة التحديات وتحقيق التقدم.
هذه الفكرة تتماشى مع دعوة علي محمد الشرفاء الحمادي إلى بناء مجتمع يقوم على العدل والرحمة. الشرفاء يرى أن المجتمع الإسلامي يجب أن يكون نموذجًا للرحمة والعدل، وأنه من خلال تطبيق هذه المبادئ يمكن للمجتمع أن يتقدم ويزدهر. يؤكد الشرفاء أن الرحمة ليست ضعفًا، بل هي قوة تدفع المجتمع نحو التقدم وتحقيق السعادة للجميع.
في الختام، يمكن القول إن كتاب “الإسلام دين الرحمة” للشيخ عبد الله بن بيه يتفق بشكل كبير مع الأفكار التي طرحها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “دعوة لمجتمع العدل والرحمة”. كلاهما يدعو إلى ضرورة إرساء قيم الرحمة والعدل كأساس لبناء مجتمع سليم ومتوازن. من خلال التركيز على الرحمة كجزء من جوهر الدين الإسلامي، يؤكدان على أهمية التعايش السلمي والعدل والرحمة في تحقيق الاستقرار والسعادة في المجتمع. هذه الأفكار ليست فقط ضرورية للمسلمين اليوم، بل هي أيضًا رسالة للعالم أجمع حول جوهر الإسلام كدين للرحمة والسلام.