نستعرض لكم باب فوائد الزكاة من كتاب ” الزكاة في الإسلام في ضوء القرآن والسنة” للكاتب (سعيد بن وهف القحطاني) حيث عدد القحطاني فوائد الزكاة في عدد من النقاط منها
١ – إتمام إسلام العبد؛ لأنها أحد أركان الإسلام، فإذا أدى العبد الزكاة المفروضة تم إسلامه وكمل، وهذا غاية عظيمة لكل مسلم, فكل مسلم مؤمن يسعى لإكمال دينه
٢ – حصول طاعة الله بتنفيذ أمره: رجاء ثوابه وخشية عذابه، وابتغاء رضوانه.
٣ – تثبيت أواصر المحبة بين الغني والفقير؛ لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.
٤ – تطهير النفس وتزكيتها، والبعد بها عن خُلُق الشح والبخل، كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قول الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)
٥ – تعويد المسلم على صفة الجود، والكرم، والعطف على ذوي الحاجات؛ والرحمة للفقراء.
٦ – حفظ النفس عن الشح، قال الله تعالى(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون)
٧ – استجلاب البركة والزيادة والخلف من الله تعالى، كما قال – عز وجل -:
(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
٨ – برهان على صدق إسلام مخرجها
٩ – تشرح الصدر، فالمسلم إذا أحسن إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال، وأنواع الإحسان انشرح صدره؛ فالكريم المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً، والبخيل الذي لا يحسن أضيق الناس صدراً، وأنكدهم عيشاً، وأكثرهم همًّا وغمًّا، لكن لا بد من العطاء بطيب نفس، ويخرج المال من قلبه قبل أن يخرجه من يده
١٠ – تُلحق المسلم بالمؤمن الكامل. فكما أن المسلم يحب أن يبذل له المال الذي يسد به حاجته، فهو يحب أن يحصل لأخيه مثل ذلك، فيكون بذلك كامل الإيمان.
١١ – تجعل المجتمع المسلم كالأسرة الواحدة، يرحم القوي القادر الضعيف العاجز، والغني يحسن إلى المعسر، فيشعر صاحب المال بوجوب الإحسان عليه كما أحسن الله إليه، قال الله تعالى: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ) . فتصبح الأمة الإسلامية كأنها عائلة واحدة.
١٣ – تطفئ حرارة ثورة الفقراء؛ لأن الفقير قد يغضب، لما يرى من تنعم الأغنياء، فإذا جاد الأغنياء على الفقراء كسروا ثورتهم وهدؤوا غضبهم.
١٤ – تمنع الجرائم المالية مثل: السرقات، والنهب، وما أشبه ذلك؛ لاستغناء الفقراء عن هذه الجرائم بإعطائهم الزكاة، أو بالصدقة والإحسان إليهم.
وهذه الأمور تتفق مع ما قاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابه ” الزكاة .. صدقة وقرض حسن ” . حيث أشار الي ان تشريع الله سبحانه وتعالى لم يكن خاصية لأحد سواه رب العالمين، فالتشريع هو خصيصة إلهية، إذ لا يجوز لأحدأن يشرع من تلقاء نفسه ، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن يتكلم بما ينزله الله عليه من آيات كريمة .
وهكذا يوضح لنا المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابه ” الزكاة .. صدقة وقرض حسن ” .حيث يرى الكاتب أنه هنا تبرز خصوصية النبي، فلم يكن النبي علية الصلاة والسلام ينطق عن هواه أبدا: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ فالنبي ما كان إلا مبلغا عن ربه ما أراده الله تعالي تشريعا لعباده. وفق قوله تعالي :﴿ مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ ، وقوله تعالي أيضا ﴿ إِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، وقوله تعالي أيضا ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾، وقوله تعالي أيضا ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾، وقوله تعالي أيضا ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، وقوله تعالي أيضا ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان خير من أرسله الله للناس كافة لمهمة توصيل الخطاب الإلهي . واضاف المفكر على محمد الشرفاء في معرض كتابه أن الزكاة لم تكن تشريعا من الرسول صلي الله عليه وسلم، بل أمرا بالتشريع من الله سبحانه، قال تعالي: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾، وقوله تعالي أيضا ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾ وأضاف الشرفاء انه هنا لا ينحصر هدف الزكاة في صلاح المجتمعات وإعمارها فحسب، بل يتجاوز هدف الزكاة لما هو أبعد من ذلك، حين يكون هدفها ضمن ما أهداف عليا هو تربية النفس وإعلاء وتيرة السمو الانساني والروحي لدى المسلم، حين تكون آثار الزكاة وقائية علاجية للجوانب الروحية لما قد ينتاب الانسان من الانزلاق في درك المادية القاتلة والأنانية وحب الذات، فقد يرتد إلى أسفل سافلين فينسى دوره ويضيع أمانته ويكون أول عوامل الانحطاط هو الغلو في حب المال، ذلك الحب الفطري المعقول الذي يعتبر من نعم الله على الإنسان حتى تعمر الأرض، قال سبحانه﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾
لكن الغلو يدفع الإنسان إلى الاكتساب وعدم الانفاق على المحرومين، وبهذا يتحول من إنسان سوي متزن منسجم مع فطرة الاعتدال، إلى إنسان مادي لا يستشعر آلام المحرومين والفقراء
كما أشار القحطاني في كتابة الزكاة في الإسلام في ضوء القرآن والسنة الي ان أيضا الزكاة تمكن المسلم من النجاة من حرِّ يوم القيامة؛ لحديث عقبة ابن عامر – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: كلُّ امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس
كما أضاف القحطاني ان الزكاة تعين المسلم على معرفة حدود الله والفقه في دينه تعالى؛ لأن المسلم لا يؤدي زكاته إلا بعد أن يعرف أحكامها، وأموالها، وأنصابها، ومستحقها، وإثم من منعها، وفضل من أداها، وغير ذلك مما تدعو الحاجة إليه. وأشار أيضا الي انها سبب لنزول الخيرات ودفع العقوبات لان أداء الزكاة من شكر النعم، وشكر النعم سبب لزيادتها؛ لقول الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) فمضاعفة الأجر عند الله تعالى تتجيلي ؛ لقول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
كما أشار القحطاني في كتابة الي ان الزكاة وقاية صاحب المال من العذاب به؛ فإن الذي لا يؤدي زكاة ماله يعذب بماله في الآخرة، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ*يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)