الملخص
يقدم المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي في هذا الموضوع نقدًا قويًا ومتعمقًا للتأثيرات السلبية التي خلفتها الروايات والتفسيرات المختلفة للنصوص الدينية في الإسلام، وكيف أدى ذلك إلى الفرقة والنزاع بين المسلمين.
كما يعرض المفكر العربي علي الشرفاء وجهة نظر تتهم التأويلات المتعددة للإسلام بأنها ساهمت في إبعاد المسلمين عن القرآن وأساسيات الدين الصافية، مما فتح المجال أمام استغلالات خارجية وداخلية تضر بالأمة ككل.
وفي هذه القراءة النقدية، يشدد المفكر علي الشرفاء على الحاجة الماسة إلى تحرير العقول من سطوة هذه الروايات التي تُستخدم لخلق تصادم فكري ومادي بين المسلمين. يرى أن هذا الانقسام والصراع ليس إلا خدمة لأعداء الأمة الذين يستفيدون من النزاعات الداخلية لتحقيق مصالحهم الخاصة.
ما يمكن استخلاصه من النص هو دعوة واضحة إلى إعادة التمسك بالقرآن كمصدر أساسي ووحيد للتشريع والفهم الديني في الإسلام، دون الاعتماد المفرط على الروايات التي قد تكون مصدرًا للفتنة والانقسام. كما يحث المسلمين على استعادة جوهر الدين والرجوع إلى القرآن للبحث عن الهداية والحكمة، داعيًا إلى تجاوز الخلافات الطائفية والمذهبية التي شتتت شمل الأمة وأضعفتها.
كيف استطاع اليهود استغلال تأثير الروايات على وحدة المسلمين واستقرارهم
لقد استكتب اليهود علماءهم وحثوا الناس على قراءتها، وسخروا المال على الدعاية لقراءتها ووضعوا للرواة مكانة المرجعية للإسلام ليكونوا المصدر الأساسي لاستنباط فقه العبادات والمعاملات. وأضافت الروايات بعدا آخر في خلق الالتباس والبلبلة عند المسلمين حين خلقت مصادر متعددة وكل مصدر له رواياته فترتب على ذلك ظهور مرجع متعددة ومتناقضة أوجدت سوء الفهم وبالتالي حالة سوء التفاهم، ويلي نـ التصادم الفكري والمادي لينشغل المسلمون أيضًا بادعاء كل طائفة بأنها الفرقة الناجية ويحدث النزاع بينهم ويتحول إلى الاقتتال كما يحدث اليوم.
الانقسامات والصراعات الطائفية.. تاريخ طويل من الفرقة والاقتتال بين المسلمين
مسلسل مستمر منذ أربعة عشر قرنا والعدو يجني ما زرع ويستمر في استغلال الأرض ونهب الثروات والقوم في غيهم ونزاعاتهم منشغلون يؤدون خدمة جليلة لأعدائهم والمتربصين بهم. وأصبحت تلك الروايات أساسا للخطاب الديني السني والشيعي وغيرهم من الطوائف والفرق الأخرى بعدما ضربت الفرقة خنجرا مسموما بين المسلمين حين تولدت حالة من العداوة الشرسة فيما بينهم ترتب عليها الصدام المسلح. ظل المسلمون يقتتلون مع بعضهم البعض إضافة إلى الاقتتال الفكري من جدال وتفلسف ومقارعات أضاعت السنين فيما لا جدوى منه، وأدت إلى هجر القرآن.
التأثيرات الخارجية ودورها في تحويل مسار الأمة.. استشراف قرآني وواقع معاصر
وتحقق لليهود ما أرادوا، عزل القرآن عن حياة المسلمين واتباع المنهج الإلهي وإن الشواهد اليوم التي نعيشها تؤكد إدانة الآيات القرآنية لليهود وبني إسرائيل. وهو التحذير الإلهي الذي استبق المستقبل بالحكمة الإلهية.
ونحن نشاهد اليوم أن الإسرائيليين يحكمون العالم ويتحكمون في اقتصادياته وفي إعلامه ويثيرون الحروب من أجل تعظيم قدراتهم المالية، ذلك السلاح الذي استطاعوا به التحكم في مقدرات الشعوب وخلق الثورات وإفساد الأخلاق. فقد أدائهم الله بقوله سبحانه: ﴿كَانُوا لا يتنا هونَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة: ٧٩). كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى اللَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الْكَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السبيل) (النساء: ٤٤). وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحْرِفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مسمع وَرَاعِنَا ليا بِأَلْسِنتَهم وطعنا في الفين ولو أنهم قالُوا سَمِعنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعُ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقومَ وَلكِن لَّعَنْهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء: (٤٦).
الصراع بين النص القرآني والروايات.. دعوات لتحرير العقول ومواجهة التحديات
وكلما برز على الساحة بعض المفكرين الذين يدعون الناس إلى تحرير العقول من طغيان الروايات المفتراة على الرسول انهالت عليهم الاتهامات من كل حدب وصوب ، خاصة من المؤسسات التي تسمى بـ الإسلامية » ، وكان لديهم دین آخر غير الذي أنزل على محمد–مد في القرآن الكريم ، وهو أساس رسالة الإسلام ، وكأنهم يؤمنون بكتاب آخر غير القرآن الذي كلف الله به رسوله الكريم أن يتلوه على الناس ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ومقاصد الآيات الكريمة وما توضحه في المنهج الإلهي من تشريع وقيم وأخلاق تؤسس عليها المجتمعات الإنسانية ضوابط تنظم العلاقات بين البشر ، وتحدد مسؤولياتهم في مجتمعاتهم لتكون مصدراً للتشريع والقوانين حماية للمجتمعات من ظلم الناس لبعضهم والحفاظ على الحقوق ومن طغيان فئة على أخرى ، ليعيش الناس جميعاً في أمن وسلام.
تأثير الدعاية الإسرائيلية على الوعي العربي.. استهداف القرآن وتفرقة الأمة
وهكذا استطاعت الدعايات الإسرائيلية اختراق الأفهام وتغييب العقول حتى تمكنت من العرب المسلمين إلى درجة جعلتهم يهاجمون من ينبههم وينصحهم بعدم الاستسلام لسموم اليهود ؛ التي تسببت في التفرقة والحروب بين العرب ، حروباً أكلت الأخضر واليابس على مدى أربعة عشر قرناً ، وذلك يدل على أن اليهود استطاعوا أن يغيبوا عقول العرب المسلمين إلى درجة استهداف كتاب الله الذي نقله رسوله عن ربه رحمة للعالمين ، ولتخليصهم من الجهل والجهالة ، وتحريرهم من عبادة الأصنام ، ودعوتهم للقراءة والعلم ؛ ليحملوا الشعلة السماوية المتمثلة في القرآن الكريم ، ليضيء بها عقول البشر ، ولتسعى في تسخير نعم الله في الأرض لصالح الإنسان وإسعاده ، وترسيخ العدل والفضيلة والسلام والأمان بين الناس.
استراتيجيات التضليل وأثرها على الوعي الإسلامي
لذلك استطاعوا زرع الروايات الإسرائيلية على لسان الصحابة على أنها أحاديث الرسول- عليه السلام- كذباً وافتراء، فانطلت الخدعة على المسلمين، ونجحت خططهم الجهنمية والشريرة في صرف المسلمين عن كتابهم الذي يهدي للتي هي أقوم، تأكيداً لقوله تعالى: إن هذا القرآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقومُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ اللَّذِينَ يعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَن لَهُمْ أَجْرًا كَبيرا) (الإسراء: ٩). وشاركهم في تنفيذ نفس مخططهم الخبيث علماء المجوس الذي أخذتهم العزة بالإثم حينما استطاع المسلمون بأعدادهم القليلة مقارنة بجيش الفرس بقيادة «رستم» أن يهزموا الإمبراطورية الفارسية، ويتسببوا في سقوطها، فقرروا الانتقام من العرب المسلمين عندما اكتشفوا أن انتصار المسلمين عليهم لم يكن سبب القوة العسكرية أو كثرة العدد.
تزييف الحقائق الدينية
ولكن ما يحملونه في عقولهم وقلوبهم من إيمان بما أنزله الله عليهم في كتاب كريم ، وهو القرآن ، سر الانتصار ، فاتخذوه هدفاً ، ليصرفوا المسلمين عن الخطاب الإلهي ، القرآن الكريم ، بدفع بعض علمائهم للدخول في دين الإسلام ليتعرفوا على أسراره ، ويكتشفوا مواطن الضعف عند المسلمين ، ليستطيعوا أن يوجهوا سهامهم المسمومة إليه ، فاتخذوا نفس تخطيط اليهود باستخدام الحروب النفسية ، معتمدة على الشائعات واختلاق ، الروايات ، ونسبوها إلى صحابة الرسول الذي أحاطوهم بهالة من القدسية لمحاولة الإيحاء للمتلقي بتصديق رواياتهم ، ومن أجل أن تكون للروايات المفتراة على الرسول المصداقية ، ليؤمن بها الناس ويجعلوها مصدراً من مصادر الدين على الناس اتباعه.
تقييم الخطاء والصواب في الروايات الإسلامية