قبل بضع ساعات من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، نشر جيش الإحتلال الإسرائيلي منشورات في مناطق متعددة من القطاع، تحمل رسائل ذات طابع “نفسي وساخر”. لماذا اختاروا هذا التوقيت قبل أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ؟.
هذا وانسحب جيش الإحتلال الإسرائيلي من مدينة رفح الواقعة في جنوب قطاع غزة، متوجها نحو “معبر فيلادلفيا” الذي يقع على الحدود بين مصر وقطاع غزة.
ما الغرض من هذه الخطوة؟ وكيف يستعد القطاع لتنفيذ الهدنة؟
يقول الدكتور منير أديب، الخبير في الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، في تصريحات خاصة لـ”رسالة السلام”، أن أحد شروط الهدنة الموقعة بين حماس وإسرائيل هو الانسحاب من محور فيلادلفيا، مشيرا إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أعلن فيها أن إسرائيل لن تنسحب من هذا المحور، مما يعني أنها ستستمر في القتال.
ويري الدكتور منير أديب إن هذه التصريحات قد تهدف إلى إرضاء الرأي العام الإسرائيلي الذي يبدو متأثراً من توقيع هذا الاتفاق، أو من إعلان هذه الهدنة. لذا، يسعى إلى الحفاظ على وحدة الائتلاف الحكومي وضمان عدم انسحاب غوتيريش أو بن غفير من الحكومة، مما قد يؤدي إلى انهيارها، ولذلك نشعر بالدهشة. بتصريحات لها علاقة بأن الحرب ما زالت مستمرة بأن إسرائيل في محور فيلاديلفيا والانسحاب لن يكون من كامل الأراضي التي اُحْتُلَّت في قطاع غزة.
وأشار إلى أن الدافع وراء هذه الخطوة قد يكون الضغط على القاهرة، بحيث تضغط الأخيرة على أحد الأطراف، وخاصة حماس. وقد توجد تفسيرات متعددة وراء هذه الخطوة، لكن هذا هو تقديري، كما أن نتنياهو قد أبرم اتفاقاً لوقف إطلاق النار.
أما تصريحاته حول بقاء القوات الإسرائيلية في مياه نتساريم، الهدف من ذلك، كما أُشِير إليه، هو تلبية تطلعات الرأي العام الإسرائيلي، ويُعتبر من المهم ترميم معنويات الإسرائيليين، خصوصًا في ظل شعورهم بالانكسار بعد توقيع هذا الاتفاق.
وأوضح دكتور منير أديب أن نتنياهو يسعى لإظهار نفسه كبطل أمام الشعب الإسرائيلي، مؤكدا أن نتنياهو لن يلتزم بالاتفاق الذي وقع عليه، خاصةً بعد أن أعلن سابقًا أنه حصل على وعد من الولايات المتحدة الأمريكية بأنه سيستمر في القتال بعد انتهاء المرحلة الثالثة من الهدنة. واعتبر أن هذه الهدنة ليست نهاية للحرب، بل هي مجرد وقف لإطلاق النار، حيث يفضل استخدام مصطلح “هدنة” الخاصة بتبادل الأسرى.
وأضاف أن بنيامين نتنياهو لا يتطرق إلى موضوع وقف إطلاق النار، وأعتقد أن إسرائيل ستنتهك هذه الهدنة إلى حد بعيد، فإسرائيل معروفة بأنها ستخالف الهدنة على نحو متكرر، كما فعلت مع الفلسطينيين وغيرهم.
وأشار إلى أن الاتفاق الذي وُقِّع مع الحكومة اللبنانية تواجه إسرائيل العديد من الانتهاكات، إذ لم تنسحب حتى الآن وفق الاتفاق الذي أبرم بينها وبين الحكومة اللبنانية، ويوجد ضامنين دوليين لهذا الاتفاق، مما يعد من أبرز الخروقات التي ترتكبها إسرائيل، وتعكس هذه التصرفات طبيعة الحكومة المتطرفة التي تتبناها.
ومن المعروف طبيعة الإسرائيليين التي تتميز بشكل عام، وكذلك الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بأنها غالبًا ما تخترق الاتفاقيات التي أبرمتها مع القاهرة ولبنان ودول عربية أخرى، أو حتى مع السلطة الفلسطينية وحماس، إذ لم تلتزم بتلك الهدن.
واختتم الدكتور منير أديب، مؤكداً أن الفلسطينيين ينتظرون تنفيذ الهدنة بموجب الاتفاق، ويرجح عدم حدوث خروقات من جانبهم. الفلسطينيون يرحبون بهذا الاتفاق ويلتزمون بما وُقِّع ومع ذلك، قد تسعى حماس لإظهار انتصارها، مما قد يدفعها لخرق الاتفاق عبر ارتداء الملابس العسكرية أو إطلاق بعض النيران أو الاحتفال بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين. وهذا قد يُعتبر تحدياً من قبل إسرائيل، مما قد يؤدي إلى ردود فعل من جانبها على تلك الاحتفالات. حماس على التحديد؛ لأنها تريد أن تظهر وكأنها المنتصر في هذه الحرب.