لا شك أن إتمام المفاوضات يُعد إنجازًا عظيمًا، وقد آن الأوان للشعب الفلسطيني أن يلتقط أنفاسه. ولكن هل سيخضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لذلك؟ وبخصوص آخر المستجدات، هل الانسحاب من محور فيلادلفيا يُعد أولوية في المرحلة الأولى من مباحثات وقف إطلاق النار؟
قال اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجي، في تصريح لـ”رسالة السلام”، إن إسرائيل ستخرج من محور فيلادلفيا، وهي تسعى فقط
لتركيب بعض أساليب المراقبة، مشيرًا إلى أن هذا لا يعني شيئًا ذا أهمية. وأكد أن الممر ليس له قيمة عسكرية تُذكر، ولذلك لا مانع من تركيب كاميرات مراقبة، مشددًا على أن الموضوع قد انتهى، وأن التوقيع على وقف إطلاق النار سيتم صباح الأربعاء.
أما بشأن مراوغة نتنياهو لفشل المفاوضات، وهل سيوافق على إتمام المفاوضات ووقف إطلاق النار أم سيناور حتى تنصيب دونالد ترامب؟ أوضح اللواء سمير فرج أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد وافق على إتمام المفاوضات ووقف إطلاق النار، مضيفًا أنه في حال عدم موافقته، فإن دونالد ترامب سيقطع عنه كافة أشكال الدعم. وأشار إلى أن الاتفاقية ستُعرض يوم الثلاثاء على مجلس الوزراء المصغر وأسر الرهائن، وسيتم التوقيع عليها يوم الأربعاء.
من جهة أخرى، يرى الدكتور عمرو فاروق، الكاتب والباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، أن المفاوضات قد وصلت إلى المرحلة النهائية تقريبًا، رغم وجود تردد بين الطرفين. وأوضح أن حماس تنتظر رد الجانب الإسرائيلي، بينما يؤكد الجانب الإسرائيلي أنه ينتظر رد حماس، مما يُظهر أن هناك بعض القضايا الخلافية التي ما زالت عالقة.
وفيما يتعلق بملف حكم غزة بعد الحرب، وهل يؤدي ذلك إلى عرقلة التوصل إلى اتفاق، أكد الدكتور عمرو فاروق أن الملف لا يزال محل خلاف قائم، سواء بين الفصائل الفلسطينية أو بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأشار إلى أن حماس متمسكة بحكم غزة، بينما ترغب حركة فتح والإدارة الفلسطينية في أن تكون لها سيطرة داخل القطاع. وأكد أن غزة يجب أن لا تُفصل عن الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن حركة حماس اختطفت قطاع غزة على مدار السنوات الأخيرة، وهو أمر ترفضه منظمة التحرير الفلسطينية بشدة، حيث ترى ضرورة أن تكون شريكًا في إدارة القطاع.
وأضاف الدكتور عمرو فاروق أن هناك عدة سيناريوهات مطروحة، منها تشكيل لجنة خارجية ذات توافق إقليمي ودولي لإدارة القطاع بعيدًا عن السلطة الفلسطينية وحركة حماس، بما يتلاءم مع إعادة الإعمار في المرحلة القادمة، مع ضرورة وجود إشراف أممي. أما السيناريو الآخر، فهو الإبقاء على حكم حماس لقطاع غزة، ولكن وفق آليات محددة ترتبط فقط بقضية الرهائن، مما يعني أن مسألة حكم غزة قد تُؤجل في الوقت الحالي، حيث إن السيناريوهات مفتوحة والقرار مرهون بمدى استمرار الحرب.
وأشار الدكتور عمرو فاروق إلى أن التدخلات الخارجية تلعب دورًا محوريًا، وأن الأمم المتحدة قد يكون لها دور في هذا السياق. وأضاف أن الجانب المصري والقطري يضغطان لتسهيل المفاوضات، ولكن إسرائيل وأمريكا لديهما مشروع واضح يسعيان إلى تحقيقه داخل المنطقة العربية، وهو توسيع البقعة الجغرافية لدولة إسرائيل.
ولفت الباحث إلى أن ما حدث في سوريا ولبنان يمكن أن يُعد نموذجًا لما يجري الآن، حيث تم تقسيم سوريا وإضعاف حزب الله عبر الضغط عليه حتى تم إرجاعه وراء نهر الليطاني، مما أخرجه من المعادلة السياسية والعسكرية بشكل كامل. وأكد أن نفس الخطة تُطبّق الآن مع حركة حماس، بهدف تدمير بنيتها التحتية وتصفية قياداتها من الصفوف الأولى والثانية والثالثة، مما جعل الحركة تبدو غير مؤثرة وهلامية.
وأوضح أن إسرائيل تستخدم حماس دائمًا للضغط على الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن حجم الدماء والشهداء كبير جدًا، ولكن إسرائيل تتعمد ذلك لتنفيذ أهدافها، سواء من خلال التهجير القسري، حيث يخرج الفلسطينيون ولا يعودون، أو عبر الإبادة الجماعية غير المباشرة، مما يؤدي إلى تصفية العنصر البشري الفلسطيني تدريجيًا.